الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:33 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:20 PM
العشاء 8:41 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

قصة وحكاية صبرٍ لعائلةٍ من نابلس والراوي صوت المعاناة

نابلس- رايــة:

فراس أبو عيشة:

ما إن تصل، وتطرق باب ذاك المنزل، لتُطل عليك سيدةً بالأربعين من عمرها، النظر لعينيها قصيدةٌ عنوانها الحزن، وأبياتها آهات، فَرُغم الألم، ورغم التعب والحاجة، ورغم كل شيء، تأبى النفس أن تمد اليد للغير، بكلماتها التي لا تحصى، وقبل الترحيب بـِ "أهلاً"، تُسابقها عبارة "الحمد لله".

المواطنة حنان، أربعينيَّة العمر، متزوجة، ولم تُرزق باولاد، تبدأ بِسرد القصة والحكاية مع ابتسامةٍ لا تُفارق وجنتيها، وكلمات الحمد والدعاء والترحيب كانت تخرج دون إذن، فلم تقُل أُريد هذا، وينقصني ذاك، وتستهل تلك الحكاية قائلةً "هذا البيت، ترى هل يبدو كذلك؟".

اجتياح نيسان 2002 والقصف
وتقول "تعرض المنزل للقصف في اجتياح نيسان عام 2002، حيث كُنت متطوعة في المستشفى الميداني، ولم أكُن أعلم أن القصف استهدف منزلنا، وتفاجأت بـِدخول أبناء شقيقي، وكانت ملابسهم مُمزقة، ومُلطخة بالدماء، فعرفت في حينها أن المنزل كان مُستهدفاً، وهكذا هو حاله الآن".

وبعد فترةٍ وجيزة، زارت الأشغال العامة، وبلدية نابلس المنزل، ورممت بعض الأمور البسيطة، حتى يستطيعون العيش فيه ليس أكثر.

وتُتابع "جاءت قوات الاحتلال مرة أخرى في عام 2004، أثناء اجتياح المدينة، واستشهاد نايف أبو شرخ، واعتقلوا شقيقي، وقاموا بتفجير باب المنزل".

وتُبين أنَّهم تقدموا بِتقرير بالأحداث التي واجهها المنزل، كونها محفورة في الذاكرة، ومن الصعب نسيانها، وقدَّم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول "أبو جهاد" لهم المساعدة، أكانت معنوية أو مادية، واستضافتهم السيدة ماجدة المصري (وزير الشؤون الاجتماعية سابقاً) في منزلها لمدة أسبوع، ولم يتوقعوا أنَّهم سيستطيعون العودة للبلدة القديمة من جديد، وإلى منزلهم بالتحديد.

الوضع ميسور
ورغم ذلك، فوضع العائلة ميسور رغم الصعوبات والقلق والخوف، والزوج عادةً ما يطلب من زوجته أن تُبقي الحجاب على رأسها، لأن الاحتلال يتواجد بشكلٍ يومي بالقرب من منزلنا وحوله، والصبر والصمود عنوانهما.

وتُشير إلى أن زوجها متزوج من إمرأةٍ أخرى، لأنني لم أُنجب له أبناء، وله منها أربعة ذكور، وأربعة إناث، واحدةٌ منهم متزوجة، وأُخرى طالبة في الثانوية العامة.

"المنزل من الأولويات" قولٌ بلا فعل

ولجأت الزوجة إلى بلدية نابلس، ومركز إعمار البلدة القديمة، والأشغال العامة، وكانت الحُجة الدائمة منذ عشر سنوات وحتى الآن "بيتكم من الأولويات، بس يصير عنا ميزانية إن شاء الله"، ولم يتحول أي قول إلى حقيقة.

وتُنهي "لن أطلب المساعدة من أحد، فصمودنا، وما قدمناه للبلد، لا نتطلب أن يكون بمقابل، فهذا واجب، وواجبنا جميعاً أن نصمد ونُقدم، وأبسط صمود هو أن نكون في منزل غير صالح للسكن بالمُجمل".

بداية المساعدة والدعم
"قبل المنخفض الجوي الأخير، والأجواء الشتوية الصعبة، اتصل بي زوج شقيقتي، وحدثني عن مجموعة من الأشخاص يريدون أن يأتوا لمنزلنا ليساعدوننا، فضحكت، لأنَّه يحب المزاح، ولم أصدق، ولكن شعور الفرحة كان موجوداً بالفعل"، هذا ما تُضيفه المواطنة حنان.

وأصبح الأمر الذي اعتقدت أنَّه مُزاحاً حقيقةً، فجاءت مجموعة من الطالبات من جامعة النجاح الوطنية الذين زاروا المنزل، ورأوا المطبخ، والتقطوا الصور له، وقالوا "المطبخ والحمام لا يصلحان لأمور وحاجيات الحياة"، فخيَّرها شقيقي زوجتها ما بين الحمام والمطبخ، فكان الخيار "المطبخ"، وتم إصلاحه.

وتُعرب عن سعادتها الشديدة بعد إصلاح المطبخ، وتبليطه بالبلاط الصيني، فمعظم وقتها في السابق كانت تقضيه في المطبخ وهي تُجهز الطعام، وكان يتلوث بالأتربة، وتشققات الجدران، وأحياناً تصل إلى إتلاف الطعام.

الوصول للعائلة والإصلاح
وتُوضح إحدى الفتيات اللواتي ساعدن على عمل الترميم مي الصيفي "ضمن سياق مساق "هندسة ومجتمع"، قررنا أن نُقدم شيئاً يُفيد المجتمع، ألا وهو مساعدة عائلة محتاجة ومستورة، ومرافقها وأساسياتها مهملة، وبِحاجة إلى إصلاحها وإعادة تأهيلها، فبحثنا، ووجدنا عائلة تم إفساد أجزاء من منزلهم خلال اجتياح جيش الاحتلال لمدينة نابلس عام 2002، وإطلاق قذيفة عليها".

وأكثر ما كان في المنزل بـِحاجة لإصلاح، ألا وهو "المطبخ"، بسبب ما يُعانيه من رطوبة، ووضعه كان الأصعب والأسوأ، فتمت عملية قصارته بشكلٍ كامل، وتبليطه، وتركيب مجلى، وملحقاته، ودهان الجدران.

مصاريف العمل ذاتيَّة وتطوعيَّة
وعن مصاريف العمل، تقول "بعض الأشياء كانت تتطلب دفعها من مصروفنا الشخصي، حيث كان مجموع ما تبرعت به الطالبات حوالي الـ1000 شيقل، وبعض المتطلبات الأخرى كالمواد التي احتجناها، فكُنا عند شرائها نُقدم شرحاً لأصحاب الشركة أو المحل عن سبب حاجتنا لتلك المواد، فكانوا يُقدموا لنا المساعدة".
وخلال مراحل إنجاز المشروع، كان هُنالك أشخاص قدَّموا المساعدة بالعمل، وتأمين الاحتياجات، من بينهم مهندس عمل على تأمين المجلى من أحد المحلات، وبعض المواد الأخرى على حسابه الشخصي، وتكفل طالب من جامعة النجاح بعملية التبليط بدون مقابل مادي، وتقدم به عن روح والده.

 

"فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرَاً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ"
وتختتم حديثها بقوله تعالى "فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ"، مُؤكدة على أنَّه وبعد اليوم لن تقف حدودهم عند مساقٍ، فسوف يُقدمون طاقاتهم ويد الخير دوماً، فَقيمة الإخاء هي الأسمى، وما أصبحنا بهذا الحال من التراجع والتفكك إلا بعد أن ذهب كُلٌ منا إلى الانشغال بنفسه، فهذه التجربة الأولى للعمل المسؤول، وتكللت بِفضل الله بِالنجاح، واستطاعوا أن يعرفوا من خلاله أنَّه بالإمكان زرع الأمل، وليس هذا فَحسب، بل بالإمكان جني ثمار الخير فيه، فهذه رسالة سامية نبيلة، فكلنا نستطيع، ولا أحد عاجز.

Loading...