الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

فلسطينيٌّ انتَصَرَ للعُروبَة

الكاتب: عبد الله عباس عليان

عاش طوال حياتِه، يَبحثُ عن النُّورِ في حُبِّ الوطن، يُضيء ظُلمَته من عَتمة الانتداب والاحتلال والتخاذل، رغم فقدانه نورَ الأم، التي توفاها الله عندما كان في السابعة من عمره، حمل روحه عائداً إلى عكا مع والده، صيف 1916، من قلعة " تبنين" جنوب لبنان، ودَرَس الإعدادية والثانوية في قاهرة الغزاة (عكا)، وفي أكثر بِقاع الأرض قداسةً (بيتُ المقدس) أنهى دراسته الثانوية.

ما لَبِثَ أن التَحقَ بالجامعة الأمريكية في بيروت، إلّا وجاءه قرار طرده إلى الناقورة، من قبل سُلطات الانتداب الفرنسي، ومن هناك عادَ إلى عكا، بسبب مشاركته في قيادة تظاهرةٍ قام بها مع الطلبة العرب، في ذكرى السادس من أيار، نَدَّد فيها بِخطابٍ ناريٍّ ضِدَّ الاستعمار، وكان يَحمِل روحاً قياديَّةً وطُموحاً سقفُه السَّماء.

تعلّم "العكّاوي" من بيئته، فكان شُموخه يُشبِه أسوار مدينته أمام الأمواج المرتفعة، وكانت حرارة رَملِها مُحرّكاً ودافعاً لمشاعِرِ الثّائر في حُبِّ أرضِه، وبعد انتِسابِه إلى "معهد الحقوق" في القدس، نالَ الشَّهادة منه، وعَمِل في مكتب المحامي الفلسطيني "عوني عبد الهادي" (أحدُ مؤسسي حزب الاستقلال الفلسطيني)، حيث تعرَّف من خلالِه على عددٍ من قادةِ ومناضلي الثورة السورية الكبرى، الذين لاذوا إلى فلسطين.

بعد هَبَّة البراق سنة 1929، دافعَ "أحمد أسعد الشقيري"، عن المعتقلين السياسيين الفلسطينيين، وكانَ مِن الذين شَهِدوا محاكمةَ الشهداء الأبطال(فؤاد حجازي، عطا الزير، ومحمد جمجوم)، فَوقَفَ بَعدها مُدافعاً عن المعتقلين في تظاهرة القدس الكبرى سنة 1933.

"الثائرُ العكاوي"، شاركَ في تشييع الشهيد عز الدين القسام سنة 1935، وشاركَ في الثورة الفلسطينية سنة 1936 ضد البريطانيين والحركة الصهيونية الاستعمارية، حيث تم اعتقالُه ووُضِع في الإقامة الجبرية سنة 1937.

بعد انتقال " أحمد الشقيري" إلى دمشق سنة 1938، انتقل إلى بيروت، لينضمَّ إلى الحاج أمين الحسيني وعددٍ من رِجال الحركة الوطنية، إلا أن سلطات الانتداب الفرنسي، طلبت منهم مغادرةَ لبنان سنة 1939، فتوجه إلى القاهرة ومن ثم عاد إلى فلسطين، بعد السماح له للمشاركة بجنازة والده، في شباط 1940، حيث استقر هناك، وافتَتَح مكتباً للمحاماة.

عُيِّنَ "الشقيري" مديراً لمكتب الإعلام العربي في واشنطن، بعد تأسيس عددٍ من المكاتب العربية في العواصم الأجنبية ، وبعد ذلك أصبح مديراً لمكتب الإعلام العربي في القدس، حتى عام النكبة(1948)، ليستَقر بَعدها في بيروت.

اختير "الشقيري" من قبل الحكومة السورية ليكون عضواً في بعثتها لدى الأمم المتحدة، خلال العامين 1949-1950، حتى شغلَ منصب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حتى عام 1957، واختارته المملكة العربية السعودية، لمنصب وزير الدولة لشؤون الأمم المتحدة ومن ثم سفيرها الدائم فيها، فهواه الفلسطيني دفعه لتركيزِ نشاطه أثناء عمله بالأمم المتحدة على الدفاع عن القضية الفلسطينية، وقضايا المغرب العربي.

وبعد أن اختير "أحمد الشقيري" في حزيران سنة 1963 ممثلاً لفلسطين، في جامعة الدول العربية خَلفاً للمرحوم "أحمد حلمي عبد الباقي"، الذي كان يشغلُ رئيسَ حكومة عموم فلسطين، وممثلها في الجامعة، انتُخِب من خلال مؤتمر فلسطيني عام سنة 1964، والذي أُطلق عليه اسم "المجلس الوطني الأول" لمنظمة التحرير الفلسطينية، انتَخَبَ هذا المؤتمر "أحمد الشقيري" رئيساً للمجلس، وأعلن قيام (م.ت.ف)، وصادقَ على النظام الأساسي للمنظمة، وانتُخِب رئيساً للَّجنة التنفيذية للمنظمة، حيث تفرغَ لها في القدس، وجُدِّدَت رئاسته للجنة التنفيذية سنة 1965.

عاشَ طيلةَ حياته يرددُ بأن (الشعب الفلسطيني مصممٌ تصميماً لا يلين، وعازمٌ عزماً لا ينثني، على تحرير وطنه، مهما عظُمت التضحيات، وطال الزمان)، ناصَرَ المظلومَ ودافعَ عنه في وجه الظلم، كان الكاتب، الثائر، الحقوقي ، المناضل، والزعيم، حياته العمليَّة أكسبَته الخِبرة والحِنكَة السياسية، وعمله بين الأمم أكسبه الدبلوماسية، رغم أنه قام ببناء "الجهاز العسكري" تحت إسم جيش التحرير، لإعداد الشعب الفلسطيني عسكرياً، إلا أنه قام بإنشاء الصندوق القومي الفلسطيني.

ألّفَ "الشقيري" العديد من الكتب ومنها : "من القدس الى واشنطن"، "قضايا عربية"، "دفاعاً عن فلسطين والجزائر"، "قضية الثورة الجزائرية"، "فلسطين على منبر الأمم المتحدة"، "مشروع الدولة العربية المتحدة"، و"حوار وأسرار مع الملوك والرؤساء" وغيرها من المؤلفات والأبحاث، حتى أنَّه نُشَر له بعد وفاته رحمه الله، "خرافات يهودية".

استقالَ "الشقيري" في 24/12/1967 بعد التباين في وجهات النظر، بين خطيِّ السياسة والكفاح المسلح في المنظمة، مقدِّماً استقالته في ذلك الوقت إلى الشعب العربي الفلسطيني، حيث بقيَ يردد ويؤكد في خطبه وأحاديته وحواراته وكتاباته على عدالة القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

القارىء لكتاباته وتاريخه، يعي أنه في حضرة قائدٍ عربيٍ فَذ، مِن بَين العديد من القادة السياسيّين العرب في القرن العشرين، أحَبَّ وطنَه وعَشِق القضيَّة، وكانت أُمه فلسطين، وظلَّ يَحلم بتحريرها ونصرها، " تنوَّعَ في المواهبِ والكِفايات وتَعدَّدَ في الطاقات والقدرات والمهارات"، عاشَ "أحمد الشقيري" قائداً أُمميّاً، يليقُ به لقب "محبوب العرب" فلسطيني انتَصَر للعروبة، لِمَا قَدَّمه لقضاياهم وهمومهم، في المحافِل الدولية.

في ذكرى وفاتِه السابعة والثلاثين، التي تصادف اليوم، نَستذكِرُ جزءاً من رسالته الأخيرة، إلى صديقه في الكويت " خير الدين أبوالجبين" المؤرخة في السابع من تشرين الثاني عام 1979، كتب: " أرجوكَ أنت وإخوانِنا في النِّضالِ، أن تُنَصِّبوا أنفسكم حُراساً على القضيَّة الفلسطينية، وأن تُداوِموا على نُصحِ إخوانِنا الذين ألقَت المقادير بين أيديهم، قيادة القيادة الفلسطينية، أن لا يُفَرِّطوا بأيِّ شبرٍ من وطننا المقدس، ولا ذرَّة مِن تراب وطننا الغالي.. إن كلَّ تفريطٍ واستسلامٍ يُقابِله الخصم، بالمزيد من الأطماعِ والتوسع وهذه هي وصيّتي لشعبنا البطل،.. وأسأل الله لقادتنا الهدى ولشعبنا النصر المُبين".

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...