الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:44 AM
الظهر 12:39 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:15 PM
العشاء 8:34 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الأسيرة المحررة "أم حسن" وأولادها العشرة ما بين شهيد ومبعد وأسير

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين-

كثيرة هي الحكايات، لكنها قليلة تلك التي تحمل بين طياتها حكايات وحكايات، والحاجة صبحية القواسمي، أنجبت عشرة من الذكور، قدمتهم جميعا قرابينا للحرية، وأربع اناث ساندنها في الصمود، ناهيك عن تقديم المال والراحة وغيرها، وكلّ ذلك في سبيل الهدف الأسمى الذي يتمثل بالتحرر من الاحتلال الاسرائيلي، ومع ذلك ما زالت تقدم وتقول أن باستطاعتها تقديم المزيد والمزيد.

بطاقة تعريفية بالأسيرة المحررة " أم حسن"

الحاجة صبحية رشدي القواسمي " أم حسن" والتي تبلغ من العمر 62 عاما، ولدت في الخليل، وترعرت في حواريها، ثمّ تزوجت من الحاج علي القواسمي، فأنجبت أولادها، وربتهم على الايمان والتقوى والمسجد والعمل الجهادي.

تعود صبحية بذاكرتها للوراء وتقول:" أتذكر عمي وأنا ألعب أمام البيت، فبقدر ما كنت نشيطة ومشاغبة، كان عمي يقول: " يعدمني اياك يا صبحية، فيقول أبي لماذا تدعي عليها، ربما غدا حينما تتزوج وتنجب تكون خلفتها ترفع الرأس". هم يتحدثون هكذا وانا أستحي، وهذا كل ما أذكره من طفولتي، دعاء مزح المحبة لأنني مشاغبة، وكل ما أكون لوحدي أتذكرها، وفعلا دعوة أبي أستجيبت، وأنجبت أولادا أفخر بهم".

بين اللهو والمشاغبة قضت صبحية طفولتها، حتى استفاقت على نفسها ناضجة، وبيت أبيها يطرق بابه، لتنتقل من عالم الطفولة لعالم صناعة الرجال:" تزوجت في سن الخامسة عشرة، وبعد سنة أنجبت حسن، وكل عام كنت أنجب طفلا آخرا، والحمد لله جميعهم في سبيل الله" قالت أم حسن.

تمثل عائلة القواسمي، منظومة صمودية قلّ نظيرها، سيّما أن جميع أبناء الحاجة صبحية ما بين أسير ومبعد وشهيد. وحول ذلك تقول أم حسن:"أنا ربيت أولادي على التقوى والايمان والمساجد والطاعة منذ صغرهم، اعتادوا على ما هو الحرام والحلال والعيب، وكل ما يبني الطفل على المبادئ الصحيحة".

في سؤال راية عن الوجع الأول لأم حسن، قالت:" "أول وجعي كان في زياد، حكم سنتين، وما زلت أذكر يومها حيث قال لي في رسالة أرسلها مع المحامي بينما كان في الزنزانة لمدة ستة شهور متواصلة ( أنا يما خلوة مع الله)، وفعلا هي خلوة مع الله".

الحاجة صبحية هدم بيتها المكون من سبع طوابق عام 2004، ثم هدموا أجزاء من بيت حسين، وأخيرا قبل شهر تقريبا هدموا بيت ولدها الأسير حسام بحجة ضلوعه بخطف وقتل ثلاثة جنود، وعند هذه المحطة قالت: "حينما هدم بيت ولدي حسام، لو سحبت شعرة واحدة من رأسي لتوجعت أكثر من هدم البيت، لأننا نعرف ما وراء هدمه، فهناك بيت بالجنة، وبالنهاية سنذوق حلاوة الصبر، وحينها سننسى تعب وامتحان الله".

تلخص أم حسن هدفها بلسان يقين: "أنا هدفي ليست الدنيا، هدفي الآخرة، والجنة تنتظرنا ".

أم حسن وأولادها العشرة

حينما سألنا في شبكة راية الاعلامية الحاجة " أم حسن" عن أهم محطات حياتها وما يميّزها عن باقي النساء، فقالت من يريد أن يعرفني، فليقرأ سيرة أولادي، فهي ستحدثكم عني، لأنها تتحدث عن تضحياتهم وأسرهم وكلّ ما هو مشرف، ولهذا كان لا بد لنا من أن نستعرض ولو بشكل مقتضب نبذة صغيرة عن أبناءها العشرة الذين ارتقى منهم شهيدين، وآخرين مبعدين، أحدهما قسراً، والثاني بصورة شبه قسرية، والباقين في سجون الاحتلال أسرى.

حسن الابن البكر للحاجة صبحية، يبلغ من العمر 44 عاما، يعمل تاجراً، عادة يعتقل عندما يكون هناك اعتقالات لإخوته  فيعتقلوه كوسيلة ضغط، حيث أمضى عدة شهور متفرقة في سجون الاحتلال.

ذاك حسن، أما حسام "43عاما"، فقد أعتقل سابقا "12عاما" قضى ثمانية سنوات ونصف، ثم أعادوا اعتقاله عدة مرات لعدد من الشهور، ولما أستشهد شقيقه مراد تم اعتقاله مرة أخرى، وأخيرا تم اعتقاله بعد اتهامه بعملية خطف وقتل الجنود الثلاثة الذين اختفت آثارهم عند مفترق مستوطنة غوش عتصيون، وعثر عليهم مقتولين شمال الخليل قبل قرابة ثلاثة شهور، وبعد اعتقاله قاموا بعملية هدم بيته، لكن القصة بقيت في طيّ الافتراضات حيث لا أحد يعلم إن كان له يد في هذه العملية أم لا.

أما حسين "42 عاما" قضى "12 عاما" في السجون الاسرائيلية سابقا، وبعدما أفرج عنه، أعادوا اعتقاله عام 2011 بتهمة مشاركته في عملية فدائية في القدس حوكم على اثرها مؤبدا وثلاثين عاماً، ولأنه رفض الامتثال لأمر قاضي محكمة الاحتلال بالوقوف أمامه، تم رفع حكمه ثلاثين عاما اضافية ليصبح مؤبدا وستين عاماً.
في جلسة الحكم، حصلت قصة ترويها الحاجة أم حسن:" قال الجنود في المحكمة لحسين قم وقف للقاضي، فقال لن اقف له، وقال للقاضي: أنت قتلت اخوتي الاثنين، فماذا تريد مني، أن أقدم لك وردة بعد قتل أخوتي، لن أقف لك، والزمن دوار، سيأتي يوم وأجلس مكانك وتقف مكاني في القفص، لأن هذا هو المنطق والعدل".

" أبا ملاك"، اسم يردد في كثير من المناسبات، وهي كنية الأسير زياد"41 عاما"، الذي أعتقل عام 2002 بتهمة ضلوعه في التخطيط والمشاركة بعملية فدائية في ديمونا جنوب فلسطين المحتلة، وحوكم في صددها "13 عاماً"، وقبل ذلك كان قد اعتقل عامين آخرين، وما زال حتى اليوم يتجرع مرارة السجن.
محمد يزور السجن ليس كأي زائر، بل كأن معتقل دون وجه حق،  فكلما تقع اعتقالات لأخوته يعتقلوه، يحكم بالحكم الاداري، أي دون تهمة تذكر، ومجموع اعتقالاته المتفرقة قرابة العامين.

الشهيد مراد يعتبر مهندس عملية فدائية في السبع انتقاما للشهيدين أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وعلى اثر العملية، طورد مراد، وفي اليوم الأربعين من رحلة المطاردة أستشهد، وقصة استشهاده تحكيها والدته أم حسن :"حاصروا البيت في منطقة الجلدة، فقاوم هو ورفيقيه اياد أبو اشخيدم وعمر الهيموني، فقصته غريبة عجيبة، عندما جاءت جرافة الاحتلال لتهدم البيت أخذ مراد يبكي، فسأله اياد لماذا تبكي: فقال أنا أرى أحمد الشهيد يرحب بي"، وبعد دقيقة واحدة من هذه القصة جاءته رصاصه على القلب مباشرة فارتقى شهيدا".

أما المبعد محمود " 34 عاما"، له علاقة بعملية بئر السبع مع شقيقه مراد، فحوكم 22 سنة، قضى منها ثمان سنوات، ثم أفرج عنه في صفقة الوفاء الأحرار، ليتم نفيه لغزة.

في حين أن حجازي قضى في سجون الاحتلال قرابة ستة سنوات، حوكم بداية ثلاثة أعوام، ثم عامين اثنين، وبعدها وحتى الآن يتعرض للاعتقال الاداري، وللآن خاضع للاعتقال الاداري في سجون الاحتلال.

أما الشهيد أحمد فقد استشهد وهو يبلغ من العمر "16 عاما" عام 2000 بينما كان هناك مواجهات في باب الزاوية، بتاريخ 15 رمضان، وفي ذلك تقول أم حسن: "قرأت خبرا بعد صلاة العصر على التلفزيون بأن مواطن من الخليل استشهد وهو الآن في مستشفى الخليل الحكومي وسيتم نقله للأهلي، فقلت في نفسي:" الله يصبر أمه "، بعدها جائني اتصال بأننا سمعنا ابنك اصيب بقدمه، وأنا بحمد الله منحني الله الصبر".

واستطردت الحاجة أم حسن: "خرجت للمشفى، فسألت الاستعلامات عن أحمد القواسمي على انه جريح، فسألوني عن صلة القرابة، فقلت أنا جارته حتى لا يخفوا عني شيئا، فقالوا: الله يرحمه، أصيب برأسه واستشهد، لكن الله كان معي وصبرني على ذلك".

وأصغر أبناء الحاجة أم حسن، ولدها فراس" 24 عاما"، توأم شقيقته فداء، حيث أنهى التوجيهي، فالتحق بجامعة الخليل، لكنه تعرض لضغوطات نفسية كثيرة، فاختار السفر لإكمال تعليمه في ماليزيا، ومن يومها وهو مغترب، يشرب من كأس الغربة والوحدة، حتى لا يلقى مصيراً كمصير اخوته.

حكاية الأسيرة المحررة أم حسن في الاعتقال

بعد الاجتياح الذي تعرضت له الخليل وانتشال الجنود الثلاث، اعتقلت قوات الاحتلال جميع أبناء أم حسن لتبقى وزوجها وحيدين، وبعدها بأربع ايام اقتحم بيتها مجددا، فأعتقلها واقتادها مقيدة لمستوطنة كريات أربع حيث أجري التحقيق معها.

أم حسن تروي قصة التحقيق: "جردوني من ملابسي وجعلوني عارية بشكل كامل، بحجة التفتيش، ثم نقلوني لغرفة التحقيق، سبوني، وأهانوني أثناء التحقيق الذي يدور بشكل كامل حول ابنائي، ثم نقلوني للزنزانة، وعندما أخرجوني أعادوا علي نفس الأسئلة، وبعدها تركوني أسمع صوت حسن، مشددين علي بعدم التنفس أو الحديث، لأن حسن لا يعرف أني معتقل، فتحدث حسن بحديث كثير لا يضره، فقلت" يما هدول كذابين" فضغطوا علي أربعة جنود، وحسن سمع صوتي كما أخبرني بعد فترة، ثم اقتادوني مجددا للزنزانة. فقد كان يحقق معي أربع محققين بلا رحمة".

بعدما تعرضت لمضايقات كثيرة قلت لهم أنا الان أريد الحديث بكل ما لدي، ففرحوا واستعدوا،:" قلت لهم على شرط، سأحكي كل شيء كذب، من تحت الأرض، فغضبوا وأعادوا سبابهم علي، ثم أرجعوني للزنزانة، وتأثرت صحتي بشكل كبير".

بينما كنت في الزنزانة رأيت الفئران في غرفتي، شعرت بالريبة وقلت يا رب، وتذكرت جملة ولدي زياد عن الزنزانة " أنا يما خلوة مع الله"، فقلت فعلا لتكن خلوة مع الله، وبدأت بالاستغفار والتواصل مع ربي بالدعاء وقراءة القرآن".

بعد التحقيق المذل أعادوا تقييدها واغماض عينيها " أخذوني لحاجز ترقوميا وأنا لا أعرف أنني سأتحرر، وأنزلوني في مكان لا أعرفه، كانت ليلا، خفت وارتعبت وقلت السجن فيه أمن أكثر من هذا المكان، فتفاجأت بصوت أحد أفراد عائلتي من بعيد التي اخبرها المحامي بأني سأتحرر" قالت أم حسن.


أمنية أم حسن

وأمنية أم حسن ترفعها للسماء: "أنا منذ 24 عاما أشتهي أن أجلس وعائلتي كاملة على مائدة واحدة، فالاعتقال حال بيني وبين أمنيتي، لكنني أثق بأن تبييض السجون سيكون قريبا، وسنجتمع بإذن الله".

Loading...