الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المرض المجهول، كابوسٌ لعين يُلاحق المواطن حسام سلامة

رام الله - رايــة :

فراس أبو عيشة- بتجاعيد وجهه تقرأ قصةً ألمٍ وكفاح، وببريق عينيه تتجسد دموعه لتروي حكاية مرضه المجهول، وبرجفة يديه وهو يُمسك فنجان قهوته، تتملك النفس مشاعرَ من الحزن، فيجلس على فراشه، ويتكئ على مخدته البيضاء، فيسرد تفاصيل حكايته، التي ما هي إلا قصةً تُدمع الحجر، وتُبكي الصخر.

المواطن حسام أسعد سلامة (55 عاماً) من مدينة نابلس، يستهل حديثه "الشكوى إلى غير الله مذلة، فلم أتوقع يوماً ما أن أصاب بمرضٍ مجهول لا شفاء منه، وأنظر بالمرآةِ إلى حالي، فأبكي وأنوح على نفسي".

سلامة الذي يجهل حتى اليوم ما هو مرضه، بعد أكثر من عشرين عاماً على إصابته به، يحمل بين كفي يديه عشرات التقارير الطبية، والتي تُبين ذهابه وإيابه للعديد من المستشفيات داخل فلسطين، والتي توصي بعلاجه خارج البلاد، لتشخيص مرضه، ولكن بلا جدوى، وتقارير أخرى تُفقده الأمل في العلاج، وتوصيه بانتظار رحمة الله، ومجيء أجله.

يقول سلامة: "وزني بات يتناقص ويتلاشى شيئاً فشيئاً منذ بداية ذاك المرض المجهول، وخلال الأشهر الماضية تناقص وزني قُرابة الـ40 كيلو غرام، والأطباء أكدوا أن هذا التناقص الواضح والكبير سببه رياضة المشي التي كُنت أُمارسها طيلة تلك الفترة، كونني أعشق هذه الرياضة".

ويُضيف "ظهر فيما بعد كيس في الجهة اليسرى من خاصرتي، فأجروا الأطباء عملية جراحية لي، وأخذوا خزعة لتحليلها، ولم يظهر شيء على حد قولهم، وأزالوا الكيس".

وبحشرجةٍ في صوته، يُتابع "بعد العملية بفترةٍ وجيزة، بدأت يداي ترتجفان بشدة، وتوجهت للعديد من أطباء الأعصاب في المدينة، وجميعهم زودوني بأسماء لبعض الأدوية والفيتامينات لا غير، وبلا منفعة".

وتلا ذلك، تناقص لوزنه بشكلٍ مستمر، تزامن معه نقصانٌ في اللحم، وتآكلٌ بالعضل، فلم يعد بمقدوره الجلوس، أو حتى المشي، وقضاء الحاجات الأساسية لوحده.

ويُمسك سلامة تقاريره الطبية، ويتأمل بها، وتذرف دموعه، ويستذكر قائلاً "توجهت إلى مستشفى المقاصد في مدينة القدس، وأُجريت لي عملية، وأُخذت خزعة من سائل الحبل الشوكي، وأيضاً لم يظهر شيء على حد قولهم".

وبقي سلامة في المستشفى لمدة أسبوعٍ تقريباً، تخللها زيارةٌ للعديد من الجراحين، والأطباء، إضافةً إلى تحليلات الدم، وعشرات من صور الأشعة والطبقية، دون تشخيص لحاله والمرض.

ويروي "انتقلت بعدها إلى مستشفى هداسا- عين كارم الإسرائيلي، وأجريت لي عملية في القولون، استمرت لمدة تصل إلى عشر ساعات، كانت أشبه بعشر سنواتٍ عجاف، تلاها إصابتي بمرض سرطان القولون، ومن ثم عملية لإزالة المرارة، وعملية عصب في رسغ اليدين".

وعاد سلامة بعدها إلى مستشفى المقاصد، مع زيادة في رجفان يديه وجسمه، وجلس فيه نحو 100 يوم، واتفق الأطباء على ضرورة تغيير "بلازما الدم"، واحتاج آنذاك إلى أكثر من 60 وحدة دم، ولكنها لم تتوفر كاملة.

والدموع تملأ عينيه ووجنتيه، يُكمل "عشت نحو 35 يوماً في العناية المكثفة، كانت أشبه بالموت البطيء، وأذكر حينها أن شراييني وصلت إلى حد الجفاف من كثرة وغز الإبر، التي زادت عن خمس إبر في الساعة الواحدة، وأُصبت خلالها بمرض السكري، لكثرة الكورتيزون الذي كنت أتجرعه، وتلفت شبكة عيني اليسرى نتيجة إرتفاع السكر في الدم، وأُجريت لي أكثر من سبع عمليات في البصر".

وبحسرةٍ على حاله، يقول "كيف كنت، وكيف صرت، دخيل الله، شو هالكابوس يلي مش قابل يخلص، ومش قادر أفهم تفاصيلو، يااااا رب رحمتك".

ويعمل سلامة بمستشفى رفيديا الحكومي في نابلس موظفاً للإستقبال، وحصل على تحويلات من المستشفى، وجزء من المصاريف دفعها هو، واستطاع أن يحصل على إجازة سنة وسبعة أشهر من وزارة الصحة، إلا أن أمره صعب حالياً، فهو لا يملك مالاً، ولا قدرة له على العمل.

وبصوته الذي أصبح مختنقاً، يذكر سلامة قائلاً "أن تتحول إلى عاجز، يعني أن حياتك قُيدت، فأنا أصبحت لا أستطيع تدبير مصروف بيتي، بعد أن كُنت معيلاً له".

"كم هي صعبة، كنت أسير معه على الأقدام عشرات الكيلومترات، والآن.. أصبح زوجي لا يستطيع الوقوف والمشي، فسُرعان ما يفقد توازنه عند وقوفه"، هذا ما تحدثت به زوجته وفاء شاهين، وقد اغرورقت بالدموع.

وتُكمل "حسام رجلٌ صبور، لم يعرف اليأس دوماً، ورغم وجعه المدقع، وكل ما مر به، إلا أنَّه متمسكٌ بالله، وأنه سيرحمه عاجلاً أم آجلاً، وهو متمسكٌ بأمل الشفاء من مرضه المجهول".

وعن حال معيشتهم، تقول زوجته "منزلنا متواضع، يتكون من غرفتين صغيرتين، وحمام، ومطبخ، وشرفة صغيرة لا تتسع إلا لفرشة، ولا معيل لدينا، ولم نترك باباً من بقايا الأمل إلا وأن طرقناه، ولكن بلا جدوى، ولا مغيث لنا سوى الله".

Loading...