من غزة إلى ليبيا بحثا عن فرص عمل جديدة

تمكن عدد من الشبان الغزيين العاطلين عن العمل مؤخراً من الوصول إلى ليبيا بعد معاناة شديدة تمثلت برحلة سفر محفوفة بالمخاطر ساعدهم فيها مهربون، وذلك بعد أن سقط نظام العقيد معمر القذافي بمقتله وتوقف القتال بين المسلحين وكتائب الرجل.
ففي رحلة دامت لأيام تمكن الشاب 'أحمد ' من إبلاغ أهله القاطنين قطاع غزة هاتفياً أنه أصبح في الأراضي الليبية، بحثاً عن فرص عمل جديدة هناك.
وقالت العائلة التي كانت تعلم بالرحلة التي سيقوم بها نجلها أنها ظلت تعيش لأيام في حالة قلق شديدة، خاصة انه في مطلع العشرينيات، ولم يسبق له وأن غادر القطاع مطلقاً، إلا أن أبلغت بوصوله سالماً هناك.
ويقول رب العائلة انه لا زال يشعر لهذا القلق، خشية على نجله في ذلك البلد المضطرب، ويقول ان ولده عاطل عن العمل، وأن الأخبار التي نقلت عن وجود فرص عمل مستقبلية لإعادة اعمار ليبيا بعد الحرب دفعت أحمد للوصول هناك، لانتهاز فرصة العمل مبكراً. وتسبب حصار إسرائيل المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من اربع سنوات في رفع نسب الفقر والبطالة، إذ تشير إحصائيات إلى أن معدل البطالة بلغ 65 بالمئة، في حين وصل معدل الفقر 80 بالمئة، في حين يعتمد 85 بالمئة من السكان على المساعدات المقدمة من جهات داعمة وخيرية.
وتوقفت المعارك بين ثوار ليبيا وكتائب القذافي بعد استيلاء الثوار على كل مدن ليبيا، ومع اندلاع تل المعارك في شهر شباط (فبراير) الماضي عادت إلى قطاع غزة أعداد كبيرة من العائلات الفلسطينية التي كانت تعمل في ليبيا، وتنتظر هذه العائلات الفرص للعودة للعمل مجدداً.
وبحسب المعلومات المتوفرة فإن شبانا غزيين آخرين وصلوا إلى ليبيا مؤخراً عن طريق تهريبهم من الأنفاق الأرضية التي تربط جنوب القطاع بمصر، حيث يتولى أمرهم لحظة وصولهم مصر مهربون مختصون ينقلونهم براً إلى مناطق الحدود المصرية الليبية القريبة من معبر السلوم، ومنها يتسللون للدخول إلى ليبيا. ورغم أن بداية سفر من يرغبون في الوصول إلى ليبيا تكون مخيفة من خلال عبورهم الحدود مع مصر سيراً في نفق ممتد لنحو كيلو متر مقام أسفل الحدود، إلا أن هذا الأمر هين إذا ما قورن مع بقية أجزاء الرحلة التي سيقطع خلالها الشبان مئات الكيلو مترات في الصحراء للوصول إلى الحدود المصرية الليبية، ومنها يدخلون في طرق وعرة لاجتياز تلك الحدود.
وتحدث ثلاثة شبان بعضهم متزوج وله أطفال أنه سيغادرون خلال أيام إلى ليبيا، لكن بدخولهم مصر بطرق شرعية، ومنها عن طريق التهريب أيضاً إلى ليبيا، بحثاً عن العمل.
وذكر أحدهم أنه يريد العمل بأجر مجز لتأمين حياة كريمة في المستقبل لأسرته، ويقول انه لم يعد أمامه أمل هنا في غزة لتحقيق أحلامه، وأنه قرر السفر لعله يجد الفرص المناسبة.
ويعلم هؤلاء الشبان أنهم سيكافحون مشقة كبيرة في السفر قبل الوصول إلى الأراضي الليبية، وسيعيشون أياما محفوفة بالمخاطر، لكنهم يقولون أن هذا ذلك سيهون لتوفير المال.
ويحتاج الشبان إلى عدة أيام قد تصل إلى خمسة من السفر المتواصل للوصول من الحدود الغزية مع مصر إلى الحدود المصرية مع ليبيا، كذلك يحتاجون إلى مبلغ يصل إلى نحو 500 دولار للفرد الواحد كمصاريف لرحلة التهريب، بحسب ما أفاد أحدهم.
وينظر الشباب الغزيون العاطلون عن العمل، وكذلك الحرفيون وهم كثر من الذين توقفوا عن العمل داخل إسرائيل منذ سنوات إلى ليبيا على أنها تمثل 'القبلة الجديدة' لتوفير المال، بعد الأنباء التي تقول ان هذا البلد النفطي الغني يحتاج إلى تنفيذ مشاريع كبيرة لإعادة ترميمه بعد المعارك الطاحنة التي اندلعت بين الثوار وكتائب القذافي.
وبات هناك داخل القطاع آلاف من العمال العاطلين عن العمل، أو من أولئك الباحثين عن توفير أموال أكثر ينتظرون بشغف لحظة الإعلان رسمياً عن توفر فرص عمل في ليبيا، على غرار تلك التي كانت توفر لهم في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في دول الخليج العربي.
وشاع في القطاع مؤخراً بأن نقابة العمال شرعت في فتح باب التسجيل لإلحاق عمالة في ليبيا، لكن رئيس الاتحاد في القطاع سامي العمصي، نفى أن يكون هناك عملية تسجيل، وقال ان الاتحاد أجرى مسحاً للتأكد من أعداد العمال المتعطلين عن العمل لتحديث بياناتهم.
لكن عمال قابلتهم 'القدس العربي' قالوا انهم يريدون التسجيل على أمل التحاقهم بالعمل في ليبيا.
وحذر رئيس اتحاد نقابات العمال شاهر سعد، من التعاطي مع جهات في قطاع غزة قال أنها 'توهم العمال بإمكانية توفير فرص عمل لهم في ليبيا'.
وقال ان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، وأثناء زيارته لليبيا اتفق مع القادة الليبيين ان يصار إلى الاتصال بالسلطة الوطنية لتشغيل عمال غزيين ضمن خطة إعادة اعمار ليبيا التي لن تبدأ في القريب المنظور.