الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المشهد السياسي: السلطة... تجربة أم حقل تجارب؟

الكاتب: نبيل عمرو

كل الذي يحدث في حياتنا جديد علينا... عودة مئات الألوف الى الوطن. قيام سلطة وطنية على جزء بسيط من الوطن. تأسيس وزارات وهيئات حكم وصلت موازنتها العامة الى خمسة مليارات دولار. تنسيق أمني مع إسرائيل يؤديه ثوار الامس ورجال سلطة اليوم.

ولو دققنا أكثر لوجدنا عناوين أكثر، كل الذي تقدم بصرف النظر عن من معه ومن ضده يسجل في سطور التاريخ كتجربة وطنية، ومثل كل تجارب الشعوب، فهي معرضة للانتكاس او الفشل او النجاح.

غير أن هذا الامر يختلف كليا عن ما يجري في مجالات عديدة، أدى إخفاق السلطة في معالجتها الى نتائج عكسية، فالسلطة الان تتعرض لنوع من العزلة عن شعبها، والبعض يحاول تحويل العزلة الى عداء، وبكل أسف فإن التربة جاهزة لمثل هذا التحول.

لقد أدّت السلطة مهاما كثيرة وفق منطق حقل التجارب، كان الارتجال وانعدام الدراسة التفصيلية لأي إجراء يؤدي غالباً الى عكسه، وأبلغ دليل على ذلك حكاية غزة، من أولها الى آخرها، ولكل كبيرة من الكبائر التي وقعت عنوان يختلف عن الاخر في المضمون والأداء والنتائج.

الاحتجاج واسع النطاق على الرواتب، ليس أول ولا آخر ما حدث، فقبلها وقعت انتفاضة الرواتب في اليوم التالي لاعلان اتفاق مخيم الشاطئ .

كان الناس في غير وارد الابتهاج لاعلان الاتفاق الذي زُفّ كخشبة خلاص من الانقسام والحصار والمعاناة، لم يستغرق الامر يوماً واحدا حتى تبين ان ما تفعله الطبقة السياسية في واد، وما يريده الناس في وادٍ آخر، هم يريدون وحدة هذا صحيح، ولكنهم لا يريدون وحدة استعراضية هشة، تؤدي الى ابتعاد عن الوحدة الحقيقية التي يريدها الناس، بل وتدفعهم اثمانا مضاعفة للفشل وسوء التقدير والأداء.

لن نشتت الامر بعيدا ولأحصر المعالجة في إطار الازمة الراهنة.

الموظفون الذين أُمروا بالاستنكاف عن العمل في وزاراتهم ودوائرهم، رتبوا أمور حياتهم على دخلهم الذي هو الراتب ليس إلا، تكيفت عشرات الألوف مع هذا الوضع، من اشترى بيتا اعتمد على الراتب المنتظم لسداد قسط القرض، ومن انجب وارسل ابناءه الى الحضانات والمدارس والجامعات مد رجليه وارجل عائلته على قدر فراشه ، ورغم المعاناة تمكن الناس من العيش تحت هذا السقف المنخفض والثابت.

وحين يذهب الموظف لاستلام راتبه ولا يجده كما استلمه في الشهر السابق، فإن بناء حياته عرضة للانهيار، في حالة كهذه لن يستمع الى التبريرات، ولن يتفهم تدفيعه ثمن الانتكاسات والأزمات، فكل الذي يعرفه ان حياته اختلّت لذنب لم يقترفه، ولسبب مهما بدا محكم التصميم إلا انه لا يسمن ولا يغني من جوع.

حين يدعو فصيل او جهة لاحتشاد شعبي تضامنا مع الاسرى او تنديدا بالجدار والاستيطان واستمرار الاحتلال، فإن من يلبون النداء يعدون في أفضل الأحوال بالعشرات، اما حين تمس لقمة العيش ولأي سبب كان، فالمحتجون بعشرات الألوف، فهم وحدهم من تضرر ووحدهم من دفع ثمن الارتجال والاستسهال.

أعود الى العنوان ... هنا يكمن الفرق بين التجربة المشروعة وربما الحتمية والتي يقبض الجميع او يدفع ثمنها، وبين جعل البلاد والعباد حقل تجارب لا ينبت غير المعضلات التي لا حل لها غالبا، وحين يرتجل قرار كهذا، ويفاجئ الناس به، تنبت في حقله نباتات سامة تعبأ الناس ضد التجربة التي يفترض انها لهم ومن اجلهم ، فيقال مثلا هذا ثمن مسبق لترتيبات سياسية ربما يكون بدأ العمل بها ، وأشياء كثيرة من هذا القبيل تقال فتملأ الصدور بالحقد المسبق على أي تحرك سياسي وبأي اتجاه، وهنالك من لديه القدرات الأقوى على استنبات ما هو اخطر، وهو تعميق شرخ نفسي داخل أبناء العائلة الفلسطينية الواحدة، اذ لابد وان يقال لماذا هنا وليس هناك.
هذه الكلمات لم تُقل على لسان المواطنين الفلسطينيين معتنقي الوحدة والمصير الواحد في كل الظروف، ولكنها قيلت هذه الأيام، وبكل اسف وجد هذا القول صدىً وأحدث تباعداً.

هل تنجح السلطة في تدارك مضاعفات هذا القرار؟ ام ستلجأ الى الزمن الذي يمحو من الذاكرة اكبر المصائب؟... لنرى

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...