الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

أهلاً عمي سايكس وعمي بيكو

الكاتب: خطيب بدلة عن العربي الجديد

لا يمكن لأي سوريٍّ، تربى في كنف ثورة الثامن من آذار (مارس) 1963، التي فَجَّرَها حزبُ البعث العربي الاشتراكي؛ وأمضى بضع سنواتٍ اُخَرٍ في عهد حركة 23 شباط (فبراير)؛ واستهلك بقية عمره في ظل الحركة التصحيحية المباركة التي قادها الرفيق المناضل حافظ الأسد؛ لا يمكنه أن ينسى دروس "التربية القومية" التي كانت مقررة في المراحل الثلاث، الابتدائية والإعدادية والثانوية.

لم تكن تلك المقرراتُ تطعنُ، صراحةً، بانتماء المواطن السوري لسورية، فهي قلب العروبة النابض، ودمشق قلعة الصمود العربي، واللاذقية هي "لاذقية العرب"!

ولكن، وجود سورية ضمن الرقعة الجغرافية الحالية، بحسب كتب "القومية"، هو واحد من تجليات المؤامرة الاستعمارية الإمبريالية المدعومة من الرجعية العربية على الوطن العربي الكبير، فهذه المؤامرة الدنيئة أَدت، في المحصلة، إلى تجزيء وطننا الحبيب، وتحويله إلى (أقطار)، بينما يطمح الشعب العربي لأن يكون دولةً واحدة، تمتد من المحيط إلى الخليج، من دون أن يقطع امتدادَها أيُّ فاصل منشط.

تؤكد تلك المقرراتُ، كلها من دون استثناء، على أن "القُطْر" العربي السوري يصبو إلى تحقيق الوحدة العربية الكبرى، مهما تناءى الزمن، ولكنه، ولئلا يقعد خلال فترة الانتظار بلا شغل، يقبلُ بأي نوع من الوحدات، أو الاتحادات، أو الفيدراليات مع أي قُطْر عربي شقيق، مجاور له كالقطر العراقي، أو بعيد (حبتين) كالقُطرين المصري والليبي.

مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي ومنطلقاته النظرية، في الحقيقة، هي التي أسست لكل تلك المشاعر الوحدوية الحارَّة. حارَّة إلى درجة أنها كانت تلذع صفحات كتب التربية القومية السورية، والعراقية أيضاً؛ فالرفاق العراقيون لم يقلوا، في أي يوم، إيماناً بالوحدة العربية الكبرى، ومشاريع الوحدات والاتحادات الثنائية، عن نظرائهم السوريين، وما ذلك إلا لأجل النكاية بالسيدين، البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرنسوا جورج بيكو، اللذين أبرما تلك الاتفاقية المشؤومة سنة 1916، وتنص على تقاسم مناطق النفوذ في المنطقة العربية التي كانت جزءاً من تركة الرجل المريض "الإمبراطورية العثمانية".

وكانت هاتيك المبادئُ البعثيةُ العظيمة تُقْرَأُ وتُدَرَّسُ وتُنَاقَشُ، ليس فقط في الكتب المدرسية، بل وفي اجتماعات الفرق والحلقات الحزبية. وقد رويت لنا، في هذا السياق، حكايةٌ عن رفيقٍ بعثي طاعن بالسن من قرية "حَرْبَنوش"، الجبلية التابعة لمحافظة إدلب، كان، مرّة، يحضر اجتماعاً للفرقة الحزبية في قريته، وقد مَلَّ وطفر من كثرة ما ردد الرفاق عبارات الذم والهجاء لاتفاقية سايكس بيكو المشؤومة، واستهجن كثرة الكلام على ضرورة تحرير هضبة الجولان الحبيبة التي اغتصبت سنة 1967 من براثن العدو الإسرائيلي الغاشم ومن المطالبة المستمرة باستعادة لواء اسكندرون الذي ضمته تركيا إلى أراضيها في سنة 1939، بالتآمر مع القوى الاستعمارية الكبرى، وبالأخص فرنسا وبريطانيا اللتين تُعْتَبَرَان أصلَ كل بلاء.  

أشعل الرفيق المسن لفافة تبغ مما تنتجه القرية، ملأ جوفه بالدخان، ثم نفثه دفعة واحدة وقال لرئيس الفرقة:

- أريد أن أسألك يا رفيق، كيف أصبح الجولان ولواء إسكندرون جزأين لا يتجزأان من قطرنا العربي السوري؟ ألم يكن ذلك بموجب اتفاقية سايكس بيكو؟
قال: بلى.

قال: فلماذا تستقتلون في الدفاع عن حدود تلك الاتفاقية؟
قال الرفيق: لا يا رفيق. هذه الحدود المشؤومة مرحليةٌ، ستزول حتماً في أثناء تحقُّق الوحدة العربية الكبرى.

وعلى إثر ذلك، حصل لغط قوي بين أعضاء الفرقة، وراح الرفاق جميعهم يوجهون اللوم والزجر والتقريع للرفيق المسن، وكانوا يقولون:
- سنحرر الجولان، وسنستعيد لواء اسكندرون.

رفع الرفيق المسن يده فأسكتهم، وقال لهم:
- طيب يا أولاد. شوي شوي. لا تغضبوا كتير. عمي، أنتم حرروا الجولان، ووقتها تأخذون تحرير لواء الإسكندرون من هذه اللحية!
 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...