الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:34 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:19 PM
العشاء 8:40 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

انزعوا "داعش الصغير" من صدوركم

الكاتب: عبد الناصر النجار

كثي من الأحداث دارت حولنا خلال العدوان الإجرامي على قطاع غزة.. وتجاهلناها، وتركزت في مجملها على إظهار وجه الإسلام المتشدد بل الدموي في كثير من هذه الأحداث... ولعلّ الصورةَ التي نشرتها وكالات الأخبار، أمس، حول قيام "داعش" بقتل أكثر من 150 عنصراً من الجيش السوري الذين أسرتهم لدى محاولتهم استعادةَ مطار الطبقة العسكري.. تثير "القرف" والرعب من هذا النموذج.
جثث العسكريين كانت متراكمةً بعضها فوق بعض، حتى إنسانية الإنسان في التعامل معه بعد "خروج الرُّوح" كانت صادمة.
ولعلّ الأخطر في المشهد الحالي هو ما تتعرض له الأقليات من بلداننا العربية من ذبح وتهجير وإذلال وسبي للنساء، وكل ذلك تحت اسم الإسلام الذي هو براء من هذه الأفعال.
في سورية "داعش" ومن لف لفيفها استباحوا القرى والبلدات المسيحية.. هدموا الكنائس.. وأحرقوها.. واحتجزوا بعض الرهبان ممن نجَوا من القتل.
وكانت الخيارات أمام هؤلاء المواطنين العرب أولاً العرب (القومية) ثم المسيحيين (الدين) هي إما الإسلام على طريقة "داعش" أي "الإسلام الداعشي" أو الجزية، أيضاً "الجزية الداعشية" وكلاهما حكمٌ بالتصفية.
ثم جاءت اعتداءات "داعش" في العراق، وخاصةً في منطقة الموصل التي تمتد فيها جذور المسيحية العربية لمئات السنين قبل دخول الإسلام هذه المناطق.
مرّ 14 قرناً وبقي المسيحيون العرب الذين شاركوا في النهضة العربية، ثقافةً، واقتصاداً، وعلماً.. والذين حافظوا على مفهوم العروبة أكثر من بعض المسلمين.. وهنا يُطرح سؤال: ماذا لو أعلنت مجموعة من العرب المسلمين مثلاً عن تأييدها المطلق لمجموعات إسلامية في خارج المحيط العربي مثلاً ماليزيا أو إندونيسيا أو الباكستان أو؟... كنا سنقول عنهم: لا شك أنهم سيواجهون بالتأييد لأن الفكرة عندهم ليست في الوطن الذي لا قيمة له ولكن في الروابط الدينية. ولكن ماذا لو حصل العكس ـ أي أعلنت مجموعة من المسيحيين العرب عن ولائها لمجموعات غربية على أساس عدم الولاء للوطن؟ كنا سنخوّنها ونهجّرها.. وربما نذبح بالسيف القائمين عليها على قاعدة الصليبية بمفهوم سياسي ديني.
المشكلة أن كثيراً من العرب المسلمين في صدورهم "داعش صغير" لأنهم تربوا على ثقافة كانت ترى في المسيحيين ليس جزءاً من النسيج القومي أو العروبي أو الوطني، بقدر ما ارتبطت بفكرة التكفير المبنية على جزء فقهي متشدد.
هذه الأفكار التي تشبّعنا بها أطفالاً في المنازل أو المدارس من خلال مناهج وُضعت دون مناقشة ولم تسمح لأحد بأن ينتقدها، لأنه ينتقد الدين... ومن هو الذي لديه الشجاعة ليخوضَ معترك هذه الحرب؟
عشرات آلاف العرب المسيحيين هُجّروا من ديارهم في سورية والعراق.. معظمنا صمَت.. وقليلٌ أدانوا.. ومن أدان كان صوتُه أضعفَ بكثير من أن يُسمع.. بمعنى آخر كلُ عربي لديه إيمانٌ بقوميته يتحمّل جزءاً كبيراً من مسؤولية ما حدث.
جرائم "داعش" وغيرها من التنظيمات والجماعات الإسلامية المتشددة لم نسمع عن آرائها أو أفكارها إلاّ في خضم هذا الوضع العربي الراهن.
في فلسطين، أيضاً، يوجد لدينا "دواعش"... ومَن تظاهر ضد مدارس راهبات الوردية في صدورهم أكثر من "داعش صغير".
اسم المدرسة راهبات الوردية وليس الجمعية الإسلامية. باختصار هي مدرسة مسيحية ولكنها ليست دينية، مدرسة عربية لها ثقافتها، قوانينها، رؤيتها.. من أراد أن يقبل بهذه القوانين فله ذلك، ومن يرفضها فله ذلك، أيضاً، ولكن دون تخوين، وترهيب، وتحذير بالقتل وبهدم المدرسة فوق رؤوس القائمين عليها.
من لا يرغب بتدريس أبنائه في مدرسة يدعي أنها مسيحية وكأنه جاء بمعلومة لا نعرفها، فالبديل موجودٌ في عشرات المدارس الإسلامية أو الخاصة.. أما أن يعلن البعض أن هذه أرضٌ إسلامية ولا قوانين إلاّ القوانين الإسلامية... فهذا هو المفهوم "الداعشي" ببساطة.
قد يغضب البعض ولكن هو رأيي سأظل أدافع عنه، وسأظل أدافع عن العربي ـ الفلسطيني المسيحي والعربي الفلسطيني ـ المسلم لا فرق بينهما بالمطلق.. هم أبناء شعبي لا فرق بينهم إلاّ فيما قدم كلُ واحد منهم لوطنه ولأبناء شعبه، لثقافة تحترم العقول وتؤكد على التعددية وعلى قاعدة قوله تعالى: "لا إكراه في الدين" وأيضاً على قاعدة الآية الكريمة: "ولو كنتَ فظاً غليظَ القلب لانفضوا من حولك".
إذن، نحن بين خيارين: إما أن نغذي "الداعش الصغير" الذي بُني في صدورنا منذ طفولتنا، أو أن ننزع هذا "الداعش" ونطبق الإسلام الحقيقي القائم على السلام والمحبة والعدل والإحسان، أما الذبحُ على قارعة الطريق بهذه الطريقة التي تحصل في سورية أو العراق فتبّاً لهذا الفكر، فالإسلام منه براء.
رغم التهجير القسري فإن المسيحية العربية ستبقى، وكنائسُ العرب ستُحمى.. والفكر العربي المسيحي لن تمحوه السيوف المقطرة بدم الحقد.. ولكن لا بد من التأكيد مرةً ثانية على نزع "داعشنا الصغير" من الصدور..؟!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...