الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

كان نفسي أرقص معكم

الكاتب: زياد خدّاش

كيف أنسى نادل فندق روكي؟ بيديه الدقيقتين، وجهه الحريص، حركته البطيئة، عينيه الـمتفاجئتين العطشتين؛ الحفلة صاخبة إلى درجة أننا كنا نرى أفواهنا تتحرّك بلا صوت، كنّا نقرأ شفاه بعضنا ونفهم ما نريد، كنّا ظلالاً متعبةً لأشخاص آخرين خرجوا قافزين من رتابة مدننا، إلى ذرى تلال الحلـم، بينما هو كان صامتاً يتجوّل بين الطاولات، يضع كأساً هنا، يتناول زجاجةً آيلةً للسقوط عن الطاولة، يعدّل فوضى طاولة، ويحمل صحناً نصف فارغ هناك، يخفف من انفعال كرسي هنا، ويبتسم، يبتسم باستمرار، دون أن يبادله الابتسامة أحد، كان شاباً، في أواخر العقد الثاني، في لحظةٍ ما تعثرت به كما كان يتعثر الكثيرون من صبايا وشباب، فجأة انتبهت إلى أنني تعثرت بإنسان، لـم يكن طاولةً أو زجاجةً مرميةً على الأرض، كان إنساناً، إنساناً، ووسط غبش فضاء القاعة الـمجنونة الـمثقلة بالـموسيقى والرقص والأضواء الخاطفة والـمتغيرة، أدركت أنني أمام حالة من الحالات الإنسانية الغنية التي لا أستطيع مقاومة تأملها وممارسة الوجع والأسئلة أمامها، اقترب مني، حين رآني أوقف سيل الآخر الذي خرج عني:
ــ مرحباً، أهلاً أستاذ، كيفك؟. ــ تمام أستاذ، الله يعينك علينا إحنا كثير مزعجين الليلة. ــ بالعكس أستاذ إنتو رائعين، كنت بتمنى لو ... ــ لو شو؟ ــ لو إني صديق إلكم، كان نفسي أرقص معكم بس ممنوع لأنه أنا شغلي إني أخدمكم.
صدمتني أمنيته، لـم أستطع أن أتابع كلامي معه، خرجت إلى الشرفة أتنفّس بعمقٍ، طارداً ما تبقى من الآخر الذي يتملـمل داخلي ليتابع انفلاته الهادر، الآن صرت أنا تماماً، الـمدرس الـمهزوم والـمحتفل بالهامش، والـمنحاز إلى الجوانب غير الواضحة من الصور، والـمتسائل دائماً، عدت إلى واقعي الثقيل، والـمختل، في لحظةٍ ما وأنا أتهيأ للعودة إلى القاعة، تعرقلت قدمي بكيس، كانت تتدلى منه أدوات وملابس مستعارة، واضح أنها لإحدى الفرق الـمسرحية التي تشارك في حفل التكريم الـمشتعل. جاءتني فكرة: تعال يا صديقي. سحبته إلى الرواق، خلعت عنه معطف العمل. (كان مستغرباً)، البس (قلت له). ناولته طاقيةً ونظارةً شمسيةً، وشارباً مستعاراً وقميصاً أصفر، وإشرت إلى القاعة، اذهب وارقص، لن يعرفك أحد الآن، حتى أنك لن تعرف نفسك، ارقص، ارقص ارقص، اقتحم مجهول القاعة ارقص حتى الدموع، رأيت دموعه ترقص خلفه. أما دموعي فقد اصطحبتها معي يداً بيد إلى الشرفة. كانت هادئةً جداً، على غير عادتها هل شاخت؟ أم تراها عقلت وصارت ذكيةً، وخبيرةً بالهزائم.

المصدر: الأيام

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...