الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:10 AM
الظهر 11:44 AM
العصر 3:15 PM
المغرب 6:02 PM
العشاء 7:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

فلسطين ومحكمة الجنايات الدولية

الكاتب: د. رويد ابو عمشه

تواجه القضية الفلسطينية والتسوية السياسية المتعلقة بها تحدياً استراتيجياً، و انغلاقاً لمسار التسوية بسبب التعنت الإسرائيلي، ووقوف الولايات المتحدة الأمريكية موقف المتفرج دون أن تمارس الضغط على إسرائيل بوصفها الطرف المعطل للتسوية، زد على ذلك موقفها الرافض لتوجه القيادة الفلسطينية إلى المنظمات الدولية، مع توفيرها الغطاء الدبلوماسي الكامل لدولة إسرائيل في تلك المنظمات.

ومع تجددالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عادت للواجهة مرة أخرى الأصوات المطالبة بضرورة انضمام فلسطين لكافة المنظمات الدولية، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين كاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، ومحكمة الجنايات الدولية.

وهنا سنحاول التعرف على ماهية هذه المحكمة وصلاحياتها و ولايتها المكانية والزمانية، وتمكنها من ممارستها في الحالة الفلسطينية من عدمه؟ و هل بإمكان فلسطين _الدولة غير العضو في الأمم المتحدة_ الانضمام لهذه المحكمة؟ و ما هي المزايا التي من الممكن أن تحصل عليها في حال تم ذلك؟ وهل ستوفر لنا هذه المحكمة إمكانية محاكمة قادة إسرائيل وجيشها على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين؟ أم هي سيف ذو حدين؟ وهل تتوافق عضويتنا في محكمة الجنايات الدولية مع استمرار النهج التفاوضي المتبع لحل القضية الفلسطينية؟

في العام 1998 صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار الخاص بتشكيل محكمة الجنايات الدوليةبأغلبية 120 صوتاً مقابل 7 وامتناع 21 عن التصويت، يذكر أن الدول السبعة التي عارضت تشكيلها هي(أمريكا، إسرائيل، الصين، قطر، ليبيا، اليمن، العراق – في عهد صدام)، وبالمجمل هي دول ذات ملف سيء في حقوق الإنسان على المستوى الداخلي للبعض و على المستوى الخارجي للبعض الآخر، ومن ثم تحول القانون إلى معاهدة ملزمة مع توقيع الدولة رقم 60 ومصداقتها عليه في 11 أبريل/نيسان2000، و الدول العربية الموقعة على الاتفاقية هي (الأردن وجيبوتي وجزر القمر والعراق- ما بعد صدام-، من أصل 122 عضواً الآن.

وتعدمحكمة الجنايات الدولية أول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بالقيام بجرائم تدخل ضمن اختصاصها وهي كما جاء في نظامها الأساسي:(هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصها على الأشخاص إزاء أشد الجرائم خطورة موضع الاهتمام الدولي، وذلك على النحو المشار إليه في هذا النظام الأساسي)، وهي كما جاءت في المواد 5، 6، 7، 8 من النظام الأساسي: جريمة الإبادة الجماعية، و الجرائم ضد الإنسانية، و جرائم الحرب، و جريمة العدوان، و نص النظام الأساسي للمحكمة على أنها مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية، حيث تعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة في كل بلد، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا،ويخضع اختصاص المحكمة وأسلوب عملها لأحكام هذا النظام الأساسي، و يقع مقرها بمدينة لاهاي بهولندا، لكنها يمكن أن تعقد جلساتها في أي مكان آخر.

باب الانضمام الى المحكمةمفتوح أمام جميع الدول، وتودع صكوك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة، والذي تنظمه المادة 25 من النظام الأساسي، لكن بدء النفاذ بالنسبة لكل دولة تصدق على النظام الأساسي أو تقبله أو توافق عليه، أو تنضم إليه بعد إيداع (الصك الستين)، وهو طلب انضمام الدولة الى النظام الأساسي للمحكمة، و يبدأ نفاذ النظام الأساسي في اليوم الأول من الشهر الذي يعقب اليوم الستين من تاريخ إيداع تلك الدولة صك تصديقها أو قبولها، أو انضمامها.

وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاص الزماني للمحكمة لا يمكّنها من النظر بأي قضية او جريمة ارتكبت قبل شهر حزيران 2002 وهو تاريخ سريان النظام الأساسي لها، ما لم تكن الدولة قد أصدرت إعلاناً بموجب الفقرة 3 من المادة 12، والتي جاء فيها (إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازماً بموجب الفقرة 2، جاز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث، وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء وفقاً للباب التاسع)، فبالنسبة لدولة فلسطين لا يمكننا أن نتقدم بطلب التحقيق او المقاضاة على الجرائم التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا قبل تاريخ حزيران 2002، ومنها على سبيل المثال اجتياح وتدمير مخيم جنين في نيسان 2002، او مذابح سابقة تعرض لها شعبنا مثل صبرا وشاتيلا أو غيرها.

أما بالنسبة للاختصاص الموضوعي للمحكمة فيدخل ضمنها كل الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة وفقاً للمواد (5، 6، 7، 8)وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية :-

أ- إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام للمحكمة وفقاً للمادة 14 حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
ب_ إذا أحال مجلس الأمن، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
ج_ إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة 15.
وللمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة، و يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات الواردة ويجوز لهطلب معلومات إضافية من الدول، أو أجهزة الأمم المتحدة، أو المنظمات الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة، ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة.

رافقت مفاوضات روما التي نتج عنها الاتفاق على النظام الأساسي للمحكمة حالة من الشد والجذب للدول المتفاوضة، فبينما حاولت أغلبية الدول جعل سلطة المحكمة عالمية، عارضت الولايات المتحدة هذا الاقتراح بشدة، وتم التوصل إلى تفاهم يقضي بممارسة المحكمة لسلطتها فقط في الحالات التالية:( إذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطناً لإحدى الدول الأعضاء، أو إذا قبلت دولة المتهم بمحاكمته، أو إذا وقع الجرم المزعوم في أراضي دولة عضو في المحكمة،أو إذا سمحت الدولة التي وقع الجرم على أراضيها للمحكمة بالنظر في القضية، أو إذا أحيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الأمن)، وهنا نجد أن دولة مثل إسرائيل ليست عضواً في المحكمة ولم توقع على نظامها الأساسي، وهي كذلك لن تقبل بمحاكمة أي من قادتها أو جنودها أمام المحاكم الدولية على الجرائم التي تقترف بحق الشعب الفلسطيني، ومع استحالة أن يقوم مجلس الأمن الدولي بتحويل أي قضية تتعلق بقادة إسرائيل أو جنودها لمحكمة الجنايات الدولية، يبقى علينا النفاذ من باب أن أراضي الدولة الفلسطينية يحصل عليها جرائم الحرب المذكورة والتي تعطينا الحق للتقدم بشكوى ضد مرتكبيها من قادة الاحتلال أمام محكمة الجنايات الدولية.

و بالرغم من عدم انضمام إسرائيل إلى النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية إلا انها كانت مشاركة فعالة في كل النقاشات التي سبقت إقراره حيث اعترضت على ان يتم تضمين (الإبعاد القسري للسكان) ضمن الجرائم ضد الإنسانية، وكان اقتراح الولايات المتحدة ان الابعاد القسري يطلق على الحالة التي يصبح فيها وضع السكان أسوأ، و تقدمت إسرائيل باقتراح شطب جريمة العدوان، من اختصاصات المحكمة، وكادت أن تمرر هذا الاقتراح لولا اعتراض مجموعة دول عدم الانحياز، فتقدمت الولايات المتحدة باقتراح ألا يعدّ عدوانا ما لم يؤد إلى احتلال، ولكن الاقتراح رفض، فترك الموضوع للتداول اللاحق، واعترضت إسرائيل بشدة على محاولة إدراج الاستيطان في الأراضي المحتلة ضمن جرائم الحرب.

ومع ذلك فإن دولة إسرائيل تأخذ كل احتياط أو تدبير يمنع مثول أي من قادتها أمام مثل هذه المحاكم، حيث أن الحكومة الإسرائيلية تقوم بين الفينة والأخرى بعقد محاكمات صورية لجنودها، تصدر من خلالها احكاماً لا تتناسب بالمطلق مع الجرم الواقع، ليس بدافع أخلاقي، لكن في محاولة منها للاستفادة من المواد المتعلقة بأن محكمة مثل محكمة الجنايات الدولية هي مكملة للقضاء الوطني ولا يجوز محاكمة أي شخص على ذات الجرم مرتين، وهنا يقع على كاهلنا إثبات البطلان (القانوني، القضائي) لهذه المحاكم، وأنها صورية عقدت لتبرئة هؤلاء المتهمين وليس لإدانتهم، و مع التكلفة الباهظة لمثل هذا الاثبات الذي يمكننا بعد ذلك من إعادة محاكمتهم وفقاً للفقرة 3 من المادة 20 من النظام الأساسي للمحكمة والتي تنص على بطلان المحاكمة للشخص في حالة أنها قد اتخذت لغرض حماية الشخص المعني من المسئولية الجنائية عن جرائم تدخل في اختصاص المحكمة أولم تجر بصورة تتسم بالاستقلال أو النزاهة وفقاً لأصول المحاكمات المعترف بها بموجب القانون الدولي، أو جرت على نحو لا يتسق مع النية إلى تقديم الشخص المعني للعدالة.

ويثور التساؤل في كثير من الأحيان حول العلاقة ما بين الأمم المتحدة _مجلس الأمن الدولي_ ومحكمة الجنايات الدولية، ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى في هذا المجال وهي الحليفة الأولى لإسرائيل والتي طالما وفرت لها الغطاء الدبلوماسي في كل المحافل والمنظمات الدولية وحمتها من كل أشكال الإدانة حتى اللفظية منها، و مع أن المحكمة الجنائية الدولية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظفون والتمويل إلا أن نظامها الأساسي حاول تنظيم العلاقة، وأعطى لمجلس الأمن الدولي أن يمارس دوره بشأن المحكمة في حالتين.

الحالة الأولى وفقاً للمادة 13 والتي تنص على أن لمجلس الأمن التصرف بموجب الفصل السابع من الميثاق أن يحيل إلى المدعي العام حالة يبدو فيها أن جريمة من الجرائم الواردة في النظام أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت، والحالة الثانية هي وفق المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة إرجاء التحقيق أو المقاضاة، ونصها كما يلي:(لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهراً بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها)، ففي الحالة الأولى فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بأن يقوم مجلس الأمن الدولي بإحالة أي قضية تتناول جريمة اقترفتها إسرائيل وفقاً للباب السابع من الميثاق، وفي الحالة الثانية فيما لو كانت أي قضية منظورة أمام المحكمة ضد إسرائيل فلن تستطيع الولايات المتحدة طلب وقفها إلا إذا ألحقت ذلك بقرار يصدر بموجب الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما لم يحدث طيلة فترات الصراع العربي الإسرائيلي، لأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تناقش أي قرار يخص إسرائيل تحت بند الباب السابع.

و بالرغم من عدم مصادقة اسرائيل على نظام محكمة الجنايات الدوليةفأنها تأخذ على محمل الجد كل المطالبات التي تتردد بين الفينة والأخرى بضرورة انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية، و مقاضاة قادتها أو جنودها أو مستوطنيها، لذلك شكّلت الحكومة الإسرائيلية طاقماً خاصاً لتقديم المشورة القانونية لقادتها وحتى القادة العسكريين في ميادين القتال، كما أنها لم تصادق على المعاهدة المنظمة لتلك المحكمة، وتعزز تنسيقها مع الولايات المتحدة في هذا المجال لعرقلة عمل المحكمة، حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد هذه المحكمة إضعافاً لسيادتها الوطنية، ومدخلاً لتعريض قادتها وجنودها ذات يوم لخطر المحاكمة بسبب الجرائم التي اقترفتها في العراق أو أفغانستان، وقامت الولايات المتحدة في عهد الرئيس بوش الابن بسحب توقيعها على المعاهدة التي تم التوقيع عليها في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، و ترى الولايات المتحدة أن ممارسة المحكمة لعملها سيحد من الدور الحصري الذي يمارسه مجلس الأمن الدولي في قضايا السلم والأمن الدوليين، حيث أنها تمتلك الفيتو الذي توظفه خدمة لمصالحها هي و حلفائها وفي مقدمتهم إسرائيل.

وباعتبار القانون الدولي للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 غير قانوني وغير شرعي، ويرقى لأن يكون جريمة حرب وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، فإن هناك خشية لدى إسرائيل من محاكمة قادتها السياسيين أو قادة الاستيطان فيها لارتكابهم جرائم حرب تتعلق بالاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وهنا نعود مرة أخرى للاستفادة من كل ما ذكر والإجابة على التساؤل الرئيس الذي يشغل بالنا، وهو: ما مدى الاستفادة المرجوة لنا كفلسطينيين في حال الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، فهناك إمكانية لانضمام فلسطين للمحكمة من خلال توقيعها على النظام الأساسي للمحكمة، وطلب الانضمام، وقيامها بعد ذلك بمقاضاة قادة إسرائيل على جرائمهم المقترفة بحق شعبنا الفلسطيني، مع وجود الكثير من المحاذير التي يجب أخذها بعين الاعتبار والتعامل معها بجدية تامة،حيث أن دولة إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، ولن تقبل بمثول أي من قادتها أو مواطنيها أمامها، وهي بالتالي لن تقبل بالتحقيق بأي قضية تحدث على أراضيها، ولن يحدث في يوم من الأيام أن يتمكن مجلس الأمن الدولي من تحويل أي قضية ضد إسرائيل لمحكمة الجنايات الدولية وذلك بسبب الفيتو الأمريكي، وهنا يبقى علينا أن نتقدم بالشكوى للمدعي العام للمحكمة والطلب منه التحقيق المباشر فيها، وفي حال قبول الدعوى أو إصدار الحكم فلن تستطيع أي دولة حتى لو كانت عضواً في اتفاق نظام روما الأساسي للمحكمة أن تلقي القبض على أي من قادة إسرائيل، في حال وجود اتفاق دبلوماسي ثنائي للمعاملة بالمثل، وهو للأسف موجود مع معظم الدول الأوروبية.

في الوقت الذي تصبح فيه فلسطين عضواً في محكمة الجنايات الدولية، يحق لإسرائيل (الدولة غير العضو فيمحكمة الجنايات الدولية) أن تتقدم برفع دعاوى قضائية ضد النشطاء والقادة الفلسطينيين العسكريين والسياسيين باعتبارهممسؤولين عن عمليات فدائية داخل إسرائيل، و ضد مطلقي الصواريخ تجاه المدن و المستعمرات الإسرائيلية في الداخل، باعتبارها موجهة ضد مدنيين واتجاه أراضي لا يعتبرها القانون الدولي أراضي محتلة كما هو الوضع القانوني للأراضي المحتلة عام 1967، وبهذه الحالة ستتحول الضحية إلى الجلاد وتوضع أسماء المقاومين الفلسطينيين على قوائم الاعتقال لكافة الدول الأعضاء في اتفاق روما، والتي من الممكن أن تقوم بتطبيق ذلك فعلياً متى تمكنت، ولنا خبرة كافية في سياسة المعايير المزدوجة التي تنتهجها تلك الدول، وتلزمنا الاتفاقية في حال الانضمام إليها بتسليم الأشخاص المتهمين أمام محكمة الجنايات الدولية، لذلك نجد دولة مثل لبنان رفضت التوقيع على المعاهدة وذلك بضغط من حزب الله اللبناني خوفاً من أن يتيح ذلك الباب لملاحقة قادة الحزب من قبل إسرائيل، هذا عوضاً عن التكاليف المادية الهائلة للانضمام للمحكمة ورسوم التقاضي أمامها وتكاليف مكاتب المحاماة الدولية، وفرق الخبراء التي عليها أن تقوم بجمع الأدلة الجنائية وتكييف الملفات لتصبح جاهزة لتقديمها للمحكمة، عوضاً عن أن 4% فقط من موظفي المحكمة هم من العرب.

ويبغي الإشارة أنه بإمكان أي مواطن فلسطيني متضرر من العدوان الإسرائيلي التقدم مباشرة بشكوى لمحكمة الجنايات الدولية بمفرده، للمدعي العام للمحكمة، وذلك استناداً للمادة 15 من نظام المحكمة الأساسي، عن طريق مكتب محاماة دولي أو منظمة دولية، تكون هذه الشكوى مرفقة بملف كامل يستند الى الادلة الدامغة، يعده الخبراء المختصون بذلك، لكن هنا تكون مشكلة التكاليف الباهظة التي لا يمكن أن تتحملها الدول فما بالك بالأفراد، لكن يبقى هذا الخيار أفضل من التوقيع على المعاهدة وخلق التزامات متبادلة قد تستفيد إسرائيل منها.

وأخيراً تجدر الإشارة إلى أننا لن نتمكن من مقاضاة إسرائيل أمام تلك المحكمة على كافة الجرائم المرتكبة بحق شعبنا قبل شهر حزيران 2002، لأنها خارج الاختصاص الزماني لها، ولكن لا تسقط الجرائم بالتقادم، وينبغي الإشارة أن محكمة الجنايات الدولية، و اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، و طلب وضع الأراضي المحتلة تحت الحماية الدولية، كلها وسائل وأدوات دبلوماسية ينبغي الالتفات لها واستخدامها لمحاصرة دولة الاحتلال وتقصير عمرها، لكنها لن تكون بديلاً عن صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته ورفضه للاحتلال.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...