الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المقاطعة الأكاديمية ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي

الكاتب: أحمد قاسم حسين

أعلنت المؤرخة النسوية البريطانية، كاثرين هيل، سحب موافقتها على تسلم جائزة قيمتها 330 ألف دولار أميركي، مقدمة من مؤسسة دان ديفيد (Dan David Foundation)، وهي جائزة إسرائيلية سنوية للمتميزيين في العلوم التطبيقية والإنسانية والمجالات الثقافية، وأرجعت رفضها الجائزة وحضور الحفل، الذي تنظمه المؤسسة بالتعاون مع جامعة تل أبيب، إلى نشاط الأخيرة في دعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وهكذا تنضم كاثرين هيل إلى مجموعة من الأكاديميين والمثقفين المقاطعين لإسرائيل في المجال الأكاديمي. وكان قد سبقها إلى ذلك عالم الكونيات البريطاني، ستيفن هوكينغ، في يونيو/ حزيران 2013، بانسحابه من مؤتمر إسرائيلي، يرعاه الرئيس السابق، شيمون بيريس، وكذا النرويجية، لويز فيرغلاند، التي تعتبر أيقونة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، حيث تدعو، مراراً وتكراراً، إلى رفض التعاون الثقافي والأكاديمي مع إسرائيل حتى إنهاء الاحتلال، وتطالب بأن تتحوّل المقاطعة بأشكالها كافة، الاقتصادية والثقافية والأكاديمية، إلى قضية رأي عام في كل أوروبا.

نمت حركة الهيئات والجماعات العاملة في مجالات مواجهة الصهيونية ومقاومة التطبيع، ومساندة المقاومة الفلسطينية، في الفترة التي أعقبت تفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 28 سبتمبر/ أيلول 2000، وتطورت آليات عملها ونشاطها مع تصاعد العدوان الصهيوني على أبناء الشعب الفلسطيني، أمام تراجع السياسات العربية الرسمية الداعمة للمقاطعة، وتحولها إلى جزء من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، بل ذهبت دول عربية إلى أبعد من ذلك، مع إقامة علاقات سياسية واقتصادية مع إسرائيل. وأصبح مكتب المقاطعة العربية (مقره في دمشق) مجرد بناء يحوي أرشيف قرارات المقاطعة العربية الرسمية ومحاضر جلساتها.

وعلى ضوء هذا المشهد، دعت جمعيات ولجان متضامنة مع الشعب الفلسطيني إلى مناهضة التطبيع ودعم المقاطعة في مختلف المجالات (الاقتصادي، الثقافي، الأكاديمي، الرياضي..العسكري)، وأخذت طابعاً أكثر انتظاماً مع حملة مقاطعة إسرائيل وتطبيق العقوبات وسحب الاستثمارات منها (Boycott, Divestment and Sanction) في 9 يوليو/ تموز 2005، ملبية نداءً أطلقته معظم مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وقد وافق عليه أكثر من 170 من القوى والفعاليات والأحزاب والائتلافات والمؤسسات الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 والأراضي المحتلة عام 1948، واللاجئون في الشتات، الأمر الذي يعني شمولها على كل مكونات المجتمع المدني الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وطالبت الحملة بتطبيق إجراءات عقابية ضد الكيان الإسرائيلي، حتى ينصاع، بشكل كامل، للقانون الدولي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وإنهاء احتلال الأراضي العربية، بما في ذلك تفكيك جدار الفصل العنصري والمستوطنات وإنهاء نظام الأبارتهايد والتمييز العرقي العنصري في أراضي 1948، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها، تنفيذاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194. وتزامن هذا الحراك المدني مع إصدار أكاديميين ومثقّفين فلسطينيين في الأراضي المحتلّة والشتات، في أكتوبر/ تشرين الأول 2003، بياناً حثّوا فيه على مقاطعة المؤسّسات الأكاديمية الإسرائيلية التي تصب بحوثها، بالمجمل، في خدمة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وتكرس الاحتلال. وقد استجابت، فيما بعد، مؤسساتٌ وجمعيات وشخصيات أكاديمية للدعوة، فقاطعت جمعية الدراسات الأميركية وجمعية علماء الأنثروبولوجيا المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، احتجاجاً على ممارساتها ضد الفلسطينيين، ووقّع أكثر من 168 أكاديميّاً وباحثاً إيطاليّاً على عريضةٍ لمقاطعة معهد العلوم التطبيقية (التخنيون) في حيفا، لنشاطه الداعم للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وصوّت اتحاد طلاب الدراسات العليا في ‏جامعة نيويورك‬ بأغلبيةٍ ساحقةٍ على قرار مقاطعة إسرائيل أكاديمياً، وعبّروا عن رفضهم انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني والامتناع عن المشاركة في البرامج البحثية والأكاديمية، التي ترعاها المؤسسات الممولة من الحكومة الإسرائيلية، وإغلاق البرامج البحثية التابعة لجامعة نيويورك في جامعة تل أبيب في إسرائيل. كما وقّع 343 أكاديميّاً بريطانيّاً من جامعات مختلفة عريضةً تطالب بمقاطعة أكاديمية لإسرائيل، بسبب خرقها القانون الدولي. وفي خطوةٍ موازية، طالب الاتحاد الوطني لطلبة بريطانيا، الذي يضمّ أكثر من سبعة ملايين طالب، بالانضمام إلى حملة المقاطعة، إضافةً إلى اتحادات طلابية في أيرلندا وبلجيكا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا وأميركا اللاتينية.

لا شك في أن للمقاطعة الأكاديمية أثراً كبيراً على صورة إسرائيل، من خلال وسمها دولة فصل عنصري، وتصنيفها من بين الدول الأسوأ سمعة في العالم، وهو أمر يضرب، بالعمق، الخطاب الإسرائيلي القائم على اعتبار إسرائيل واحة الديمقراطية الفريدة في الشرق الأوسط، والناطقة باسم ضحايا النازية اليهود، حيث تظهر حملات المقاطعة، بشكل عام، والأكاديمية خصوصاً، صورة إسرائيل الحقيقية دولة احتلال وفصل عنصري. وقد أصابت هذه الحملات صانع القرار الإسرائيلي بالذعر، ودفعته إلى أن يُنظّم حملةً مضادّةً للمقاطعة لمواجهتها، والحيلولة دون اتساع رقعتها، لتشمل مناطق عديدة، ونعتت مناصريها بمعاداة السامية، مُلوّحةً بالعنف والملاحقة، كجزء من سياستها القائمة على الترويع والإرهاب. وقد كثّفت الحكومة الإسرائيلية وجمعيات أصدقاء إسرائيل في الدول الغربية، وغيرها من جماعات الضغط الصهيونية، جهدها لتجريم المقاطعة التي بدأت تنتقل إلى الوسط الدولي الجماهيري؛ الحزبي، والنقابي، والرسمي الحكومي.

وفي هذا السياق، قرّرت مجموعة من أساتذة الجامعات الإسرائيلية، ومعها ناشطون مناصرون لإسرائيل، تشكيل لجنة لمناهضة المقاطعة، وإنتاج أشرطة فيديو، تهدف إلى تحسين صورة إسرائيل. وقدّم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان (وزير الحرب المعيّن) مشروعَ اقتراح قانون للكنيست يدعو إلى حرمان الأحزاب السياسية الإسرائيلية المناصرة لحركة المقاطعة من التمويل الحكومي. وعُقد مؤتمر سرّي في القدس المحتلة في فبراير/ شباط 2016، بعنوان "التحالف الدولي من أجل إسرائيلGC4I "؛ لبحث مواجهة اتساع رقعة نشاطات حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل التي بدأت تُظهر الصورة الحقيقية لنظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" في فلسطين. وقد دعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إلى عقد مؤتمر الثلاثاء المقبل (31/05/2016) في الجمعية العامة لمواجهة الحملة العالمية للمقاطعة بعنوان "بناء جسور، لا للمقاطعة"، سيحضره أكثر من 1500 (طالب وناشط وأكاديمي ورجل قانون دولي..)، ووصف داني دانون حملة المقاطعة بأنها التجسيد الحديث لمعاداة السامية، مما يعكس حجم تأثير حملة المقاطعة على إسرائيل التي تكرس جهودها لمواجهتها، والحدّ من تأثيرها. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...