الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:33 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:20 PM
العشاء 8:41 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ثورات ملونة...

الكاتب: خيري منصور - القدس

لم تكن مفردة "ثورة" متداولة في تاريخنا السياسي . شأن مفردات عدة دخلت إلى القواميس بعد الحرب العالمية الثانية . وكانت كلمات مثل الفتنة والهوجة هي ما يستخدم للتعبير عن اندلاع حراكات شعبية . لهذا سُميت حركة أحمد عرابي المصرية "هوجة" وهي مشتقة من الهياج الشعبي، وحتى عندما استخدمت مفردة الثورة كانت تنحصر في نمطين من الحراك فهي إما بيضاء سلمية كما وصفت ثورة يوليو المصرية 1952 أو حمراء كما وصفت ثورات دموية، وأضافت الماركسية عبر مختلف أشكالها ومواقعها مصطلحات من طراز الثورة الدائمة والثورة المضادة .
لكن عصرنا الذي تفتنه الألوان أطلق ألوان قوس قزح كلها على حراكات شعبية بدءاً من شرقي أوروبا . وكأن التاريخ يخضع هو الآخر للتطور التكنولوجي بحيث يكون هناك تلفزيون ملون مقابل الأبيض والأسود . حتى كلمة فوضى المستقرة في كل معاجم العالم باعتبارها نقيضاً للنظام أو النّسق من أي نوع، تم التلاعب بها وأضيفت إليها صفة ليست من عالمها أو دلالاتها وهي الخلاقة .
وليس مهماً الطرف الذي يُنسب إليه هذا الاشتقاق سواء كان وزيرة خارجية أمريكية أو مستشرقاً يعمل في أحد مراكز الأبحاث المتعلقة بالشرق الأوسط . والأهم هو ما يسمى الآن استراتيجية التسمية . وهو علم لا يستخف به على الإطلاق . لأن هناك قضايا كبرى في التاريخ تتلخص أخيراً في اسم واحد، منها القضية الفلسطينية التي جعلت من الجغرافيا المقدسة حلبة صراع بين اسمين هما فلسطين أو إسرائيل.
وهناك ساسة من العرب خلطوا الكوميديا بالتراجيديا ومنهم من اقترح اسماً مركباً هو "إسراطين" .
إن توصيف الثورات بالألوان كأن تكون برتقالية أو ليمونية أو بنفسجية أو خضراء يتيح المجال لمزيد من التلاعب بتعريف الظواهر التاريخية . بحيث يبقى الباب مفتوحاً على مصراعيه للهواه ومَن يتسلون بلعبة الكلمات المتقاطعة .
وهناك على ما يبدو مَن صدقوا أن التاريخ بمعناه الكلاسيكي الذي عاش عدة ألفيات قد شاخ ودخل طور الاحتضار ثم تطوع موظف من أصل ياباني ليعلن نعيه الفوضى المدمرة ليست وصفة خاصة بالشرق الأوسط الذي وضع خلال العقدين الأخيرين على طاولة العمليات وتوغلت فيه مباضع الجراحين بدءاً بالأوسط الجديد حسب أطروحة بيريس حتى الأوسط الكبير تبعاً لوصفة كونداليزا رايس . لكن ما حدث هو أن محاولة قطّهِ بالقوة لكي يكبر فشلت لكنها قطعت الكثير منه.
أما محاولة تجديده بطبعه عبرية بمناسبة الاحتفال بمئوية سايكس-بيكو فقد اخفقت أيضاً . لأن الجغرافيا ليست كعكة رخوة، بقدر ما هي تاريخ تصلب في تضاريس .

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...