الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

نتنياهو والنزول عن شجرة العدوان على القطاع

الكاتب: حديث القدس – القدس

كان معروفا منذ البداية أن تداعيات الأحداث في الشرق الأوسط، خصوصا منذ ثورات الربيع العربي أن العدوان على غزة سيحدث عاجلا أم آجلا. فالحصار حول القطاع المتواصل منذ ثماني سنوات تم إحكامه وغلق كل المنافذ المؤدية لغزة برا وبحرا وجوا. كما أن العلاقات بين حماس والحكومة المصرية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي قد تدهورت. وبالتالي فإن انعكاسات هذه العلاقة ما تزال تؤثر على السياسة المصرية تجاه حركة حماس. وربما كان ذلك تحصيل حاصل، لكن إغلاق معبر رفح بهذا الشكل الكامل هو أمر غير مسبوق، خصوصا وأن الشعب الفلسطيني في غزة والذي هو في معظمه غير مسيس ولا ينتمي لحماس أو غير حماس هو المتضرر من هذا الإجراء، الذي يتنافى مع سجل العلاقات التاريخية والقومية ونضالات الشعب المصري من أجل قضية فلسطين، قضية العرب الأولى.
وقد صعد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو شجرة عالية وحدد سقفا مرتفعا ومستحيلا لأهداف عدوانه الحالي على القطاع. ومهما كانت نبرة التصعيد التي تعلو في المجتمع الاسرائيلي مرتفعة، فإنها نبرة غير عقلانية ومتهورة في أضعف التقديرات. ولن تتحقق هذه الأهداف إلا إذا دمرت غزة عن بكرة أبيها وهذه تصورات جنونية لا تخطر ببال إنسان يعيش في القرن الواحد والعشرين. وهي بحد ذاتها وصفة لجولات جديدة من الحروب لا يمكن أن تنتهي، وليس النصر فيها متوقعا لاسرائيل التي تعيش في بحر عربي وإسلامي لا يمكن أن يسكت على حروب الإبادة، والجرائم ضد الإنسانية التي نشاهد معالمها في قطاع غزة منذ ستة عشر يوما ومع قيام اسرائيل بشن عدوانها على القطاع.
ما يحدث في القطاع حاليا من مسلسل الإبادة للأطفال والنساء والشيوخ والرجال، وهدم بيوتهم على رؤوسهم يدل على فقدان أي إحساس إنساني وعلى العودة لعصور الحقد والكراهية التي كانت سائدة في العصور المظلمة والقرون الوسطى. ولا يمكن لأي معلق أن يتصور بأن مشاهد الأطفال والنساء وقد تحولوا إلى أشلاء، وتوالت صور الموتى منهم على شاشات التلفزة ووسائل الاتصال الاجتماعي، أن هذه المناظر التي تقشعر لهولها الأبدان تمر على عيون الاسرائيليين بردا وسلاما. فهذا يتنافى مع إنسانية البشر. وقد استندت اسرائيل في تبرير قيامها جزئيا أو كليا إلى ما عاناه اليهود خلال الحرب العالمية الثانية في ألمانيا النازية من تقتيل وإبادة عرقية. والسؤال هو : هل تم نسيان تلك الصفحة المظلمة من تاريخ اليهود، وأصبح الضحية سابقا يمارس القتل على هذا النحو البشع؟.
والسؤال الأهم هو : لماذا يفرض هذا الحصار المجرم، وفقا لكل المعايير والقوانين الدولية، على ما يقارب المليونين من البشر في القطاع؟ هذا الحصار هو جريمة ضد الإنسانية لو أن شعبا آخر غير الشعب الفلسطيني في القطاع تعرض له. ولماذا لا تفتح كل المعابر بشكل دائم ودون قيود أو شروط ليعيش الغزيون حياة حرة وكريمة. وإذا كانت اسرائيل أو مصر لديهما تحفظات أمنية بخصوص فتح المعابر، فمن الممكن معالجتها برقابة دولية على تلك المعابر بحيث تراقب شحنات البضائع الواردة والصادرة من القطاع، وتتوفر للغزيين في الوقت نفسه ممارسة حقوقهم الإنسانية في السفر والتنقل والتجارة والصناعة والعمل، ككل شعوب العالم؟.
ولماذا لا يقام ميناء لغزة ومطار للغايات المدنية، بإشراف دولي كذلك، يمنع وصول الأسلحة التي تتحفظ اسرائيل عليها منذ سنوات. ولا ننسى أن من يدير قطاع غزة والضفة الغربية في الوقت الحاضر هي حكومة الوفاق الوطني، التي يجب أن تتاح لها الفرصة لممارسة صلاحياتها في المعابر كأي حكومة معترف بها دوليا، في انتظار استقلال فلسطين كدولة حرة ذات سيادة على أرضها وسمائها ومعابرها ومياهها الإقليمية؟.
وعلى نتنياهو أن ينزل عن شجرة التصعيد غير الإنساني وغير المبرر التي صعد إليها. فاسرائيل تدفع ثمن مخططات دولية وإقليمية من دماء جنودها واستقرار مدنها وبلداتها. ومن الأفضل التعامل مع الشعب الفلسطيني وفقا للمبادىء والأعراف الدولية والاحترام المتبادل، والاعتراف بإنسانية الفلسطينيين وحقوقهم، بدلا من دفن الرؤوس في الرمال وتجاهل الحقائق الساطعة. ويكفي سفكا للدماء على الجانبين، ولتنته هذه الحرب المجنونة بما يحقق الحياة الكريمة للغزيين، والأمن للطرفين على حد سواء.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...