زواج "محمد وشروق".. الاعاقة لا تمنع الحب

غزة- رايـــة:

سامح أبو دية-

لم تكن الاعاقة حائلا امام زوجين من الصم، فرغم محنتهما لكنهما اصرا على ممارسة حياتهم الطبيعية كباقي الأزواج، فالإعاقة بالنسبة لهم وان كانت جسدية الا أن مواجهة المجتمع كان بمثابة الانتصار الأكبر لهم.

"محمد وشروق" التقيا منذ الصغر في مدرسة لرعاية وتعليم الصم في غزة، وكان التواصل بالقلب اللغة الأكبر التي جمعت بينهما لتتلاشى الاعاقة بينهما وتمتلئ الحياة بمشاعر الفرح والسرور والبهجة وسط تجمع أهالي مدينة بيت لاهيا لإحياء مراسم زفاف العروسان "محمد وشروق" من أصحاب الاعاقة السمعية "الصم"،.

ورغم الظروف المادية الصعبة التي يمر بها ذويهم الا انهم اصروا على تحقيق امنيتهم البسيطة بإقامة مراسم زفاف كانوا يحلمون بها طيلة حياتهم، بعدما وقف الشاب محمد طنبورة 26 عاما أمام الظروف والاعاقة وامام نظرة المجتمع لصعوبة ارتباطه من فتاة صماء هي" شروق الكيلاني".

لم يكن الخوف من تأثير العامل الوراثي في إنجاب أطفال صم مانعا أمام ارادته واصراره، إلا أن "محمد" الذي يعاني من ذات الإعاقة أصر على اختياره رغم أنه ولد في عائلة لديها من الابناء اثنان لديهما إعاقة الصم والبكم.

مازن الكيلاني والد العروس "شروق" (20 عاما) يقول أن الأشخاص من فئة الصم هم أناس مثلنا تماما ولهم الحق في الحياة، لديهم الشعور والاحساس والحب وبإمكانهم الزواج كالأصحاء، وعن مشوار مشروع زواج ابنته قال الكيلاني لمراسل "رايــة": "منذ صغر ابنتي شروق وزوجها محمد وهما يرتادان مدرسة لرعاية وتعليم الصم في مخيم جباليا، وترعرع الحب في قلوبهم ولم أعلم بذلك الى أن تقدم محمد لخطبتها، وسارت اجراءات الزواج بطريقة طبيعية وتقليدية كعاداتنا".

ويضيف والد العروس: "اصرار محمد الكبير على الزواج من ابنتي كان السبب وراء قبولي بزواجهما، رغم نظرة الناس باستغراب لزواج اثنين من الصم والبكم ، وأرد بجواب بسيط للمتسائلين وعن النظرة اتجاه ما ينجبونه مستقبلا من ابناء بأن الله كفيل بالطفل ورعايته، والله سبحانه يضع احساس الأم بالطفل فيجعل من رعاية الأم التي لا تسمع طفلها أمر سهلا".

محمد طنبورة 26 عاما تحدث عبر والده الذي ترجم حركاته قائلا: "أشعر بالفرح والسعادة لم أتوقعها بحضور جميع اصدقائي واقاربي واحبائي لمشاركتي زفافي، حققت حلم حياتي وتزوجت الفتاة التي أحبها واتمناها، وأشكر الله على نعمه، وأتمنى على الأشخاص من فئة الصم الزواج وتغيير نظرة المجتمع لهم".

ويضيف محمد: "قد يستغرب البعض أني تفاهمت مع شروق على كل التفاصيل المتعلقة بزواجنا كأي شخصين طبيعيين قبل الزواج، عبر لغة الإشارة التي أتقنتها انا وزوجتي، وأدعو الله أن يمن علينا بالذرية الصالحة وان يرزقنا بأطفال اصحاء طبيعيين، وأن يعيننا على تربيتهم".

بأصدق مشاعر السعادة والسرور تحدث نصر طنبورة ( 44 عاما) والد العريس محمد عن تمنيه لكل شخص معاق أن يعطيه الله كما أعطي نجله محمد، مشيرا الى أن محمد وشروق جازفوا في حياتهم كثيرا، وشعوره بالرضى لقدرته على التوفيق بين شخصان احبا بعضهم كثيرا، بالرغم من ظروفه المادية الصعبة واستدانته تكاليف زواجه بالكامل.

ويوضح طنبورة أن السبب وراء قبوله بزواج نجله محمد الأصم من زوجته شروق أنها من نفس فئته وبحثا عن راحة ابنه مستقبلا، مشيرا الى ان زواجه من فتاة أصماء مثله من شانه أن يعطيه الراحة والسعادة أكثر من زواجه من فتاة طبيعية لا تعاني من اعاقة، بالإضافة لإصرار محمد الشديد على الزواج من تلك الفتاة، ما جعلني أوافق.

ووجه طنبورة رسالة عبر "راية" لكل المؤسسات التي تعتني بالصم والبكم في غزة بمساعدة نجله محمد للخروج من أزمته المالية بعد تكبده تكاليف كبيرة بلغت 3000 دينار أردني في رحلة زواجه، في ظل عدم توفر فرص عمل لأمثاله في قطاع غزة.

وأشار أبو محمد الى أن اقدام المؤسسات والمعنيين بفئة الصم على مساعدة ابنه محمد يشجع أمثاله على الزواج واعطائهم فرصة لعيش حياة كريم وتكوين أسرة أسوة بالأخرين، والذي من شانه أن يخفف من معاناة الصم ويضفي البسمة على وجوههم.

"محمد وشروق" قصة من بين مئات القصص التي رفعت راية التحدي، ونجحت فيها ارادة الإنسان على الاعاقة في التغلب على ظروف الحياة الصعبة، وتخطي مصاعب الإعاقة نحو دنيا الأمل.