الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:09 AM
الظهر 11:44 AM
العصر 3:15 PM
المغرب 6:02 PM
العشاء 7:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

تحقيق لـ"رايــة" يكشف: مخالفات قانونية في بلدية الخليل على مدار عامين

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين- هل يجوز لمجلس بلدي أن يجتهد بما ورد فيه نص قانوني واضح، ارتكازا على هذا الاستفسار أجرينا تحقيقا صحفيا مع ذوي العلاقة، فعلى مدار عامين، يطبق مجلس بلدي الخليل قانونا خاصا مخالفا للقانون التشريعي، يتمثل برواتب شهرية مقطوعة لأعضائه، أو كما يسمونها بالمكافأة، فالقانون يتحدث عن مكافأة مالية مقطوعة لمن يحضر جلسة المجلس البلدي، ودون ذلك لا يكون له شيء، إلا أن البلدية تجاوزت ذلك القانون ووضعت قانونا خاصا بها، يخالف قانون المجالس المحلية، من خلال تحديد راتبٍ شهريٍ مقطوع.

في تشرين الثاني عام 2012 تسلم المجلس البلدي المنتخب مهامه رسميا في بلدية الخليل، بعد خوض معركة انتخابية هي الأولى من نوعها منذ عام 1976، وابتداء من المرحلة الأولى لأعضاء المجلس البلدي المنتخب البالغ عددهم "14" عضوا، إضافة لرئيسهم داوود الزعتري، قرروا أن يتقاضوا راتبا شهرياً مقطوعا تحت مسمى " مكافأة "، وبصيغة أخرى، قرروا أن يتقاضوا راتبين مقطوعين، الأول من بلدية الخليل والأخير من شركة كهرباء الخليل.

من هذه الجزئية بدأنا  التحري حول قانونية هذا القرار الذي شرّعته بلدية الخليل لنفسها، وطرحنا عدة تساؤلات عريضة بنينا من خلالها هذا التحقيق الصحفي: هل يجوز لمجلس بلدي أن يجتهد بما ورد في نص قانوني واضح، وهل يحق له أن يحدد راتبا شهريا لأعضائه، وما الذي يمنع رأس هرم شركة كهرباء من التصريح الاعلامي عن معلومات من المفترض أن تكون معلومة للجميع، ولماذا يرفض رئيس شركة الكهرباء أن يبين عدد أعضاء مجلس الكهرباء، وأين الحكم المحلي من المخالفات البلدية..؟!

في بداية رحلة التقصي حول دقة المعلومات التي وردتنا بمحض الصدفة، وبعد قراءة القانون الخاص بالهيئات والمجالس المحلية، توجهنا لعضو مجلس بلدي الخليل فاروق عاشور وسألناه عما يتقاضاه من بلدية الخليل، فقال: "طريقة التعامل في بلدية الخليل منذ تسلمنا المجلس، تم احتساب القيمة التقديرية والاجمالية للنشاطات والجلسات بقيمة 2500 شيقل، فاتخذ قرارا بأن يكون هناك مكافأة بقيمة 2500 شيقل من البلدية، ومن الكهرباء 1620 شيقل".

هنا، وبعد تأكيد المعلومة من عاشور عضو المجلس البلدي، قطعنا الشك باليقين، وانطلقنا بسفينة البحث والتحري ما بين نص القانون والقانونيين، وبين أعضاء المجلس البلدي والحكم المحلي.

بداية رحلة البحث والتقصي حاولنا مرارا التقاء رئيس المجلس البلدي داوود الزعتري، لكننا لم ننجح بسبب اجتماعاته حسب دائرة الاعلام، وصدفة التقيناه بين أروقتها، فطلبنا لقاءه، فأخبرنا أنه لا يستطيع اجراء لقاء صحفي إلا بعد عدة أيام مبررا ذلك بانشغاله، فعدنا مجددا لدائرة الإعلام لتنسيق موعد آخر، وَوُعدنا بتحديد ذلك في اليوم التالي، لكن تم تناسي الموضوع من طرف البلدية، وبقينا نجري اتصالات هاتفية على رئيس الدائرة الاعلامية عبد العزيز نوفل دون اجابة، ثم قررنا أن نزوره بدار البلدية ثانيا، وهناك أخبرنا أن رئيس البلدية يعتذر عن اجراء اللقاء وأنه كلّفه بالحديث إلينا بالنيابة عنه.

بعد ترك الكرة في ملعب الدائرة الاعلامية توجهنا بسؤال مباشر لرئيسها عبد العزيز نوفل نصّه كيف لمجلس بلدي أن يقوم على قانون مخالف للقانون بتحديد راتب شهري لأعضاء المجلس البلدي؟!"وكان ردّ نوفل على سؤالنا :"هذه المعلومة غير صحيحة بأنهم يتقاضون رواتبا مقطوعة، أعضاء المجلس البلدي يحصلون على مكافأة ضمن القانون بدلا عن الجلسات التي يحضرونها، اضافة لذلك الحديث عن موضوع الرواتب ومقاضاتها من قبل أعضاء المجلس هي ليست قضية جديدة، فكل أعضاء المجلس البلدي في هذه الفترة والفترات السابقة يتقاضون بدل جلسات، وهذا موضوع يقره القانون ليس فيها أي شبهة قانونية، وليس فيها أي اختلاف حتى مع المواطنين".

النصوص القانونية واضحة وضوح العين، ونوفل يزعم بنقيدها على أنها تتوافق مع القانون، ثم أضاف: "هذا غير صحيح، هناك عدد جلسات محددة لكل عضو مجلس بلدي يقوم بحضورها، لكن هناك شيء يسمى الحد الأعلى، يعني اذا تجاوز عدد الجلسات المبلغ الذي يسمح له القانون لا يتقاضاه، وبالتالي أغلب أعضاء المجلس البلدي يتجاوزون الجلسات المطلوبة منهم، وبالتالي حصولهم على مبالغ مقطوعة أقل مما يستحق عضو المجلس البلدي، وهذا ما يحصل".

في استكمال القضية بمخالفاتها وأبعادها، حاولنا مراراً التقاء مدير شركة الكهرباء عبد الرؤوف الشيخ والذي أصرّ في كلّ مرة رفض لقاءنا واعلامنا عن تفاصيل صغيرة جملة وتفصيلاً، حتى أنه رفض اخبارنا عن عدد أعضاء مجلس الكهرباء متذرعاً بأن لا صلاحيات له تسمح بالإفصاح للإعلام عن ذلك، وفي احدى المكالمات المسجلة أثناء محاولتنا التقاءه كان ردّه علينا: "أخ طه كم مرة حكيت معي، أنا غير مفوّض بالإفصاح عن معلومة عدد أعضاء مجلس شركة الكهرباء، كل واحد فينا في اتجاه، وأنا غير مخوّل أن أصرح في المواضيع الادارية، وأنا لن أجيبك، ولا داعي للدخول بالتفاصيل".

ازدادت الدائرة ضيقاً بعد ضيقها وذلك بعد رفض رأس هرم شركة الكهرباء بالإجابة عن تساؤلاتنا البسيطة والتي من المفترض أن تكون معلومة للجميع، فمدير شركة الكهرباء اعتذر عن اللقاء زاعما أن المعلومات التي نبحث عنها لا يجيب عنها غير رئيس البلدية، والذي بدوره أيضا كان في البداية قد اعتذر عن اللقاء.

عدنا للبحث بطرق تحقيقية مهنية، فقمنا باتصال هاتفي مسجل على عضو المجلس البلدي يوسف الجعبري وسألناه عن عدد أعضاء مجلس كهرباء الخليل، وكان ردّه علينا:"هناك قرار مجلس بلدي لجميع أعضاء المجلس أنهم أعضاء في شركة كهرباء الخليل، لأنه لا يوجد شيء اسمه شركة، فلما استلمنا المجلس تفاجأنا بوجود شركة، ونحن نريد أن نعيدها للبلدية، فكان عندنا قرار بأنه لا يوجد مجلس ادارة لشركة الكهرباء".

وعندما سألنا الجعبري عن سبب مقاضاته راتبا شهريا وليس مكافأة على الجلسة ردّ علينا: "أنا الشهر الماضي حضرت 22 جلسة بلدية، لو أرادوا محاسبتي على القانون، أحصل 15 ألف شيقل إلى 17 ألف شيقل". واستأنف: "ولجان فرعية نجلس فوق 15 جلسة، وشخصيا حضرت أكثر من 20 جلسة، كما عندنا فوق خمسة أعضاء متفرغين بشكل كامل للبلدية".

القانون يصنّف أعضاء المجلس البلدي على أنهم متطوعين، لذلك يتقاضون مكافآت لا رواتب إلا أن الأمر مختلف ببلدية الخليل على ما يبدو كما اتضح في حديث الجعبري، وخلال مكالمته الهاتفية عبّر الجعبري عن مقارنة لا يجب أن تكون بين متطوع وموظف: "أقل راتب موظف يتقاضى 3000 آلاف، اذا عضو المجلس البلدي سيتقاضى راتبا، ولا مرة أقبل بأن أتقاضى راتبا أقل من عامل النفايات".

في 31 تموز عام 2012 صدر أول نظام رواتب لرؤساء وأعضاء المجالس البلدية كما بيّن مدير الحكم المحلي في الخليل رائد الشرباتي والذي أوضح أيضا أن بلدية الخليل تصنف ضمن القانون ببلدية كبرى "أ+" وبالتالي مقاضاة عضو المجلس عن كلّ جلسة يحضرها مكافأة مالية قدرها "400 شيقل فقط، وبما لا يتجاوز بدل أربع جلسات شهرياً".

والكلام الفيصل بخصوص الرواتب المقطوعة التي سنّتها البلدية لنفسها يتحدث به الشرباتي بنص القانون الفلسطيني: "القانون واضح بهذا الصدد، لا يجوز الاجتهاد بما ورد فيه نص، ولطالما أن هناك نظام صادر من السلطة الوطنية الفلسطينية ومجلس الوزراء في هذا الموضوع، لا يجوز الاجتهاد، فأنت عليك تطبيق النظام، فلا يجوز أن تترك الموضوع على الغالب لكل مواطن أو لكل شخص مسؤول ينفذ ما يريد، فيصبح هذا الموضوع غير قانوني".

وعن الرقابة ودور الحكم المحلي، اتضح تغيبا بصورة غير مباشرة بعد سؤال الشرباتي عن رقابتهم: "عادة نصادق على الموازنة للهيئة المحلية فيكون هناك بند خاص برئيس البلدية، وبند خاص بمكافآت لأعضاء المجلس البلدي، وبخصوص الأعضاء، نضرب عدد الأعضاء بالمكافأة التي يقدمها النظام، يخرج رقم، هذا الرقم يجب أن يكون موجود في الموازنة، وإن كان هناك خطأ لا نصادق على الموازنة".

وختم الشرباتي حديثه: "عضو المجلس البلدي "بلدية كبرى أ+" يتقاضى مكافأة عن أربع جلسات رئيسة بقيمة 400 شيقل، وأيضا يحق له أن يتقاضى عن جلستين فرعيتين واللتان تساويان جلسة رئيسية، أي بمعنى خمس جلسات شهرية يحق له أن يتقاضى عليها مكافأة شهرية"، حيث ينص القانون على أن "يمنح أعضاء مجلس الهيئة المحلية بدل حضور جلسات عن حضور اجتماعات اللجان الفرعية التي يشكلها المجلس بموجب المادة (8) فقرة (9) من قانون الهيئات المحلية بما يعادل نصف ما هو مقرر للجلسات العادية لمجلس الهيئة المحلية، وبما لا يتجاوز بدل جلستين فرعيتين في الشهر".

ولمنح القضية بعدا قانونيا أوسع توجهنا للمحامي عروة العملة والذي بيّن أن :"هذا الاجراء غير قانوني بأن يصرفوا راتبا مقطوعا بدلا عن الجلسة، فهذا الأمر يجب أن يرفع لوزير الحكم المحلي، والوزير لا يوافق على مثل هذه  القرارات، وبالتالي مخالفة قانونية".

أما عن الخلفيات القانونية لهكذا إجراء فقال العملة :"هذا الاجراء مخالف للقانون، وأي قرار اتخذ بهذا الشأن يعتبر قرار منعدم لا يرتب أي أثر قانون، وبالتالي يستوجب الرجوع للأعضاء بشكل شخصي، ويطالبوهم بقيمة الأموال التي قبضوها دون وجه حق". حيث تقول المادة (5) استنادا على ما أقرّه مجلس الوزراء في جلسته رقم "11" في شهر تموز عام 2012 تنص على أن: " يلغى كل ما يتعارض مع أحكام هذا النظام".

 

في عملية حسابية بسيطة لو أجريناها معا؛ القانون يحدد لأعضاء المجلس البلدي أربع جلسات رسمية واثنتين فرعيتين اللتان تعادلان جلسة واحدة، ومجموعها بالتالي خمس جلسات شهرية، والقانون يتحدث عن مكافأة مالية لكل عضو يحضر الجلسة بقيمة 400 شيقل، ولو أجرينا العملية الحسابية وضربنا خمسة بأربعمائة، تساوي ألفين شيقل فقط هذا إن حضر جميع الجلسات افتراضا، إلا أن الراتب أو ما يسمونها مكافأة تتجاوز 4000 آلاف شيقل شهرياً، بالتالي نخلص لمعادلة أكثر بساطة تفيد بأن نصف الراتب أي ألفي شيقل يتقاضاه عضو البلدية زيادة هذا على أقل تقدير، وفي استكمال العملية الحسابية لو ضربنا ألفين شيقل بـ 14 عضوا، بـ 24 شهراً مدة استلام المجلس البلدي للبلدية، اضافة لنصف راتب في كلّ عيد أي أربع أعياد بقيمة شهرين يخرج لك ناتج الأموال التي تقاضاها أعضاء المجلس البلدي بصورة غير قانونية.

وفي هذه الترتيبات القانونية التي تتحدث عن محاسبة كلّ عضو على حدا لمعرفة إن كان ما أخذه حقا له أو لا، تطرح الأسئلة نفسها سيّما أن القانون يصنف الأعضاء على أنهم متطوعين؛ أين وزارة الحكم المحلي من هذه المخالفة القانونية على مدار عامين اثنين، ثمّ كيف لرئيس بلدية أن يوقع على اتفاقية مخالفة للقانون خاصة أن البلدية تحتوي على دائرة قانونية تتبع لها أم أن السكوت عنها يخفي مخالفات أكبر، وكيف لأعضاء مجلس بلدي أن يتقاضوا راتبين اثنين لطالما أن المؤسسة واحدة، وأخيراً، هل سيجرى تحقيقا حقيقيا حول هذا الاجراء المخالف للقانون بعد الاعلان عنه من خلال تحقيقنا الصحفي، أم أنه سيطوى في ملفات النسيان حتى لا تكشف مخالفات أكبر من ذلك؟.

Loading...