الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

جماعات المستوطنين: رسم صورة الدولة اليهودية؟

الكاتب: حلمي موسى عن السفير اللبنانية

تشهد الحلبة السياسية الإسرائيلية حركة تبادل اتهامات بين اليمين واليسار حول المسؤولية عن إنتاج المتطرفين اليهود، الذين باتوا يتصادمون ليس فقط مع العرب وإنما يوجهون سهامهم لليهود أيضا. وفيما يرفض أنصار اليمين الخلاصات التي يخرج بها أنصار اليسار عن أن المتطرفين جميعهم يأتون من خزان واحد هو معسكر اليمين، يذهب يساريون لحد اعتبار أن القضية لم تعد تقسيم الأرض وإنما صورة الدولة اليهودية. ومع ذلك فإن الحكومة الإسرائيلية ومؤسساتها الأمنية تناقش كيفية التعامل مع التطرف اليهودي الذي صار يحرج الدولة العبرية بأسرها.
ومن الواضح أن المعطيات تثبت أن تساهل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وأحيانا تعاطفها، مع الجماعات اليهودية المتطرفة قاد إلى الوضع الحالي الذي تبدو الاستخبارات الإسرائيلية فيه وكأنها من دون أسنان في مواجهة هذه الجماعات. وليس بوسع أحد أن يجزم حاليا إن كانت الأعمال التي تنفذها مجموعات «شبان التلال» تحت راية «شارة سعر» جزءا من فعل تنظيمي كبير أم هي نتاج خلايا صغيرة في تيار عام. وتحاول الأجهزة الاستخباراتية مثل الدائرة اليهودية في «الشاباك» أو مباحث الشرطة الادعاء بأن ملاحقة المتطرفين صعبة لأنهم لا ينضوون تحت لواء تنظيم واسع. ومن البديهي أن الإصرار على هذا الرأي يبعد شبهة التساهل عن هذه الأجهزة الأمنية ويعزز الانطباع بأنها تواجه صعوبات فعلية في اختراق المتطرفين.
ويقول مئير أتينغر، وهو حفيد الحاخام العنصري مئير كهانا، الذي ترى فيه الاستخبارات الإسرائيلية رئيسا للجماعة التي أحرقت في حزيران الماضي، كنيسة «الخبز والسمك» الأثرية قرب طبرية، إنه لا أساس للاتهامات الموجهة له. ومع ذلك يصر على وجود «الكثير جدا من اليهود، أكثر مما تظنون، منظومة قيمهم مخالفة تماما لمنظومة المحكمة العليا والشاباك، والقوانين التي تلزمهم ليست قوانين الدولة.. إنها قوانين أكثر خلودا».
ويقود هذا الكلام إلى رأي صار يتكرر حديثا في أجهزة الأمن الإسرائيلية ويعتبر أن العمليات التي تنفذها هذه المجموعات، سواء ضد العرب أو اليهود، لا ترمي إلى ترهيب العرب بل إلى تنفيذ انقلاب باسم الشريعة ضد قوانين الدولة. وواضح أن مثل هذا الرأي مبالغ فيه إذا أخذ المرء بالحسبان الحلبة السياسية الإسرائيلية ومكوناتها الحزبية والاجتماعية وعرف من خلالها ضعف التيارات الداعية لتطبيق الشريعة. وهذا يقود إلى الاعتقاد أن هذا الرأي يقصد منه إظهار الاهتمام أكثر مما يعبّر عن رؤية موضوعية لواقع يتشكل.
وبحسب تقرير نشرته «هآرتس»، فإن الرأي السائد في أوساط المحققين يقول إن المسؤولين عن حرق الرضيع علي دوابشة وعائلته هم نشطاء يمين متطرفون، يرتبطون بالجماعة الأيديولوجية ذاتها التي تحرق المساجد والكنائس وبيوت الفلسطينيين في الضفة الغربية، وإن النواة الصلبة لهذه الجماعة تعد بضع عشرات نشطاء يتمركزون في البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية لكن حركتهم تشمل كل المناطق داخل الخط الأخضر وخارجه.
ولا ينطلق هؤلاء في أفعالهم من رغبة في ردع الحكومة عن اتخاذ قرارات إخلاء، بل من أفكار أشد طموحا وأساسها زعزعة الاستقرار في الدولة العبرية، ما يقود في نهاية المطاف إلى انقلاب سلطوي لإنشاء حكم جديد في إسرائيل أساسه الشريعة اليهودية. وهؤلاء يريدون استخدام العنف استخداما منهجيا ومن دون ارتباط بسلوك الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة.
ويبيّن تقرير «هآرتس» أن التحول الأيديولوجي عند هذه الجماعات التي كانت تسمى «شارة سعر» أو «شبان التلال» رصده «الشاباك» في أواخر العام 2014. وقد توصل «الشاباك» إلى هذا الاستنتاج بعدما ضبط وثيقة مع موشي أورباخ الشاب الذي قدم في الأسبوع الماضي للمحاكمة بتهمة حرق كنيسة «الخبز والسمك» في طبرية. وتسمى هذه الوثيقة «مملكة الشر» وهي تضع الأسس الفكرية التي تبرر العمليات ضد العرب وضد الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية وتقدم إرشادات عملية لتنفيذ الأفعال والتملص من الرقابة والصمود في التحقيق.
وبخلاف السابق، فإن الذين صاغوا الايديولوجيا لا تربطهم أي صلة تقريبا بالحاخامات وهم لا يعتبرون أنفسهم بحاجة الى العبارات الدينية لتبرير أفعالهم. ويعتبرون الحاخامات الذين كانوا في السابق متطرفين، أقل تطرفا في الوقت الحالي. ويتحدثون عن أهمية الحصانة النفسية سواء في الأفعال أو أثناء التحقيق ويرفضون بشدة كل محاولة لفرض سلطة خارجية عليهم.
وأمام هذا الواقع تحاول السلطات الإسرائيلية الإيحاء بأنها تتخذ إجراءات لقمع هذه الجماعات ومن بينها استخدام الاعتقالات الإدارية واستخدام أساليب تحقيق أعمق. كما تشير بعض الجهات إلى احتمال إعداد قانون جديد لمكافحة الإرهاب ينطبق على المتطرفين اليهود ومن بينهم جماعات «شارة سعر».
ومع ذلك، فإن الوقائع تشهد على أن السلطات الإسرائيلية تقول شيئا وتفعل عكسه. وهكذا نشرت الصحف نبأ احتلال المستوطنين لجزء من قاعدة عسكرية في الضفة الغربية. ماذا فعل الجيش الإسرائيلي؟ قام بتزويد المقتحمين للموقع العسكري بالمياه والكهرباء فأقاموا فيه بؤرة استيطانية جديدة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...