الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

في نابلس: عائلةٌ افترسها الفقر تبحث عن معين

رام الله- رايــة: 

فراس أبو عيشة- في قسمات وجوههم، تقرأ قصة معاناةٍ وفقرٍ، ورحلة حرمانٍ لا تنتهي من أبسط متطلبات الحياة، فالبؤس بادياً على تلك الملامح المُبتسمة في وجه كل صباحٍ رغم الألم، فيتساءلون: "هل تحدثتم عنا؟ وعن معاناتنا؟ وأوجاعنا؟، هل أصبح العالم لا ينظُر لنا بنظرة الشفقة؟، وهل سنُصبح عائلةً لا تطلب العون من أحد؟".

هُنا في شمال الضفة الغربية، وفي مدينة نابلس، عائلةٌ تتكون من أبٍ وأُم، وسبعة ذكورٍ وإناث، أكبرهم لا يتجاوز الثماني سنوات، يعانون من شدة الفقر، فتجولت بين جدران منزلهم المهترئة، وتنقلت من غرفةٍ لمطبخٍ عفا عليهما الزمن، ثم إلى حمامٍ لا باب له، ولا مكان للإستجمام فيه، فالبيت يخلو من أساسيات الحياة، فهم ينامون على الأرض، وعلى فرشتين مُمزقتين، وسجادة واحدة، والخزانة الوحيدة التي توضع فيها الملابس قديمة، ومتهالكة جداً، ومُعرضةٌ للجراثيم والأمراض.
المواطن خالد عليان، رب الأسرة، شابٌ لم يتجاوز الأربعين من عمره، يستهل حديثه "أوضاعنا صعبة جداً، وجاء إلى بيتنا من قالوا بأنهم سيساعدوننا، ولكن لم نشاهد شيئاً، سوى ربطاتٍ من الخبر، والتشهير، وإظهار مساوئ معيشتنا، فأطفالي أصابهم اليأس، وباتوا محض استهزاء من كُلِّ كبيرٍ وصغير".

وبابتسامةٍ حملت الكثير من دموعِ الألم والقهر خلفها، يقول "إحنا مش شحادين، وما بدنا حد يساعدنا، بس بدنا نعيش بكرامة وإنسانية، متلنا متل باقي البشر، وفش حد أحسن من حد".

ويُضيف "لم نتوجه يوماً لنطلب المساعدة من أحد، ولن نُفكر يوماً بهذا، فأنا لا أستعطف ولا أشحد، فابنتي ميريانة الرضيعة، بحاجة إلى نوعٍ خاص من الحليب، وتُعاني من نقصٍ في الوزن، والتهاباتٍ في المسالك البولية والقولون، إضافةً إلى أن إبني في الثالثة من عمره بحاجة لمصاريف العلاج، لإجراء عمليةٍ له في الخصيتين، بسبب التهابهما".

صوته يختنق، ويُتابع "أنا لست وحدي في هذا المجتمع، فحالي قد يكون أفضل من الكثير، بالرغم من أن وضعي الصحي السيء، ولا يسمح لي بالعمل وتوفير لقمة العيش، فهل سأبقى هكذا حتى يموت أطفالي من الفقر والجوع؟".

ويُردف أبو أيسر بحسرةٍ وحرقةٍ، قائلاً "ماذا سأقول لإبني حين يسألني عن مصروفه؟، ومتى سأشتري له ملابس جديدة مثل الآخرين؟، وماذا سأقول له عندما يقول لي، إلى أين سنذهب إذا لم ندفع أجار منزلنا؟".

ويمسك أبو أيسر بين كفي يديه عشرات فواتير المياه والكهرباء التي يعجز عن تسديدها، ويقول "كيف لي أن أُوفر أجرة بيت لعامين، وماء وكهرباء، وأنا لا أستطيع توفير المتطلب الأساسي لطفلتي وهو الحليب؟، فأنا أهرب من ذاك الألم بالنوم، فأصحو على فقرٍ يكادُ يُمزق أحشائي".

وبكلماتها التي اختلطت بالدموع، تتحدث زوجته أم أيسر الثلاثينية "أولادي ما بلاقوا شي يلبسوا، أبسط متطلبات العيش إحنا فقدناها، فطورنا وغذاءنا وعشاءنا واحد، ما بتعدى خبز وشاي وزيت وزعتر".

وتُكمل "لم نتذوق الدجاج من أكتر من سنة ونص، وبس يطلبوا أولادي الدجاج، بحطلهم مكعبات ماجي، وبحكيلهم هاد دجاج مطحون، وبقنع حالي أنا وزوجي، إنه دجاج مطحون".

وأما أيسر الإبن الأكبر (8 أعوام)، والذي خانته الدموع، يُقاطع حديث والدته، ويقول "إحنا بدنا نعيش زي الناس، بدي أحس إني عايش بكرامة متل غيري، وألبس زي صحابي، وأشتري متلهم، كل همنا لقمة العيش، ورغيف الخبر صار حلمنا".

وبألمٍ يعتصر قلب أم أيسر، تتساءل "هل يجب أن نخرج إلى الخارج، ونجوب شوارع المدينة؟، ونصرخ؟، ونستغيث؟، ونطلب المساعدة من أجل توفير لقمة العيش؟، أم علينا أن نترك أطفالنا في الشوارع كالمتسولين؟، أم ننتظر أجلُنا وأجلُهم حتى يأتي؟، ومن سيُداوي جراحنا الغائرة؟، ويمسح دموع أطفالنا الذي اكتووا بنار الفقر؟".

Loading...