الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

اردوغان، الأمير الجديد الإمبراطورية تعود من جديد!

الكاتب: دلال عريقات

مشروع اردوغان الاستراتيجي بإعادة الدولة العثمانية لتمد سيطرتها على سوريا والعراق ومصر وليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية، بات جليا بعد أحداث الأسبوع المنصرم.

بعد أن أغلقت أوروبا الباب أمام انضمام تركيا لسوقها، تبنى اردوغان استراتيجية عميقة متعددة الأهداف المرحلية ولكن الهدف النهائي الذي يصبو إليه هو إرجاع تركيا لعظمتها ومكانتها وهيمنتها (١٢٩٩-١٩٢٢).

لست هنا بصدد الحديث عن أسباب الانقلاب ولا أسباب عدم نجاحه فالذي حصل كان أشبه بمسرحية ذهب ضحيتها حوالي ٣٠٠ شخص ودم وقهر ومعاناة! ولكن أريد أن اركز على اردوغان البراغماتي المحنك الذي يتقن لعبة المصالح وكان هذا جليا في اتفاقه الأخير مع اسرائيل وإعادة علاقاته مع روسيا فسوف يستغل الوضع الراهن بكل ما أوتي من ذكاء ليشدد قبضته على تركيا ثم على ما حولها!

منذ ٢٠٠٣ اي منذ شغل اردوغان منصب رئيس الوزراء، حقق ازدهارا اقتصاديا كبيرا فمعدل دخل الفرد من الناتج القومي الاجمالي وصل ١١ الف دولار أمريكي، ولكن خلال السنوات الماضية وخاصة بعد انتخابه في صيف ٢٠١٤ رئيسا للبلاد عبر معارضون وحكومات عن مخاوفهم من تبني اردوغان نظاما سلطويا استبداديا بهدف عودة حكم الرجل الواحد حيث يطمح اردوغان لتعديل الدستور التركي الذي صيغ عام ١٩٨٠ اثر انقلاب عسكري ناجح بهدف زيادة صلاحياته الرئاسية وتقوية السلطة التنفيذية على حساب السلطات التشريعية والقضائية؛ وهذا ما تحقق هذا الأسبوع فرأينا تطهيرا قضائيا بإيقاف ٣٠٠٠ من القضاة والمدعين العاميين عن العمل، وشدد قبضته على الجيش باعتقال اكثر من ٦٠٠٠ من الضباط والجنود و ٥٠٠ طردوا من العمل بالدوائر الدينية و٢٥٠ موظف سرحوا من مكتب يلديريم 'رئيس الوزراء' و ١٥٠٠ موظف أوقفت رواتبهم من وزارة المالية وتم سحب ترخيص اكثر من ٢٤ إذاعة ومحطة تلفزيونية. باختصار حصلت عملية تنظيف لجهاز الدولة من خصوم حزب العدالة والتنمية، كل هذه السياسات تدلنا على انتهاج اردوغان الخط السلطوي مع كل من هو متهم أو مشتبه بتورطه بالخيانة الوطنية أو من يشتبه باتصاله مع المعارض غولن المقيم في أمريكا والذي نفى قطعيا اي علاقة له بالانقلاب وشدد أن الحكومات تأتي وتتغير من خلال عملية انتخابية حرة وعادلة وليس عن طريق القوة !

رسالة اردوغان للجيوش واضحة فهو يعلن انتهاء زمن الانقلابات العسكرية على النظام الديمقراطي الذي يختاره ويدعمه الشعب إذن استراتيجية اردوغان للبقاء تنبع من الداخل من تأييد الشعب اضافة لعلاقاته الخارجية ودبلوماسيته الجاذبة للأنظار فهو المخلص للكثيرين من الإسلاميين والعاطفيين في الدول العربية، وهو حليف الغرب في الحرب على الاٍرهاب، وهو حليف اسرائيل الجديد في المنطقة، وهو عضو في حلف شمال الأطلسي NATO، وتتمتع أنقرة منذ آذار ٢٠١٦ حسب اتفاقية مع الاتحاد الأوربي بمزايا مالية وسياسية منها حق السفر دون تأشيرة إلى الإتحاد الأوروبي مقابل وقف تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر اليونان  حيث استقبلت تركيا اكثر من ٢,٧ مليون لاجىء سوري. ومن الجدير بالذكر أن اردوغان ألغى عقوبة الإعدام في ٢٠٠٤ مما سمح لأنقرة للبدء بمفاوضات الانضمام للاتحاد الاوروبي في ٢٠٠٥. لم تطبق عقوبة الإعدام منذ ١٩٨٤ في تركيا إلا أن اردوغان أعلن صراحة بعد تجربة الانقلاب أنه سيصادق على اعادة تطبيقها إذا أقر البرلمان ذلك وهنا يحاول الاتحاد الأوروبي الضغط علَى تركيا باختبار احترامها لمبادىء الديمقراطية وسيادة القانون فإعادة تطبيق الإعدام سيخرج مفاوضات الانضمام للاتحاد عن مسارها متناسيا أن هذه المحادثات لم تحدث اي تقدما حتى الان، أما اردوغان (الأمير الجديد) فيرد ببرود أن هذا هو مطلب الشعب ومبادىء الديمقراطية تحتم عليه احترام رأي الجماهير!

لقد عانت الأحزاب تحت الحكم العسكري سابقا لذلك أمام اردوغان خيار وبيئة ملائمة جدا لتحقيق هدفه الاستراتيجي إذا استغل التوقيت لتعزيز مبدأ الديمقراطية بالتوافق مع كل الأحزاب المعارضة التي دعمته خلال الإنقلاب. تماما كما نجح اردوغان سابقا في تليين المواقف من منع الحجاب، وتفكيك الحظر عليه تدريجياً من خلال تعديلات دستورية، استندت إلى دعم شعبي وتأييد واسع لإلغاء هذا الحظر الذي أتى مع الجمهورية العلمانية التركية على يد اتاتورك. سيعمل اردوغان الان تحت غطاء الديمقراطية لإعادة المجد لتركيا وسيعزز نظام السلطة المطلق باسم تلبية رغبات الشعب وتحت مظلة التأييد الشعبي والحق في الأمن والاستقرار، و سيحقق طموحاته الشخصية بتعديل الدستور واقامة نظام رئاسي بصلاحيات واسعة ومرنة للرجل الواحد!

كنت قد لقبت نتنياهو بتلميذ ميكافيللي النجيب لسياسة المماطلة التي يتبناها في استراتيجيته التفاوضية ولكن اليوم أتطلع لأردوغان الأمير الميكافيلي الجديد في إستانبول؛ يبرر  نيكولا مكيافيلي في كتابه (الأمير) قيام الأمير بأي عمل بهدف تقوية الدولة والحفاظ عليها "في الأمور ينبغي النظر للغاية وليس للوسيلة". فيرى مكيافيلي في الأمير مثالية الإمارة المطلقة، رغم أن نموذجه قد تشكل في المدرسة الجمهورية!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...