الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الرأسمالية أم الإشتراكية طريقُ الخلاص للبشرية؟!

الكاتب: أدهم مناصرة

 

بحق، إنه لتساؤل يثيره كل من هو حائر في خضم هذا العالم الذي أصبح أكثر تعقيدا وجدلا، وفي ظل اختلاف الموازين والمعايير.. ولكن بعيدا عن التحزب أو التنظير وفقا للمصلحة الشخصية أو الإقليمية أو القومية أو العرقية .. فأنا لا يهمني هذا الفكر أو ذاك ..أو هذا الإتجاه أو ذاك..كل ما يهمني هو توحيد هم الإنسان ونظرته إلى كينونته وفكرة استخلافه على وجه هذه البسيطة.

أطمح إلى كرة أرضية خالية من دماء سالت عليها منذ زمن ومازالت تسيل.. تارة باسم الدين أو الأسطورة وتارة باسم القومية، وتارة أخرى باسم العِرق.. تُرى إلى أين أنت ذاهب أيها الإنسان؟.. أو تدرك عاقبة ما فعلت؟.. فأنت دائم التخريب والإرهاب في هذه الأرض..لا يمر حقبة من الزمن إلا وشهدت الكرة الأرضية حروبا ومجازر وتفننا بقتل الإنسان لأخيه الإنسان.

وفي ذروة التناحر بين الإنسان والإنسان الآخر، يخرج بين الفينة والأخرى فكر هنا وفكر هناك. وبطبيعة الحال كل فكر يدّعي أنه جاء ليخلص البشرية من الظلم والألم والتقوقع وأنه جاء لنشر الحرية والعدل والمساواة، فوفقاً لغايته يُبرر الوسيلة "السيئة"، وبذلك لم يترك الإنسان فكرا إلا وقد جربه منذ أنْ وُجد على هذه الأرض، حتى استنفذ جميع الأفكار. وبالطبع جميعها قد عجز عن إيقاف الظلم وسفك الدماء، بل أنّ ثقافة الدم والقتل والاضطهاد تعززت في نفوسنا، فتعمقت ثقافة العنف.

حينها تساءلت كيف لي أن أطرح البديل.. نعم البديل الذي سيخرج الإنسان من هذا الواقع الأليم، ويوقف القتل والدم والإرهاب والخراب والظلم والألم والحزن.

أنت تعرف أخي الإنسان أنّه في العقد الأول والرابع من القرن العشرين، أخذ يتبلور فكران أساسيان بحيث أصبح كل منهما نظاما سياسيا فكريا امبراطوريا قائماً بحذ ذاته، ويتنافسان على حكم العالم إلى أن تمكن أحدهما من الإطاحة بالآخر في نهاية المطاف خلال العقد الأخير من القرن العشرين، حتى استفرد ذلك الآخر بحكم العالم لوحده دون منازع. وهذان الفكران هما الرأسمالية الذي مازال يحكم العالم حتى الآن، والفكر الإشتراكي الذي انهار كإمبراطورية سياسية.

وبالنظر إلى الفكر الاشتراكي كأيدولوجية وليس كنظام سياسي، كونه اقترف الكثير من الأخطاء والديكتاتورية والقمع إبان وجوده كنظام سياسي، فإنني أريد أن أتعرض له كفكر، وطبعا سنجد أنه يحوي العديد من المفاهيم الإنسانية الجيدة، والتي إذا ما طُبقت بشكل صحيح مع بعض التعديل فإنها قادرة على خدمة الإنسان..غير أنّ الاشتراكية أهملت وقمعت التميز في كافة الجوانب بما فيها التميز الفردي، فهي كانت تطرح فكرة التميز الجماعي فقط. والسبب أنها نادت بالاشتراكية "المطلقة" وهذا غير منطقي، لأنه لا يمكن تصور مجتمع يكون جميع أفراده متساوون مئة بالمئة.. فأنا اتفق أنه لابد من تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة ولكن بدون قمع وتدمير وبما يضمن تطور الإنسان وتميزه ..أي بمعنى من غير المنطق أن لا يكون في المجتمع أغنياء بتاتا..لذا كان من الواجب على الاشتراكية أن تحقق العدالة والمساواة الاجتماعية من خلال دفع الأغنياء لمساعدة الفقراء، ومن خلال إعادة توزيع وتفتيت المُلكية الفردية والثروة حتى تتحقق شيئا من العدالة لبني الإنسان.."لا" من خلال الانقلاب على كل ما هو ملكية خاصة وفردية واستئصال الأغنياء حيثما وجدوا في المجتمع . لذا كان على الاشتراكية أن تركز على الملكية العامة دون إهمال الملكية الخاصة. ما يعني نسبيا أن تكون الملكية العامة أكبر من تلك الفردية، وعندها فقط يتحقق شيئا من العدل، وليس من خلال تغليب "الخاصة" على "العامة" كما فعلت الرأسمالية أو إبادة الملكية الفردية "الخاصة" كما فعلت الاشتراكية.
إذاً كان من الأجدر أن تنادي الشيوعية بالاشتراكية النسبية " بدلا " من الاشتراكية المطلقة".

وأما بالنسبة للرأسمالية، والتي تحولت إلى "غول" لا رادع له، فإنها انطلقت بالمجمل من مفاهيم إيجابية مثل كسر الحدود (التأكيد على حق كل إنسان بالاستثمار دون التقيد بحدود جغرافية أو قومية معينة)، إضافة إلى تعزيز العقول المفتوحة..بيد أنّ الذي حصل هو أنّ الرأسمالية مكنت الطرف الأقوى من استثمار هذه المفاهيم الإيجابية للسيطرة على الآخر. ففي ظل الرأسمالية تحول العالم إلى عالمين :عالم "الحيتان الكبيرة " والتي تأكل ما تيسر لها مما يعترض طريقها، وعالم "الأسماك الصغيرة" التي لا تجرؤ مجرد أن تقترب من الحيتان الكبيرة خوفا من ابتلاعها.. حقاً، الرأسمالية أفرزت العالم إلى قلة "أغنياء" وكثرة "فقراء".

وارتباطاً بالمفارقة التي تحدثتُ عنها آنفاً، وما للفكرين من ايجابيات وسلبيات وما لهما وما عليهما، فإنني أطرح لك أيها الإنسان فكرا ليس بجديد بل هو مزج مابين الرأسمالية والاشتراكية..فكر منصف ومتوازن لعل العدالة تتحقق..أي أن هذا الفكر يستفيد من الرأسمالية والاشتراكية معاً، ولا يُهمل أياً منهما ..غير أنّه يركز على الاشتراكية النسبية أكثر من الرأسمالية. ليس "نكايةً" بالرأسمالية وإنما تكريسا للعدالة..وهذا الفكر والذي أسميه "الفكر الجامع" ينص على أن"كثيراً من الاشتراكية وقليلاً من الرأسمالية حتماً سيؤدي لصياغة عالم أكثر عدلا وأكثر أمناً". بمعنى أن هذا الفكر يطمح لإيجاد مجتمع تكون فيه الملكية الجماعية أكثر نسبيا من الملكية الفردية، ودون إلغاء أحدهما للآخر.

ولأهل الدين، أؤكد لكم أن طرحي هذا لا يتعارض مع الدين، كون الدين الإسلامي نفسه يركز على الاشتراكية أكثر من الرأسمالية، لكنه لم يهمل أحد الاثنين ومما يعزز كلامي في هذا المضمار كتاب"اشتراكية الإسلام" للسيد عبد الرحمن الكواكبي.

والآن عليك أنت أيّها الإنسان أنْ تحكم على ما قلت، وأنْ تخرج من دائرة العناد والإنحياز والصراع والتحزب إلى دائرة التفكير بشكل منطقي بوضعك وأنْ تأخذ كلامي عن محمل الجد، كما أن ّعلى صُناع القرار ضرورة الخروج من حالة "الكلامنولوجيا" إلى حالة "التكنولوجيا"، وأنْ يبدأوا بتطبيق هذا الفكر المتوازن والجامع الذي اقترحته، ليتسنى لنا نحن البشرية من الخروج من الصراعات والتحرر من ثقافة الدم والظلم والأنانية وعقدة الأنا، وليعم السلام هذه الأرض التي يتهددها خطر الإحتباس الحراري من جهة، وخطر التدمير المنظم بقصد وبدون قصد جراء أعمال الإنسان من حروب واقتتال مما يجعلها غير آمنة للعيش الكريم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...