فنان تشكيلي نسيت اسمه
الكاتب: زياد خدّاش
1 في طفولتي، في الصف الثاني الابتدائي، أتذكر بوضوح المعلمة وداد العشرينية وهي تنهي حصة العربي بالنطر الطويل الحزين إلى صورة شخص ما.
قبل سنوات في غرفة انتظار شركة هواتف خليوية رأيت أمرأة ثلاثينية تنتظر دورها قاتلة الوقت بالنظر الحزين لصورة شخص ما.
في زمن ليس ببعيد كنت أستطيع من شرفة بيتي رؤية امرأة أربعينية تجلس في شرفة بيت وتنظر بحزن لصورة شخص ما..
قبل سنوات مررت عن امرأة أربعينية كانت خارجة لتوها من فندق قرب بيتي، كانت تنظر بحزن وهي ممعنة في المشي البطيء لصورة شخص ما، تمسكها بحرص مرتجف بيديها الاثنتين.
في مظاهرة تضامن مع الأسرى، لاحظت امرأة خمسينية تترك الحشد الصاخب المتحرك وتظل واقفة قرب جدار محملقة بحزن في صورة لشخص ما.
هذا الصباح استيقظت على أمي الستينية وهي تسافر بحزن في صورة شخص ما بين يديها.
بعد ساعتين سأمرّ في طريقي إلى ريف البلاد عن أمرأة سبعينية فلاحة تتحدث في حقل زيتون مع صورة ما. تكاد تعصرها بين عينيها.
في وقت ما لست أدريه، ستمسك امرأة ما بصورتي محدقة بحزن فيها، بينما شخص آخر سوف يكتب عن الحزن والصورة والشخص.
وحدهن النساء الرائعات من يتقنّ عَد عمر الموت في وجوه الغائبين.
2 اشتقت إلى مطعم وكافيه (أنكل سام.). صاحبه فنان تشكيلي اختفى، نسيت اسمه.
أرض من حصى، فستق مالح، جعة مثلجة، وكراسي من حديد، ودائماً صديق من غزة وصل للتو. لا موبايلات، لا فيسبوك. حب وحب، وكتب على الطاولات ونادل يكرر: أحلى شباب أحلى شباب. وصاحبه فنان تشكيلي اختفى، نسيت اسمه.
ورد كثير وماء وشارع قريب يفصلنا عنه سياج. وصاحبه فنان تشكيلي اختفى، نسيت اسمه
الآن صارت الجعة والفستق إسفلتاً والحصى والسياج تدافع ركاب، والماء والورد سيارات (فورد).
اشتقت إلى زمن (أنكل سام) الذي صاحبه اختفى ونسيت اسمه.
