الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

هــل اســتـمـعـنـا لـهــم؟

الكاتب: رامي مهداوي

البعض يتعامل مع إعمار غزة كمشروع اقتصادي استثماري كعملية بناء لما تم تدميره من قبل الاحتلال الإسرائيلي أثناء العدوان الذي استمر 51 يوماً، والبعض يتعامل مع الإعمار كمشروع سياسي لتأسيس مملكة أو امارة لتحقيق طموحه السياسي أو مشروع خاص لحزبه، وآخرون ينظرون له ككعكة ويتنافسون على الحصول على القطعة الأكبر منها، دون أي إحساس بالمسؤولية الوطنية تجاه من يلتحفون السماء ويتصدون للبرد بأجسادهم التي تصدوا بها لصواريخ وقذائف ورصاص جيش الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم. أما من تم تشريدهم من منازلهم بعد تدميرها لا يريدون سوى منزل يستطيعون العيش به كما كانوا كعائلة تحت سقف وجدران يحميهم من برد الشتاء وأشعة الشمس في الصيف، لا أحلام لهم سوى أن يستمروا كأي عائلة.
صديقي محمد مقادمة نموذج هو مثال للعديد من أبناء غزة فقد منزله بعد أن دمرت طائرات الاحتلال برج الظافر 4 خلف الجامعة الإسلامية بشكل كامل، أقل شيء أن نسمع شعوره كأب/ مواطن/ إنسان فقد بلمح البصر بيته دون أن يعلم لماذا؟ محمد أيضاً كالآخرين لم يفقد فقط البيت، وإنما فقد أقرباء وأصدقاء له بسبب العدوان. أضع لكم هذيان محمد كما قاله لي كمحاول لاستشعار حم مأساتنا الإنسانية قبل كل شيء، كلماته ربما لن تستشعر بها عزيزي القارئ لكن محاولة منّا أن نستعطف على ذاتنا التي لا تسمع من الضحية ما هو حجم المأساة التي نعاني منها، فالقضية ليست فقط إعمار، القضية إعادة بناء لنسيج سياسي نفسي، اجتماعي، اقتصادي كامل.
يقول المقادمة لي: "ماذا يعني ان تهجر بيتك وأنت مسلوب الإرادة؟ هذا سؤال كبير لمجرد وصولك مرحلة التفكير به. وهذا يعني لك ان تكون آمناً مطمئناً ان بيتك هو ملاذك الأخير ويعصمك حتى من كل شيء سوى الموت. وهذه تجربة أنا مررت بها. يعني ان تكون قد مررت بلحظة يأتيك تحذير من مجهول هو جيش الاحتلال الإسرائيلي ويبلغك وجيرانك ان تغادروا مكانكم فوراً".
"ليش علشان بدهم يقصفوا"!! "ليش بدهم يقصفوا"؟؟ لا توجد إجابة طبعا إلا بتحليلات ما بعد الحدث وطبعا تصاب بالحيرة وأنت تتفقد أولادك وتتأكد انهم بيدك جميعا وتلجأ لأقرب مكان آمن وأنت تراقب؛ هل سيحدث فعلا وتأتي لحظة وتكون هي الضربة الحقيقية؟! لأن هناك واقعاً حقيقياً سيولد بعد ذلك تجهله.. تائهاً... فاقداً كل الماضي والحاضر والمستقبل..".
"لا يوجد لك بيت او مكان يؤويك بشكل محترم.. وتبدأ رحلة مختلفة الآن.. الرحلة تبدأ لأنه لا يوجد جهة واحدة مسؤولة تعرف تماما ما يجب فعله.. وأيضا الفهم الخاطئ ان من دمرت بيوتهم عبارة عن حالة اجتماعية أي محتاجة للأكل والفرشة والمخدة والحرام. طبعا ويكون جميع المنكوبين تحت طائلة مؤسسات الإغاثة والمجتمع. اما الحكومة وأما اصحاب قرار الحرب آخر المعنيين. المهم تبدأ في البحث عن سكن آخر ان كنت مقتدراً او ذا دخل معين، وتبدأ رحلة أخرى من معاناتك في اصدار شهادات ميلاد وهويات وجوازات سفر وأوراق، وأيضا في نفس الوقت تحتاج لجهد اخر وهو ان تعبئ بياناتك وتبحث وتسأل عن الجهات المعنية بحالة مثل حالتك فمنها من يقدر أن يتعامل بفهم ومنها من يتعامل معك بحاجة زائدة، يعني كأنك أنت جعلت من ذاتك بلا منزل.. وأنت تتحمل مسؤولية ما حدث لك!! كان يجب ان لا تكون!! والأغرب في حاله البيوت المدمرة وأصحابها ان الجميع يتكلم باسمهم إلا هم انفسهم لا يتكلمون .. وإن تكلمنا لا أحد يستمع لنا".
تنتهي كلمات صديقي محمد مقادمة بصوت مخنوق، لكنه ما زال يزرع الأمل لمن هم حوله يحاول عمل ما يمكن عمله، وعند حديثي مع عدد من العائلات أصحاب المنازل المدمرة وغير المدمرة تستشعر القضايا التالية: في إشكاليات كبيرة عم بتواجه أصحاب البيوت المتصدعة عم يرشح الماء على رؤوس ساكنيها بسبب المطر، وحل الكرافانات "الفري هاوس" غير مجدي نظرا لأن الآلية التي وضعت بها طريقة عشوائية وغير مجدية وبطريقة غير مدروسة وبعيدة كل البعد عن أي نظام هندسي متعارف عليه، فما حدث لهم عندما تساقط المطر قبل عدة ايام كان واضحاً، وصراخهم تخطى جدران الخزان في مجتمع أراد أن يكون أصم.
معاناة اللاجئين في المدارس ومراكز الإيواء تتفاقم يوما بعد يوم وتزداد مع انخفاض درجات الحرارة، فهل يتحمل الحيوان برد الشتاء القارس ..؟! وكيف يمكن للطفل الصغير في عتمة الليل تحت البرد القارص أن يقطع المسافة الطويلة من الفصل الي يقطنه الى حمامات المدرسة لقضاء حاجته، وجميعنا يعلم المسافة بين الفصول "غرف النوم البديلة للنزلاء" وحمامات المدارس، الأمر الذي يعرضهم للمرض خصوصا في ظل حاجة الطفل والمريض والمسن والنساء للحمام في ظل البرد القارص من الغرف المغلقة للهواء البارد مباشرة.
يجب وضع حل سريع قبل تفشي الأمراض بين نزلاء مراكز الإيواء وخصوصا الأطفال والمسنين بسبب عدم وجود تدفئة بمراكز الإيواء مع الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، فطبيعة الفصول المدرسية باردة لقلة الفراش وان تواجد الغطاء، فالأرض بحاجة لفراش لتحمي الأطفال والشيوخ والنساء من "الروماتزم"، والشبابيك بحاجة الى ستائر وإغلاق محكم ان كان تبقى بها زجاج لم ينكسر بفعل اشتداد القصف العشوائي التي لم يترك مكانا الا وترك فيه أثراً.
رسالتي الأهم الى كافة الفصائل الفلسطينية: قبل ان ندعو الى التصعيد والانجرار خلف سياسات الاحتلال يجب علينا ان نعيد بناء ما تم تدميره خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع ونعيد بناء الإنسان وننزع الخوف من قلوب الأطفال والنساء ونستعيد وحدتنا ونقوي جبهتنا الداخلية "فمن يسكن في البيوت المغلقة ليس كمن يعيش في مراكز الإيواء

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...