الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

فخامة الدم

الكاتب: احسان الجمل

يتطور المشهد في الضفة الغربية وضمنها القدس على مدار اللحظة. وترصد الاحصائيات الاسرائيلية عمليات غير مسبوقة فاقت حدود التوقع، مثلا الاربعاء7/10 شهد خلال 15 ساعة 145 عملية متنوعة، بين طعن ودهس وإطلاق نار،بينما بلغ عدد مصابي مواجهات الضفة الغربية والقدس المحتلة مع الاحتلال 288 مصابًا، بينهم 10 بالرصاص الحي، و89 بالرصاص المغلف بالمطاط، و189أصيبوا بالاختناق جراء الغاز السام. وانتشر التحرك على مساحة واسعة من قرى ومدن الضفة. وهي مرشحة اكثر للاتساع، ولا يستبعد ان تمتد الى غزة وبعض اراض العام1948.

قراءة ودلالات فيما يحدث، بغض النظر عن التوافق حول اسمها، سواء كانت انتفاضة ثالثة، ام هبة شعبية، ام حراك ثوري. فجميعها فيها ابداع ثوري من الشعب الفلسطيني، وهذا الابداع هو عنصر مهم من روافع العمل، والاهم هو واقعيته، بأن لا يعطي الاحتلال ذريعة لمواجهات مفتوحة وشاملة، فعمليات الطعن، والحجارة والمولوتوف وتكسير كاميرات المراقبة، وحصار المستوطنين في الازقة ومصادرة سلاحهم، جمعيها من ابداعات ومظاهر الانتفاضة،
ولنا في التجربة الماضية انتفاضتان، الاولى انتفاضة اطفال الحجارة، والتي اشتعلت بعد حادث مقتل بعض الشبان، وتطورت في عملها وابداعاتها، وشكلت قيادة وطنية موحدة لها، في ظل غياب القيادة التاريخية عن ارض الميدان، ونجحت في اهدافها، واخرجت من رحمها الكثير من القيادات الشابة.

اما انتفاضة الاقصى الثانية، فكانت ناجحة في ابداعاتها، ونتائجها، في غزو الراي العام الدولي، والاتجاه نحو الاستقلال، لولا الحسابات السياسية الفصائلية الضيقة عند البعض، الذي اتجه الى عسكرتها، وهو مدرك لتداعيات عسكرتها، لكن كان هدفه احراج الرئيس الرمز الشهيد عرفات لاخراجه.

فاليوم ما يجري في الضفة هبة شعبية جاءت نتيجة سلوك واستفزاز وعربدة وجرائم المستوطنين، الذين اصبحوا يشكلون جيشا، اومليشيا مسلحة، مدعومة من حكومة الاحتلال تساهم بعملية الانتهاكات للأقصى والتي لم يسبق لها مثيل من حيث الوتيرة والاعتداءات، وتهدف الى التقسيم المكاني والزماني، واقامة الهيكل المزعوم.

هذه السياسة العدوانية، مضافا عليها الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي فاقت قدرة الفلسطيني، ونتيجة الرهانات الخاسرة للقيادة الفلسطينية على وهم السلام، وجبنها في مواجهة الاحتلال في الميدان وسلوكها المهين والوضيع تجاه سلوك الاحتلال الاسرائيلي.وداخليا نتيجة سلوك السلطة وأجهزتها بشكل عام ومظاهر الفساد والقمع التي بمجموعها شكلت حالة من الاحباط ولكنها أثارت حفيظة الناس وغضبها.

ظهر ان كل من حكومة الاحتلال، وقيادة السلطة، فقدت زمام المبادرة للسيطرة، واصابها الارباك، امام ما يجري، ومن الصعب التنبؤ بامكانية السيطرة عليها، فالسلطة تحاول السيطرة عليها، ومنع الامور من الانفلات، لان خروجها، سيؤدي الى تغيير سينايورهات كثيرة قائمة.

ويجب ان تدرك قيادة السلطة واجهزتها، التي اوعزت  الى اجهزتها منع الاحتكاك بين المنتفضين والاحتلال، ان الامر لا يتوقف على المنع المنتفضين  فقط، بل هناك طرف اخر هو الاحتلال جذر المشكلة، وهي امور لا تسيطر عليها السلطة، واقصد بذلك سلوك الاحتلال وجيشه ومستوطنيه.

حكومة الاحتلال ايضا مرتبكة، وعبر عن ذلك رفض نتنياهو لدعوات وزراء اليمين، والاستماع الى توصيات الاجهزة الامنية، بعدم الانجرار لتوسيع الرد، لان الرد سيكون اصعب، ولا توجد مرجعية فلسطينية، تستطيع السيطرةعليها ومفاوضتها.

ان حدثا واحد له رمزيته، كمحمد ابو خضيرة او الدوابشة، او مجزرة يرتكبها الاحتلال، سيشعل الارض نارا، وساعتئذ تصبح من الحماقة مواجهتها من قبل الاجهزة الامنية للسلطة، وليس هذا فقط، بل  يصبح من العار والخيانة ان تقف هذه الاجهزة، موقف المتفرج او المراقب، لان عدم الدفاع عن الشعب، هو تعاون مع الاحتلال في اقل تقدير، وسيضعها عجزها في مواجهة شعبها.

ولا اعتقد ان هناك بديلا عن ما يجري، وفي حضور سيادة فخامة الدم، الذي ينزف، وصاحبه شهيدنا يبتسم، سوى اعلان الدولة، وما يترتب على ذلك، وحذاري من الهروب الى الامام، بالدعوة الى مفاوضات جديدة، سبق ان جربناها، واستنزفت دمنا ووقتنا وارضنا، وكانت مهزلة اضعفتنا ولم تعطنا شيئا.

واذا تحول هذا الحراك الى انتفاضة اكثر شمولية، فيجب ان يرتفع العلم الفلسطيني، وسمو الدم الفلسطيني، فوق اي اعتبار، وحذار ان يدخل الغائبون، المنددون والمستنكرون من بعيد، والداعون الى مقاومة، سقطت ورقة توتها بنظرية الامارة والدولة  بحدود مؤقتة وجهد تركي قطري بليري، دون العمل على استغلال هذا الشلال من الدم، واشاعة حالة الفوضى باسم المقاومة، تهدف الى اسقاط سلطة، تريد ان تكون هي بديلها، ولنا في ذلك تجربة مريرة. وهي قادرة على ذلك بسسب الغياب الذي تركه عدم وجود بنيان فتحاوي الذي شكل تاريخيا العمود الفقري للعملية النضالية، وايضا البنيان الوطني الذي تكلس ولم يتجدد.

فخامة الدم، يسيل ويجري، في مساحة من الفراغ، تركها هذا الاهتراء الفتحاوي والوطني، ونحن الان امام مفرقين، اما ان تعبئه الايدي العابثة الطامحة الى اعتلاء السلطة، او الحريصون ابناء الفتح والمشروع الوطني ان يتقدموا الصفوف، ويعبؤوا الفراع من خلال الحضور الكامل من قيادة وتنظيم واستمرارية، وتحمل الاعباء، وألا فإن فخامة الدم سيسقط، ان لم تكن هناك قاعدة تحمله.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...