الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

اللافتات الأجنبية تغير الطابع العربي لمدن الضفة

رام الله- رايــة:

فراس وملاك أبو عيشة-

ما أن تبدأ بالمشي في شوارع وأسواق مدن الضفة الغربية، ليلفت بصرك لافتات لمحلات تجارية مكتوبة بلغات أجنبية دخيلة، لتشعر للحظات وكأنك أصبحت في دولة أجنبية غريبة عنك، لا فرق بينها وبين الدول الغربية سوى سكانها.

لافتات المحلات التجارية باللغات الأجنبية، وعلى رأسها الانجليزية بدأت تغزو مدن الضفة الغربية بسرعة غير متوقعة، وتطغى على لافتات اللغة العربية.


اللافتات الأجنبية سيدة الموقف

أصبحت اللافتات الأجنبية تشكل خطراً محدقاً باللغة العربية، والحس القومي تجاهها، وهناك تخوف لدى بعض المختصين في مجال اللغة العربية من أن تنتقل هذه الثقافة للأجيال القادمة في المجتمع الفلسطيني، يقول المحاضر في قسم اللغة العربية بجامعة النجاح الوطنية الدكتور فتحي خضر: "أعددت بحثا بعنوان (اللافتات التجارية في مدينة نابلس وأثرها على اللغة العربية)، ودراسة مسحية وصفية تحليلية، وطفت المدينة شارعاً شارعا من شرقها إلى غربها، ووجدت أن الكثرة المطلقة من هذه المحلات تحمل أسماءً أجنبيةً خلافاً لما كنت أتوقع، ووجدت أكثر من 1500 لافتة لمحلات تجارية مكتوبة بلغات أجنبية".

ويضيف خضر: "المحلات القديمة التي يعاد تأهيلها تطل علينا بلافتات أجنبية، فنحن اليوم أمام غزوٍ ثقافيٍّ أجنبيٍّ يُدمر العربية، ويكاد يقتلعها من جذورها".

ويوضح خضر أن اللافتات الأجنبية في مدينة نابلس تمتاز بعدة ميزات، فتكون ضخمة وعملاقة، وذات إنارة، وشكل جذاب، وتتجاور وتتقابل في حين آخر، فتشعر أنك لا تسير في بلدٍ عربي بل في دولة أجنبية.

ويشير إلى أن اللافتات المكتوبة باللغة العربية تقف على استحياء إلى جانب نظيراتها الإنجليزية، فهي إما مكتوبة خطئاً، أو صدئةً، وهذا أمر له عواقب وخيمة منها تراجع الإحساس القومي".

ويكمل: "هذه ظاهرة يجب أن يفزع لها المجتمع  الفلسطيني، وتوجهت خلال إعداد بحثي إلى الجهات المعنية، وكلهم أجابوني بصوتٍ واحد، وهو أن التشريعات الفلسطينية تُجيز ذلك".

ويشدد خضر على ضرورة إصدار قانون رادع يمنع هذه اللافتات التي ما زالت في إزدياد مستمر، وتعد كارثة وطنية.

ويقول المحاضر في قسم اللغة العربية بجامعة النجاح الوطنية الدكتور جبر خضير: "موضوع اللافتات الأجنبية موضوعٌ شائك، ومعقد، وخطير، فنحن عرب وفلسطينيون يجب أن نفرض لغتنا على الآخرين، ولا بد من معالجة هذه الظاهرة، والاهتمام بها لا سيما أن اللغة العربية هي لغة الحضارة والثقافة".

ويضيف: "المسؤولية الأولى تقع على البلديات، ووزارة الإقتصاد التي لا تراقب، وعلى التجار الذين يريدون جلب الزبون على حساب ثقافتنا ولغتنا العربية".

ويؤكد خضير على ضرورة إعادة الوعي للمجتمع الفلسطيني بأهمية اللغة العربية والإعتزاز بها، فلو ذهبت إلى أيٍ من الدول الغربية لن تجد لافتة محل مكتوبة بلغةٍ غير لغتهم.

قانون لا يردع

في التشريعات والقوانين الفلسطينية ليس هناك قانون يمنع تسمية المحلات التجارية بغير العربية، مما يشكل عائقاً للرقابة عليها، ويقول مدير مكتب وزارة الإقتصاد في نابلس بشار الصيفي: "نحنُ نسعى أن تكون أسماء المحلات باللغة العربية، بشرط ألا تخدش الحياء، وألا تُخالف العادات والتقاليد المجتمعية، مع العلم أن هُناك العديد من المحلات تُسجل إسمها باللغات الأجنبية، ولكن أصبحنا نُطالب بترجمة حرفية لتلك الأسماء".

ويضيف: "وزارة الإقتصاد بمديرياتها كافة لا تعتمد أي إسم إلا بعد ترجمته، والتأكد من أنَّه لا يُسيء للمجتمع والآخرين، فما يُخالف الدين والوطن والأخلاق والعُرف، لا تعتمده بشكلٍ قطعي".

ويُبين الصيفي أن قوانين العالم تسمح بأن يحمل المحل إسم بلغتين، والقانون الفلسطيني لا يمنع، والمجمل العام من شبابنا يرى أن الإسم الأجنبي يجذب أكثر من العربي، لأنهم يعتمدون على التقليد الأعمى فقط.

ويُوضح "يرى البعض أن الإسم الأجنبي يُحقق نجاحاً أكثر من العربي، ولكن ثبت العكس، فمثلاً بوظة الأرز وبعض المنشآت التي تحمل أسماء عائلات ومدن فلسطينية وغيرها، حققت نجاحاً باهراً وواضحاً على مستوى الوطن، مُقارنةً بنظيراتها الأجنبية".

ويُشجع الصيفي المجتمع المحلي، والجامعات، والمدارس، على وضع خطط توعوية للحد من الأسماء الأجنبية التي إحتلت الشارع الفلسطيني بشكلٍ واضحٍ وكبير.

ويقول رئيس غرفة التجارة والصناعة حسام حجاوي: "نحن نشجع  ونتمسك بأن تكون لافتات المحلات التجارية باللغة العربية، فهي لغة نفتخر بها، ويمكن أن يكتب الى جانبها بلغة أخرى، كالإنجليزية مثلاً".

ما يطلبه الجمهور

هناك العديد من الأسباب التي تقف خلف تسمية التجار لمحلاتهم باللغة الإنجليزية، وكلها بهدف جلب إنتباه الزبائن، وإثارة إهتمامهم، ويتحدث صاحب أحد محلات الملابس في نابلس، والذي يحمل إسماً أجنبياً، أن الإسم الأجنبي له رونق أكبر، ويجذب الناس أكثر، كون نظرة الناس للثقافة الأجنبية أصبحت أكبر من النظرة للثقافة العربية الأصيلة.

ويقول آخر "أسميتُ محلي بإسم أجنبي كونه ضمن ماركة عالمية، ولا يوجد ماركات عالمية تحمل إسماً عربياً، والإسم الأجنبي دلالة على الفخامة، والثقافة الحاضرة في الشارع الفلسطيني".

أما من يحمل محله الإسم العربي، فيرى أنَّه دلالة على التمسك باللغة العربية، وأصالتها، وأكثر جذباً للزوار، فبعض الناس لا تتقبل الإسم والمضمون الأجنبيين، وتُقاطعهما.ويقول آخر "أسميتُ محلي بإسمٍ عربي لقريةٍ فلسطينيةٍ دُمرت عام 1948، وذلك في دلالة ٍعلى التمسك التراثي بفلسطين، كونها جنة الله في الأرض".

وفي حين يُوضح صاحب محل أحذية يحمل الإسمين العربي والأجنبي أن الإسم لا يهم، فالمضمون هو الأهم بالنسبة للناس، وطبيعة البضاعة المعروضة للبيع هي التي تُقرر، وحتى لو كان العنوان عربياً، فالمضمون سيكون أجنبياً بكل الأحوال.

عقدة الأجنبي

تضاربت الآراء في الشارع الفلسطيني بشأن هذه الظاهرة بين مؤيد ومعارض، ويُوضح المحاضر في كلية الإعلام بجامعة النجاح الوطنية الدكتور فريد أبو ضهير أنَّ هُناك عدة عوامل وأسباب أدت إلى انتشار هذه الظاهرة، تكمن في التقليد الأعمى الذي أدى إلى استهواء عقول البشر، وأيضاً انتشار وسائل الإتصال والتواصل بين الناس، وضعف الإعتزار باللغة العربية وثقافتها وهويتها، فانطلقوا نحو المُثير، وما يلفت النظر تحت مُسمى "التقليعة والموضة".

ويُؤكد أبو ضهير أن القانون هو تعبير عن رأي غالبية الناس، وليس مسألة تفرضها الجهات المختصة على الشعب والمجتمع، وإنما هو تعبير عن المزاج السائد، فالقانون مسألة مُبكرة للتفكير بها حالياً بخصوص هذه الظاهرة والقضية، ويجب أن لا تكون حاضرة في هذا الوقت، وعلينا نشر الوعي والثقافة، وتعزيز التمسك بالهوية العربية، وفي حال رفض المجتمع لهذا الموضوع، وإستهجنه وإستنكره، ننتقل في حينها إلى مرحلة سن القانون.

ويُبين الناشط الشبابي محمود أبو شمط أنَّه من المحافظين على اللغة العربية، والداعمين لها، ومنذ سنين طوال يُحاول أن يُرسخها في كلماته وكتاباته، ويلتزم بها.

ويضيف "الأسماء الأجنبية لا تدل على تقدمٍ أو تخلف، وهي ثقافة موجودة لدى الناس بشكلٍ عام، ولكنني لا ألومهم عليها، وإنما ألوم من يعتمد تلك الثقافة الأجنبية، ويُميزها عن العربية".

ويتابع: "أصحاب المحلات يرون أن الثقافة الأجنبية هي الأفضل والأكثر جذباً للزوار، أو لأنها تعتمد ماركةً أجنبية، وعدم وجود ماركات عربية، أو ضعف الثقة بها، وبمنتجاتها".

Loading...