الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

شباب غزة .. فوق بحر الموت إلى شاطئ لقمة العيش

رام الله - رايــة:

بدأ عدد من الشباب في قطاع غزة، مؤخرًا، في الهجرة غير الشرعية تجاه دول أوروبية، بعيدًا عما وصفوها بمدينة “الموت”، وبحثًا عن فرص عمل وحياة كريمة.

ودفع تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في غزة، والتي تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، والآثار التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية، العديد من الشباب لتحمل مخاطر ركوب البحر والتوجه نحو “مجهول” أوروبا، كما يروون للأناضول.

وأكد شباب هاجروا من قطاع غزة، تواصلت معهم وكالة الأناضول، أن هناك شبكة متصلة ببعضها البعض، بين غزة ومصر وإيطاليا، تنسق وتتواصل معهم بشأن طريق السفر وختم الجوازات، والأمور المالية، التي يدفعها كل شاب يرغب بالهجرة.

وقال شاب فلسطيني (رفض الكشف عن هويته)، هاجر إلى إيطاليا قبل عدة أيام، وتمكن مراسل “الأناضول” من الاتصال به هاتفيًا، “العديد من أصدقائي سافروا سابقًا إلى السويد وإيطاليا ودول أخرى، ونحن لا نملك أي عمل في قطاع غزة، فلماذا نبق هناك، فقررنا لحاقهم بنفس الطريقة”.

وأوضح أن سفره تم “عبر إرسال جواز سفره لأشخاص معينين، وبدورهم أرسلوه لآخرين، ثم أعادوه له مختومًا بختم دخول دولة مصر، وتلك العملية مقابل دفع 100 دولار لهؤلاء”.

ومضى قائلا، “ننتظر بعدها اتصالا من هؤلاء الأشخاص، لتحديد موعد الدخول إلى مصر، وذلك عبر نفق أسفل الحدود بين مصر وغزة”.

وتابع الشاب، “عندما يأتي موعد السفر ندفع مبلغ (800 دولار أمريكي)، لصاحب النفق لقاء سماحه لنا بالعبور، وبعد اجتيازنا النفق ووصولنا إلى سيناء نبيت في شقة سكنية، لدى أشخاص لهم اتصال مع المنسقين المتواجدين في غزة، وحسب الوضع الأمني بسيناء، تأتي إشارة التحرك نحو مدينة العريش ومن ثم للإسكندرية”.

واستدرك “عند الوصول للإسكندرية، نبيت بشقق سكنية مدة تتراوح من خمس لعشرة أيام، ننتظر وصول المركب التي ستحملنا، بعض المهاجرين يضطرون للسباحة لمسافة كي يصلوا المركب، والبعض تنقلهم مراكب صغيرة، حتى توصلهم للمركب الرئيسية التي ستحمل الجميع″.

وتابع “بعد أن نصل للمركب التي ستُبحر، نتحرك نحو سواحل إيطاليا، وهذه المرحلة الأخطر في جميع مراحل الهجرة، تستغرق ما بين أسبوع حتى أسبوعين، وبالنسبة لي فقد مكثت أسبوعين بالبحر، وشربنا ماء البحر، وبدأ الطعام ينفذ، بسبب التأخر في الوصول لإيطاليا، لظروف مناخية وأمنية”.

وكما يقول الشاب المهاجر، فإنه “عند الاقتراب من سواحل إيطاليا، تأتي مراكب صغيرة تقلّنا على دفعات، حتى نصل إلى الشاطئ، وهناك يستقبلنا خفر السواحل الإيطالي، وتأتي لجنة طبية لفحصنا، والتأكد من سلامتنا، ويوفروا لنا الملابس والطعام، ويضعونا بشقق، ويسمحوا لنا بالاتصال بعوائلنا، ويمنحونا ورقة تسمح لنا بالتجوال بحرية بالدولة”.

“في هذه الفترة يجتمع معظم المهاجرين، وغالبيتهم من غزة وسوريا، ويبدأ كل فرد منّا بتجهيز نفسه للسفر نحو الدولة التي يريد، وفي ذات الوقت نستكمل إجراءات دفع المبلغ المطلوب منا مقابل هجرتنا، وذلك من خلال الاتصال بعائلاتنا في غزة، ونرشدهم إلى المكان الذي سيدفعون فيه الأموال، وغالبًا ما يكونون أصحاب محلات صرافة الأموال”، وفقًا للشاب المهاجر.

وأضاف “بعد ذلك نسافر إلى الدولة التي نريد، ونحاول الحصول على الإقامة فيها، ومن ثم نبدأ رحلة البحث عن العمل، ففي بعض الدول نمنح إقامة لشهرين ومن ثم تزيد لتصبح دائمة، ودولة لستة أشهر، ودول لسنة، ودول أكثر من ذلك”.

ويصف الشاب الرحلة بـ “الشاقة وقد تكلف المهاجرين حياتهم، لأنها هجرة غير شرعية، أو لجوء إن جاز تسميتها”.

وتابع، “لم يجبرنا عليها سوى الوضع الصعب الذي نعيشه، من منا يرضى بالموت وترك أهله، وكل ما يملك، والسفر لمسافات طويلة عبر البر والبحر، للبحث عن لقمة العيش، فآلاف شاهدتهم من غزة، يتدفقون أسبوعيًا لإيطاليا، ويتفرقون بين الدول”.

قصة أخرى استمع إليها مراسل الأناضول، من شقيق شابين فلسطينيين لم يحالفهما الحظ في الهجرة من قطاع غزة، وفُقدت آثارهما منذ مدة، كما يقول شقيقهما الذي رفض الإفصاح عن هويته.

ويقول الشاب إن شقيقيه البالغين من العمر (18 عامًا- و21 عامًا)، “ألقي القبض عليهما من قبل السلطات المصرية عند مخرج النفق الذي تتواجد فوهته في مدينة رفح المصرية”.

ويضيف الشاب، “علمنا من بعض أقربائنا في مدينة العريش أنهما أوقفا بأحد السجون هناك، وبعدها أخبرونا بأن أخي الأصغر بقي في سجن العريش، بينما الأكبر نقل إلى سجن مجهول داخل مصر، ومن ذلك الوقت انقطعت أخبارهما عنّا”.

ووفقًا لشقيق الأخوين، فإن “مجموعة من الشباب كانت برفقتهما، تمكّنت من الهروب داخل مصر والسفر بأعجوبة لخارجها”.

وأشار إلى أنه تواصل مع أحد المحامين لمعرفة مكان أخويه بالتحديد، وظروف اعتقالهما، إلا أنه طلب منه مبلغ (1300 دولار أمريكي)، ليبدأ تحرياته، وهو لا يملك مبلغا كهذا.

وأضاف الشاب، “نحن لم نكن موافقين على سفرهم، لكنهما أصرا، واستدانا الأموال لأجل ذلك، وسافرا بشكل مفاجئ ليلا دون علمنا، إلا عندما تم الإخبار بإلقاء القبض عليهما، ونحن الآن نعيش معاناة لمعرفة مكانهما”.

من جهته، قال “أبو عبد الله”، الذي رفض الكشف عن اسمه، مقرب من أحد مالكي الأنفاق التي تستخدم لتهريب المهاجرين من غزة، إن عملية الهجرة متواصلة، وتقدر أعداد الشاب المهاجر بـ “الآلاف”، وفق قوله.

وأضاف في حديث للأناضول:” لقد هاجر عن طريقنا العشرات من النساء  الذين لحقن بأزواجهنّ والأطفال، وآخر من سافر قبل يومين، هو رجل يبلغ من العمر 57 عامًا برفقة نجليه”.

وأشار “أبو عبد الله” إلى أنهم يتسلمون مبلغ 800 دولار من كل شخص يرغب في الهجرة عن طريق النفق، سواء كان صغير السن أو كبيرًا.

وأكد أن الهجرة تتم بشكل يومي بأعداد كبيرة، لم يقدرها، ولكن منذ 10 أيام خفت بشكل تدريجي، بسبب التشديدات الأمنية المصرية في منطقة سيناء، وضبط عدد من المتسللين.

ووفقا لـ “أبو عبد الله”، فإن معظم الشباب المهاجر يقصد السويد أوبلجيكا أوالنرويج.

وفي السياق، قال رامي عبدو، مدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في غزة، إن “السبب الرئيس وراء هجرة العشرات من الشباب، هو الحصار الإسرائيلي المفروض على أكثر من 1.9 مليون مواطن يقطنون القطاع″.

وأضاف عبدو في حديث لوكالة الأناضول: “يشعر الشباب بالخذلان من المجتمع الدولي الصامت على الحصار الإسرائيلي منذ سنوات، وفقدوا آمالهم التي علقوها عليه برفعه، خاصة بعد الحرب التي شنت على مدينتهم”.

وتابع: “لدينا بعض الإفادات، بأن هناك تزايد في معدلات الشباب المهاجر والراغب في ذلك، ولكن تبقى هذه الأرقام وفق معدلها الطبيعي والمعقول، وليست مخيفة”.

وأضاف “ليس لدينا أرقاما محددة حول أعداد المهاجرين، فالعمليات غير الشرعية يصعب حصرها”، مشيرًا إلى أن العدد يصل إلى المئات، فتدمير الأنفاق شبه الكامل من قبل الجيش المصري، حدّ من استيعاب أعداد المهاجرين، التي قد لا تزيد يوميًا عن 20 فردًا.

ومضى عبدو قائلا “لدينا معلومات تقول بأن العديد ممن يركبون البحر، يدعون بأنهم فلسطينيون قادمون من غزة، ظنّا منهم بأن إجراءاتهم ستكون أسهل، ولكنّهم في الحقيقة فلسطينيون من سوريا، وبعضهم مصريون أيضًا”.

وطالب بتدخل المجتمع الدولي وتحمل مسؤولياته تجاه أهالي قطاع غزة، والضغط على إسرائيل لرفع الحصار المستمر من ثمان سنوات.

ورغم المخاطر التي تحف رحلة الهجرة، كما يقول الشاب إسماعيل طلال، إلا أنه لا يعارض فكرة الخروج من قطاع غزة، والبحث عن “لقمة العيش”، في أي بلد أوروبي.

ويضيف طلال “21 عامًا” في حديث مع مراسلة الأناضول، “الوضع الاقتصادي في قطاع غزة يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وهذا ما يدفعنا للتفكير بالهجرة بشكل جدّي، رغم ما للهجرة من سلبيات”.

ويرى طلال بأن الحرب الإسرائيلية على غزة، وتدمير العديد من مصانع القطاع، مما زاد أعداد البطالة، وقلة فرص العمل كان لها سبب رئيس في لجوء الشباب إلى الهجرة.

أما الشاب محمد كريّم، فيصف الحياة في قطاع غزة بأنها “متوقفة وميتة”، وأزماتها تزداد تعقيدًا، “فلم يبق الشباب هنا”، على حد وصفه.

ويقول كريّم:” هنا في غزة من ثماني سنوات نعاني من الحصار وأزمة الكهرباء والمياه، ومؤخرًا أزمة الرواتب، نحن نعيش في سجن كبير، لقد ضاقت بنا الحياة، تخيلوا أننا لا نستطيع السفر منذ سنوات، كل شيء ينقصنا”.

ويضيف: “صحيح أننا عندما نهاجر بطرق غير قانونية ومخيفة، نحمل أروحنا على أكفنا وقد نخسر حياتنا، لكن ما من حل آخر، معظم من أعرفهم هنا لا يملك فرصة عمل، وأنا مع هجرة الشباب”.

ويحمّل كريّم الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الأولى، فيما آلت إليه الأوضاع في غزة، مضيفًا “حركتا فتح وحماس أيضًا مسئولتان عما يحدث لنا منذ سنوات، ونحن في تجاذبات سياسية، وعلقنا بعد الحرب آمالا كبيرة على رفع الحصار وتحسن أوضاعنا، لكن يبدو أننا دفعنا أرواحنا دون أي مقابل”.

وتتساءل الشابة سارة أبو راس عن النتيجة التي سيحصدها الشباب من بقاءه في قطاع غزة دون أن يجدوا أي عمل، وتقول للأناضول: “أصبحت نفسية الشباب مدمرة، يقضي سنوات من عمره وهو لا يملك أي مصدر دخل”.

وتتابع: “نحن ندرس لسنوات على أمل أن نجد فرص عمل عندما نتخرج، ثم نتفاجأ بواقع مؤلم، وفقر مدقع، وننضم لركب أعداد البطالة التي تجاوزت الآلاف”.

المصدر : الأناضول

Loading...