الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

بدون مؤاخذة-ثقافة الموت

الكاتب: جميل السلحوت

كلّ الأحياء نهايتهم الموت، وهذه حقيقة يعلمها البشر جميعهم، وان كانوا لا يكترثون بها، وكأنّهم خالدون في الحياة، واذا كانت طقوس الموت والتشييع تأخذ أشكالا مختلفة بين البشر تبعا لاختلاف معتقداتهم وثقافاتهم، إلا أنّ هناك اجماعا بضرورة الخلاص من جثمان المتوفّى بالدّفن أو بغيره، لكن في الأحوال كلها فإنّ احترام حياة الانسان، وحقه في الحياة الكريمة لا خلاف عليها بين البشر، وإن كان البعض لا يسأل عن حياة آخرين لأسباب عقائديّة أو عرقيّة، وما يهمّنا هنا هو طقوس الدّفن وتشييع الموتى في بلداننا، واذا كان "اكرام الميت دفنه"وهو فضيلة للحرص على عدم تحللّ جسد الميت قبل دفنه، فإنّ ما يجب الالتفات إليه عندنا هو تشييع جثامين شهدائنا وهم "خير من فينا"، فهل ننتبه الى بعض الأهازيج التي يرددها كثيرون مثل:"بالرّوح بالدّم نفديك يا شهيد" فهل يُفتدى الشهيد؟ وكيف وهو متوفّى؟ أم أن تكريم الشّهيد يكون بتكملة رسالته التي لقي حتفه من أجلها؟ ثمّ يأتي النّعي في الصّحف سواء من ذوي الرّاحل أو من مؤسسات وتنظيمات وأحزاب، وغالبا ما يتصدّره: "ننعى بفخر واعتزاز...."فعن أيّ فخر وعن أيّ اعتزاز نتحدّث؟ وهل ارتقاء واحد من أبنائنا سلّم المجد يدعو الى الفخر والاعتزاز؟ وهل ننتظر هكذا ساعة لنبدي فخرنا واعتزازنا بذلك؟ ويصاحب عمليّة التّشييع هتافات وربما اطلاق عيارات ناريّة، وذات تشييع جنازة شهيد، وكانت الصّحافة متواجدة، سأل صحفّ فرنسيّ عندما أحضروه لتصوير والدة الشهيد الثكلى بعد أن طلبوا منها اطلاق الزغاريد في جنازة ابنها، فسأل: هل تحبّون الموت؟ وهل تحزنون على أبنائكم عندما يقتلون؟ وهل هذه من معتقداتكم الدّينيّة؟ واذا كنّا نؤمن بأنّ الشّهداء أحياء عند ربّهم يرزقون، وأنّ لهم ثوابا عظيما، فإنّ الشّهادة لا يعلمها إلا الله، لكنّ المجاهدين يقاتلون لتحقيق النّصر، وهم يتقبّلون الموت في سبيل ذلك، وهم يحرصون على الفتك بالعدوّ لا بأنفسهم.

لكن الذي يدعو إلى التّفكير، بل وإلى اعادة حساب الذّات عندما يعلن البعض عن فتح بيت العزاء لتقبّل التّهاني باستشهاد الابن! والتّهاني عادة تكون في المناسبات السّعيدة، فهل يسعد والدا الشّهيد وذووه باستشهاد ابنهم؟ وهل لا نحزن على أبنائنا الرّاحلين أم لا؟ ولنتذكر ما ورد في الأثر من أنّ الرّسول الكريم عليه الصّلاة والسّلام قد حزن وبكى ابنه ابراهيم عندما توفي: "إن القلب ليحزن، وإنّ العين لتدمع، وإنّا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون" وما الحزن الا صفة انسانيّة تماما مثلما هو الفرح، لكن لكلّ منهما أسبابه، وبالتّأكيد فإنّ الموت ليس سببا للفرح.

وإذا كان استشهاد انسان ما يدعو إلى الفخر والاعتزاز، ويتوجب تقبّل التهاني فهل هكذا سلوك براءة للقاتل من دم القتيل؟ فإذا كان الأمر كذلك فإنّه يستحق الشّكر أيضا لأنّه جلب لنا الفخر والاعتزاز، وهذا ما لا يقبله عاقل.

ومن الثّقافة التي يجب اعادة النّظر فيها بل وضرورة استبدالها هو الطّلب من أمّ الشهيد أو زوجته، أو شقيقاته، أو قريباته باطلاق الزّغاريد أثناء تشييعه، ومنعهن من "الزّغردة" والفرح في زفاف شقيقه الثّاني.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...