الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

فلسطين في البيت الأبيض

الكاتب: ناجي صادق شراب

بعد ثلاث سنوات ستدخل القضية الفلسطينية مرة ثانية إلى البيت الأبيض بالزيارة التي سيقوم بها الرئيس محمود عباس في الثالث من ايار القادم، منذ ذلك الوقت، حيث سيلتقي للمرة الاولى بالرئيس دونالد ترامب ، وهو ما سيشكل دون شك بداية علاقة جديدة بين الرئيسيين، وبداية جديدة للعلاقة بالقضية الفلسطينية ، ومن الأهمية بمكان العلاقات بين الرؤساء لما لها من تأثير وتداعيات مهمة وخصوصا في الحالة الفلسطينية. وستساهم هذه الزيارة في بلورة طبيعة الدور الأمريكي في المرحلة المقبلة ، وقد تكون إيذانا ببدء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. للمرة الأولى سيسمع الرئيس الأمريكي مباشرة من الرئيس محمود عباس عن التصور الفلسطيني للتسوية السياسية الشاملة، بعد لقائه الأول مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ، ولقائه بالملك عبد الله الثاني. وبهذه اللقاءات يكون الرئيس الأمريكي قد تعرف على الرؤية العربية والفلسطينية.وتأتي هذه اللقاءات بعد اللقاء الأول للرئيس الأمريكي مع نتانياهو مباشرة بعد فوزه في الإنتخابات ومؤتمره الصحفي الذي أكد فيه عدم فرضه لأي حل على إسرائيل، وبعدم حماسه لحل الدولتين، ومطالبته الفلسطينيين بالمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، وبعد تصريحاته غير المتفائلة بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وعدم معارضته للإستيطان ، وتأكيده على عدم فرض اي قرارات من الأمم المتحدة ضد إسرائيل، بل ومطالبته بإلغاء القرار الذي أصدره مجلس الأمن في الشهر الأخير من حكم أوباما، رقم 2334 الذي يدين كل الإستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وبعد ان شكل فريقه الكامل ، وهم من اكثر المؤيدين لإسرائيل، وخصوصا سفيره ديفيد فريدمان. هذا اللقاء سيأتي في أعقاب تحولات وتطورات مهمه تمهد لزيارة الرئيس محمود عباس، أولها عقد القمة العربية في عمان، والتي أكدت على شرعية الرئيس عباس ، والتمسك بالمبادرة العربية كإطار عام للسلام مع إسرائيل، والربط بين اي مبادرات للسلام الإقليمي وقيام الدولة الفلسطينية. وتأتي أيضا بعد اول زيارة للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي جيسون غرينبلات ، والذي إلتقى بالفلسطينيين والإسرائيليين، وكل هذه اللقاءات ساهمت في تكوين رؤية ولو محدودة لدى الرئيس الأمريكي عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، والخيارات المحتملة للتسوية.

وكانت النتيجة السريعة لهذه الخطوات، وقف نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب للقدس، ومطالبة نتانياهو بعدم التوسع خارج المستوطنات القائمة ، وبالإعلان الصريح عن رغبة الرئيس الأمريكي في إنهاء هذا الصراع الذي فشلت فيه كل الإدارات الأمريكية السابقة. هذه التحولات بعثت قدرا من التفاؤل لدى الفلسطينيين بان الرئيس الأمريكي الجديد لديه القدرة والقوة للعب دورا اكثر فعالية من الدور الذي لعبه الرئيس اوباما على مدار ولايتين، وكان عاجزا عن ممارسة ضغط على نتانياهو لتجميد الإستيطان والشروع بالمفاوضات، رغم الرحلات المكوكية التي قام بها وزير خارجيته جون كيري للمنطقة.

ومما يساعد الرئيس الأمريكي حالياً التأييد أو الأغلبية التي يتمتع بها الحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي، فالرئيس الأمريكي يريد ان يحقق إنجازا تاريخيا يسجل له في إنهاء هذا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ولكن بطريقته وتصوراته التي تقوم على إستراتيجية الصفقة التجارية الكبرى ، والتي يحقق من ورائها الربح الكبير، مقابل تنازلات يقدمها طرفا التفاوض، وتأتي هذه الزيارة في ظل تحولات إقليمية ودولية قد لا تعمل كثيرا لصالح الموقف الفلسطيني ، فحالة الإنقسام السياسي الفلسطيني تفرض نفسها على أي مفاوضات فلسطينية أمريكية ، والموقف العربي في أضعف حالاته، وكل دولة عربية تولي قضاياها الداخلية أولوية ، والموقف الدولي ليس أحسن حالا بتداخل وتشابك ملفاته في كثير من مناطق العالم كسوريا وكوريا وإيران وغيرها، وفي الوقت ذاته تحكم إسرائيل حكومة يمينية متشددة ترفض وقف الإستيطان وقيام الدولة الفلسطينية.

يذهب الرئيس محمود عباس وهو يدرك كل هذه التحولات والتطورات، ويدرك صعوبة الزيارة ، لكنها فرصة سياسية لإختراق البيت الأبيض وعرض وجهة النظر الفلسطينية لعلها تحدث إختراقا في تصورات ومدركات الرئيس الأمريكي التي نجح نتانياهو في تثبيتها ، وإعطاء صورة مغلوطة عن الموقف الفلسطيني. ولذا فإن الصعاب والتحديات والمهام كثيرة التي على الرئيس محمود عباس القيام بها في ساعات قليلة جدا، والتأكيد على إيجابية الدور والموقف الفلسطيني على مدار اكثر من عشرين سنة من المفاوضات، وان الفلسطينيين قدموا من التنازلات الكثير لإنجاح المفاوضات.

ولعل اول مطالب الإدارة الأمريكية هو العودة لطاولة المفاوضات ، وهنا صحيح ان الرئيس عباس سيقبل بالمفاوضات، ولكن في الوقت ذاته التأكيد على جدية الدور الأمريكي ، وما مدى مصداقية الحكومة الإسرائيلية ، والمطالبة باكمال صفقة الأسرى التي أوقفتها إسرائيل مع السلطة ، والتأكيد أيضا على مرجعية محدده لمفاوضات لها هدف، وأن الهدف ليس المفاوضات من اجل التفاوض، وأنه إذا كان الرئيس الأمريكي راغبا بإنجاز تسوية سياسية تاريخية ، فلا بد من دور أمريكي ضاغط وفاعل وغير متحيز.

ويأمل الرئيس ان تكون لقاءات ترامب مع كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني قد مهدت الطريق له في البيت ألأبيض.ومسلحا بموقف عربي داعم أشبه بالتفويض يحمله معه، بالربط بين السلام الإقليمي وقيام الدولة الفلسطينية.وبتأكيد الرئيس الفلسطيني على قضية الإستيطان وكيف تنهي اي أمل في مفاوضات ناجحة.

إلا إن هذه الزيارة قد تكون الأصعب للرئيس عباس ، وهي مغايرة تماما لزيارات سابقيه، فحجم الضغوطات التي تواجه الرئيس عباس في الداخل، ومن إسرائيل، وحجم المطالب الأمريكية المتوقعة والتي تصل لحد المطالبة بإتخاذ مواقف وقرارات قد يصعب على الرئيس إتخاذها وخصوصا ما يتعلق منها بالأسرى والشهداء، والتحويلات المالية لغزة . فكل هذا يفرض على الرئيس عبئا كبيرا في مدى قدرته اولا في خلق علاقة خاصه مع الرئيس ترامب يبني عليه مستقبلا، وقدرته ثانيا على إقناع الرئيس ألأمريكي ولو جزئيا في هذه المرحلة بوجهة النظر الفلسطينية ، وتأكيده ثالثا على قدرته على التوصل لتسوية تاريخية ،وانه يمثل شريكا حقيقيا للسلام، وانه إذا لم يتم إنجاز السلام في عهده ، فقد يصعب أن يتحقق السلام لعقود طويلة ، ودخول المنطقة لحالة من عدم الإستقرار، وإعطاء فرصة للجماعات المتشددة والإرهاب ان يتجددا على حساب عدم حل القضية الفلسطينية.

الرئيس عباس سيؤكد ان القضية الفلسطينية ما زال لها حضورها ، وتاثيرها وكيف ان القوى الإقليمية المتغلغلة في المنطقة والجماعات الإرهابية تعيش على عدم حل القضية الفلسطينية. ويبقى ان الرئيس عباس بخبرته السياسية الطويلة ،مع اكثر من رئيس أمريكي قادر على أن يؤثر في موقف وتصورات ومدركات الرئيس الأمريكي التي يحملها عن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...