الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

محمد من الدهيشة شو دخلك في رب المسيح؟!

الكاتب: محمد اللحام عن وكالة معا

كنا ننتظر عيد الميلاد عشقا بالصخب والألوان الزاهية والحاجات "الزاكية" والوجوه الكثيرة الملونة من الأبيض حتى الأسمر مرورا بالأشقر، وهذا كله لم يكن بالمخيم بتاتا.

نخرج من المخيم طبعا مشيا على الإقدام بعد نهاية الدوام في مدرسة الوكالة بالمخيم لنتوجه لمدينة بيت لحم التي لا يبعد مركزها عن المخيم أكثر من نصف ساعة راجلة.. على أطرافها قليلا من الصخب وبعض من شجر الحمضيات التي كنا نقطفها براحتنا في ذلك اليوم لان الصخب يتركز اليوم وسط المدينة، وتحديدا من ساحة السينما حتى باب الدير مرورا بالمدبسة وحارة الفواغرة والسوق القديم وحارة السريان والعناترة مع بضائع متناثرة تخص العيد وخاصة "السمسم، والذرة، والهريسة، والشوكولاته، والبلالين، والألعاب، والهدايا".

الزحمة الشديدة لوجود الأجانب والضيوف من كل العالم كانت تساعدنا بان نكون خارج دائرة اهتمام أي احد وفي الحصول على بعض حبات من "الكستنة" التي لم يكن يشتريها أهلنا مكتفين "بالبلوط" ولا تباع أصلا في المخيم، ولا تظهر إلا في عيد الميلاد فكان من الحلال ان نغافل صاحب دكان منهمكا في بيع سائحة ألمانية شقراء متفحصا سيقانها حتى خدودها الحمراء وما بينهما.. نحن نتفحص المكان ونغافل ونمد يدنا إلى كيس من "الخيش" ونكبش حبات من الكستنة شاكرين الله والألمانية الشقراء على نعمة الكستنة.

وكانت قمة الفوز والغنيمة ان نخرج بحبة جوز هند راقبناها طويلا وتأملنا بها وغازلناها حد التخطيط وعملية إنزال خطيرة، نهرب بعدها الى حارة قريبة للتعامل الصعب معها.

في ذلك الوقت بداية الثمانينيات كان عمرنا "14 عاما" وعواطفنا أكثر نحو النظر واشتهاء حبة "كستنة" او حبة جوز هند أكثر بكثير من النظر الى فاتنة ألمانية او فرنسية او ايطالية.. لم نهتم للغة المحكية او لغة الجسد بل للغة الحرمان التي كنا نعيش.

ولا اخفي أنني كنت اعشق الكشافة واحسد فتيانها على جمال بنات الكشافة والمزح والضحك والمداعبات، وكلها أشياء أيضا لم تكن بالمخيم والحسد والغيرة حتى من الملابس الزاهية والاستعراض الموسيقي وفرح الأهالي.

كل شيء في العيد كان جميلا وزاهيا باستثناء الشرطة والجيش الإسرائيلي الذي كان يحاصر ساحة المهد بالعيد ويدفع بكميات كبيرة من الجيش دون معرفتي لسبب الكثافة الأمنية في حينه.

كان الجيش يضع على كل مداخل الساحة دون استثناء بوابات وحاجز للتفتيش والتدقيق.. فدخلت البوابة وهي عبارة عن "كشك صغير" وكان فيها جندي حرس حدود "درزي" جسمه ضخم او انا أتخايله في حينه مقارنة بحجم جسدي الذي كان نحيفا وقصيرا، فقال لي: كم عمرك، فأجبته، فقال لي ما اسمك؟، فأجبته، فقال لي من اين انت؟، فأجبته أيضا.

نظر لي من فوق ومسك "بطوق قميصي" وشدني للأعلى، لم تعد قدماي معها على الأرض حتى أصبح وجهي مقابلا لوجهه وصرخ بي "محمد ومن مخيم الدهيشه شو إلك في رب المسيح أنت.. ها".

لا اذكر ماذا كانت إجابتي لأنني وجدت نفسي أتدحرج خارج "الكشك" نتيجة "شلوط" قاص ركلني به "ابن الكلب".

ولكنني لم اكترث كثيرا محمد ومن الدهيشة والمسيح.. شكلها قصة.

اليوم أحب جدا ان اصطحب أولادي للعيد الذي أصبح يأخذ الطابع الوطني بجانب الطابع الديني وأشاهد أولاد الدهيشة في الساحة أكثر من المسيحيين أحيانا.. استمتع اليوم وأنا اشتري الكستنة لأولادي لأجد فرصة مريحة للنظر لألمانية شقراء وتبادل الابتسامة معها.

في احد الأيام وكنت مديرا لشبكة معا الإذاعية واستمع في السيارة للإذاعة التي يغطي مراسلها فعاليات ليلة الميلاد يستطلع أراء الناس هناك "مرحبا نتعرف عليك. محمد محمود من مخيم عايدة.. ومعنا مواطن أخر نتعرف عليك سامح عبيد الله من زعترة، ومواطن ثالث احمد سالم من الخليل". اتصلت على جوال المراسل وقلت له من شان الله اعمل مقابلة مع جورج مع حنا مع بطرس دخيلك هذا عيد الميلاد "كريسمس" مش عيد الأضحى.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...