الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

نظرات في فكر الاسلامويين (ح9) تسويق الخطاب الإسلاموي

الكاتب: بكر أبوبكر

بعد أن تحدثنا في الحلقات الثمانية السابقة عن الفكرة الأصل وكيف تتحول الى فكرانية أيديولوجية وكيف يتم تقديسها كفكرة ثم كأشخاص وكحزب وذكرنا مجموعة من الأمثلة في قطب والسندي ومشهور، وكيف يتم التعامل مع الأوعية الحاضنة للفكرة المقدسة والأشخاص والحزب استنادا لنظرية وعاء الآلهة نتحث اليوم عن تسويق الخطاب الاسلاموي عامة
(إن الصّلَف مع العلم رذيلة، فكيف إذا كان الصلف مع عجز وقصور؟) كما يقول الشيخ محمد الغزالي ويذكر أيضا (الإسلام يبني النفس على قاعدة «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» وأنه يربط الاستخلاف في الأرض بمبدأ "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر." ) [1]

تعمد التنظيمات (المؤسسات والجماعات والشركات والأحزاب..) عامة لتسويق  خطابها ، إذ لا يكفي أن يتم توليد فكرة ما، ثم إنتاج الخطاب المصاحب لها عبر بثه أوكتابته ثم يُحبَس في كتاب في مكتبة أو درج ، بل يرتبط ذلك بآليات النشر والتعميم بغرض الإقناع من (دعوة) أو تبشير ودعاية وترويج وتسويق بأساليب قد تكون مشروعة، وقد لا تكون كذلك.

يشير د. هاني المنيعي إلى أن "تسويق الأفكار" يتضمن نقل ونشر القناعات بأسلوب تسويقي علمي، وحسب آخرين فهو يمر بعملية الابتكار للفكرة ثم تحصينها والإيمان بها ليسيرإلى مرحلة الانطلاق بالوسائل الإعلامية و الدعائية المختلفة، وعليه تنتشر الفكرة إلا أنها قد تتغير أو تتطور مع متغيرات الفكر والزمن وحاجات الناس، أما حين تجمد ولا تواكب فإنها تخسر، وقد تندثر أوتتفسخ إلى أفكار عدة.

في عمليات التسويق للفكرة التي قد تأخذ عند التنظيمات الشمولية المغلقة العقلية معنى (الغزو) لعقول الآخرين بما يعني الاقتحام القسري للعقول، فإن الكلمة والصورة والحلم و"الوهم" لهما الدور الرئيس، كما أن بلورة الرأي عبر الأسانيد والحجج والمنطق أواستثارة العواطف لأمر هام في الترويج والتسويق عامة (أكان التجاري أم السياسي أو المذهبي).

يستخدم الاسلامويون مجموعة من "القطعيات" (في إطار الصلف عن جهل) ليضربوا النظريات المخالفة لهم ويشوهونها، ويثيرون من حولها "الشبهات" عبر وسائل العرض البارع وتحريف الكلام وفنون الخطابة.

الطريق الأسهل لتسويق المضامين
إن أسهل طريقة في المجتمعات العربية والإسلامية  لتسويق (مضامين) الفكرة وخاصة من قبل الاسلامويين على تياراتهم المتعددة اليوم هي:

1. تقديس الخطاب (أنظر ما ذكرناه حول نظرية الوهم المقدس) وما فيه من خلط مقصود بين الديني الحزبي والفكري السياسي.
2. استخدام رموز التقديس والمشابَهَة، بالأعلام والشعارات،وأيضا من خلال التشبّه بعصر الصحابة في الملبس واللحية وبعض التصرفات الشكلية الأخرى التي قد تبهر بسطاء الناس فيخلطون بين حقيقة الفعل المخالف ووهم الرمز.
3. استنفار الموروث: من عادات وقيم، وإن عفا عليها الزمن وبرز في مقابلها وعي ومفاهيم جديدة.
4. إشباع الآمال والأحلام: كحلم "الشهادة في سبيل الله" الذي يتحول للشهادة في سبيل الحزب أو الدعوة أو في سبيل الفكر الخطأ، أو نصرة للقائد .
5. دغدغة مشاعر البطولة لدى الفرد ليدافع عن دينه أو مذهبه كما يقول د. محمد الغامدي ، حيث تتم استثارة مشاعر الحميّة المذهبية من قبل التيارات الاسلاموية سواء الشيعية المتطرفة (نصرة للمذهب الشيعي وحماية قبور آل البيت) أو السنية المتطرفة أمثال داعش (نصرة لأهل السنة) أو الإخوان المسلمين (نصرة الإسلام وفق "فهم" الإخوان) .
6.  كما يضيف د. الغامدي مشيرا لرغبة الشباب في الخروج عن النسق أنها تعد عاملاً حافزاً،ومؤهِلا لتقبل أي مضامين اجتماعية او فكرية مختلفة، لا سيما وأن خطاب الاسلامويين يعطي الانطباع للفئات المستهدفة وخاصة الشباب أنهم بانضمامهم لحزبهم وأهدافه الكبرى (ينشغلون بمشاغل كبيرة) تؤدي لفاعلية واحترام ودور أكبر في المحيط.

آليات الاستقطاب والتسويق النفسي

في الاستخدام للآليات تتخذ التنظيمات السياسية عامة وسائل محددة الهدف منها "الحشد" نحو الفكرة والتنظيم، والحشد مطلوب لكن الأصل هو  "البناء" حول الفكرة بمعنى تكوين النواة الصلبة بما يُحسِن الاستثمار أو الاستخدام بحسب أهداف جهة التسويق أوالاستقطاب والدعوة.

تستخدم التيارات الاسلاموية المنابر في المساجد والمدارس والجامعات ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لترويج أفكارها وتسويقها مستعينة بقيادات (إسلامية) تبدو بعيدة عن الفكر الحزبي، وأحيانا شباب ملتفين حول الفكرة وليسوا بالضرورة من صلب (التنظيم)، وهنا يأتي دور "التوظيف والاستخدام" لهدف مخالف لما قد يريده الشخص المستَخدَم.

تقول الكاتبة روزا ياسين حسن (أطلق الإسلاميّون [2]على تمدّد تيّارهم الكثيرَ من التسميات التي أضفت العميقَ من المعاني الروحيّة (الميتافيزيقيّة)، مثل «العودة إلى الأصول» و«الصحوة الإسلاميّة» وغيرها. غير أنّ هذا يحمل في طيّاته الكثيرَ من التضليل الذي تمتاز به إيديولوجيا تستعير من الدين مصطلحاتِه الماضويّةَ لتفسير وقائعَ سياسيّةٍ حديثة، وتسعى إلى الإطباقِ على راهن الناس باحتكار ماضيهم والادّعاءِ أنها استمرارٌ للمقدّس فيه. وكان غرضُ الإسلاميّين من هذا الخطاب استكمالَ نقل الفعل الإسلاميّ من حدوده الثقافيّة ـــ الدينيّة إلى المعنى السياسيِّ والصراع على السلطة، ومحاولةَ تجيير قوة الإسلام المعنويّة لخدمة تصوّرهم لنظامٍ سياسيّ اجتماعيّ.)[3]

[1]  د.محمد الغزالي في كتابه (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث)، دار الشروق.
[2]  لا نتفق مع مصطلح الكاتبة فأصحاب الفكرالحزبي الاستبدادي القطعي هم "الاسلامويون" لا "الاسلاميون"،  لأن كل مسلم فهو إسلامي بغض النظر عن مدى قربه من الدين أو رأيه السياسي. عدا عن أن الفكر الاستبدادي القطعي يشمل أيضا أصحاب الأيديولوجيات الأخرى كالشيوعية والقومية العنصرية وغيرها. 
[3]  مقال للكاتبة السورية روزا ياسين حسن عن "الاسلام السياسي" عام 2011

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...