الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:33 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:20 PM
العشاء 8:41 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

جرارٌ مكسورةٌ في الأردن

الكاتب: معن البياري

يدعو، في باريس الأسبوع الماضي، مخرجٌ سينمائي بريطاني، حائز على سعفتين ذهبيتين في "كان"، اسمه كين لوتش (80 عاماً)، مجدّداً، إلى مقاطعة إسرائيل. أما في عمّان، فإن عضواً في مجلس النواب الأردني، مُنحت مقعدها بالكوتا، اسمُها ردينة العطي، ترفع يديها الاثنتين، الأسبوع الماضي أيضاً، تحت قبة المجلس، موافِقةً على شطب استثناء الشركات الإسرائيلية في مشاريع صندوقٍ للاستثمار طُرحت مسوّدة قانونه للتصويت، وذلك مساء نهارٍ جرى في صباحه إقرار القانون، مع النصّ فيه على الاستثناء المذكور. استحقّت السيدة العطي ما لوحقت به، في وسائط التواصل الاجتماعي، من سخريةٍ نكّلت بها، ليس فقط لانتسابها إلى حزب البعث (فرع القطر السوري في الأردن!)، ولا لأن الحزب المذكور فصلَها، ولا لأنها أَرجعت هذا الفصل إلى ما سمّته فساداً في هذا الحزب، بل استحقّت تلك السخرية النشطة منها، لأن يديْها الاثنتين كانتا قد ارتفعتا أيضاً، قبل أيام، في باحة الحرم الشريف في القدس المحتلة، تبتلاً للخالق، جلّت قدرتُه، وتأكيداً لانتسابٍ وطنيٍّ إلى فلسطين.

ليست حدّوتة النائب العطي الموضوع الأساس في واقعة "لحس" مجلس نوابٍ منتخبٍ في المساء بنداً أقرّه في الصبّاح، بل هي رثاثة الأداء النيابي في الأردن، إذ لم يكن هناك ما يدعو، قانوناً، إلى استثناء إسرائيل في قانون صندوق الاستثمار، فمعاهدة السلام المبرمة معها تيسّر لها الحضور في السوق الأردني، وبكيفياتٍ متنوعة. ولكن، دلَّ اقتراح تضمين منع إسرائيل في مشروع قانونٍ، صيغ أساساً من أجل استثماراتٍ سعوديةٍ (وخليجية)، على رغبةٍ بشعبويةٍ مشتهاةٍ لدى نوابٍ غير قليلين، في آخر جلسات مجلسهم في دورةٍ برلمانيةٍ استثنائية، تقرّرت لتمرير هذا القانون، والذي قال بصدده رئيس الحكومة (استُقيل أمس)، عبدالله النسور، إن السعوديين اطلعوا مسبقاً على تفاصيله. افتعل أولئك النواب ما افتعلوه، فأظهروا وطنيةً فيهم ساعاتٍ فقط، قبل أن تتحرّك هواتفُ الحكومة وأذرُعها، وتُعيدهم، وزملاءَهم، إلى القاعة مساءً، فكان ما كان، وزيدت صورة مجلس النواب الأردني أمام المواطنين سوءاً على سوء، وهو المجلس الذي اغتبط الأردنيون برحيله أمس، لألف سببٍ وسبب.

كسر أردنيون كثيرون جراراً، أمس، مع إعلان الإرادة الملكية حل مجلس النواب الذي اختتم ولايته الزاهرة بتلك الجلسة (المسلوقة؟)، والتي أكّدت ذيليته المعلومة للحكومة. وفيما المتوقع أن تشهد المملكة انتخابات مجلسٍ نيابيٍّ جديد في غضون أشهر، فإن الرهان معقودٌ أنْ تُعايَن في البلاد، بانتظار موسم الاقتراع المرتقب، مقاديرُ من الحيوية في الجدال السياسي، تُنقذ مسألة الانتخاب كلها من بؤس صورتها، حين ينجم عنها تمثيل أفرادٍ من غير أهل الكفاءة والاقتدار الشعب. وإذ كان التذرّع (الوجيه إلى حدٍّ ما) بمسؤولية نظام الصوت الواحد (حق التصويت لمرشح واحد فقط)، المعمول به منذ 1993، في هذا الشأن، ففي الوُسع أن يُيسر القانون الجديد، المنتظر أن تجري انتخابات المجلس الثامن عشر بموجبه، إمكاناتٍ لتظهير طاقاتٍ مؤهلةٍ في العمل البرلماني وتمثيل الناخبين، تحترم الأمانة وتبتعد عن الخفّة الكاريكاتورية التي طالما هزئ الأردنيون من وفرتها في المجلس المنصرف. وعلى ما قد يراها أهل درايةٍ من مؤاخذاتٍ في القانون الجديد الذي تم تشريعه في فبراير/ شباط الماضي، فإنه يبقى أفضل بكثير، من حيث اعتماده القائمة النسبية المفتوحة في الدائرة الانتخابية، وبواقع صوتيْن، ومن حيث تخفيض عدد النواب في المجلس (130 بدلاً من 150).

ومع إعلان رئيسٍ جديدٍ لحكومةٍ جديدة (هاني الملقي) أمس، فليس الأردنيون في وارد تعظيم مطالبهم منها، فليس أكثر إحباطاً لهم من خيبة الآمال، خصوصاً إذا كانت عريضةً. ربما يكفيهم شيء من التحسّن الاقتصادي والمعيشي، وشيءٌ من احترام مجلس نوابٍ، لا ترفع فيه نائبٌ يديها الاثنتين في أي مزاودةٍ في تأييد الحكومة. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...