الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ذكريات اجتياح "مخيم جنين".. تُخلد في ذاكرة أطفالها وشبابها

جنين- رايــة:

فراس أبو عيشة الوزني- اجتياح مخيم جنين ما بين اليوم الأول والثاني عشر من شهر نيسان لِعام 2002 خلَّف ذكرياتٍ مؤلمة، لا ولم ولن تُنسى، سواءً لِسكان المخيم أنفسهم خاصةً، أم لأهالي فلسطين ومدينة جنين عامة، وكما لم تخلُ تلك الأيام من المواقف الطريفة، واللحظات التي يتعجبون من خلالها أنَّهم لا زالوا على قيد الحياة عند تذكرها.

ولأنَّ ذكرى الاجتياح تُعتبر من ذاكرة التاريخ الفلسطيني، ومع عودة انتشار المناسبات "الإيفنتات" على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" بِشكلٍ رهيب، رأت الفتاة الفلسطينية والطالبة في جامعة النجاح الوطنية سارة أبو الرب (20 عاماً)، أنَّه من الضروري أن تُقدم شيئاً لِوطنها وشعبها، ولِتروي لهم حكاية تحدي وصمود لأهل مخيم جنين، وتُوثقها عبر التاريخ والأجيال.

كانت صاحبة الفكرة سارة أبو الرب في ذاك الزمان طفلةً لم تتجاوز السابعة من عمرها، فرض عليها منع  التجول البقاء في منزلها ، وعدم مَقدرتها على الخروج من المنزل، واللعب والتسلية مع أبناء مكان سُكناهم.

وتستذكر أنَّها استطاعت ذات يوم الخروج من المنزل، ونداء إحدى صديقاتها في العمارة التي يقطنونها، واللعب معها وبِرفقة بعض أبناء المنطقة، مُستشعرةً أنَّها فعلت شيئاً بطوليَّاً، وتقول "المحزن أن ألعابنا في تلك الفترة كانت تتعلق بِالشهداء، وأمهاتهم، وأشقائهم، وفي مرةٍ استخدموا طاولةً مكسورة، وجعلوها كَنقالةٍ للشهداء والجرحى".

وتتحدث الرب عن الفكرة، قائلة "أحببت أن أبرز جانباً آخراً من ذكريات تلك الأيام السوداء، وهو الجانب الذي كانت تعرضه وسائل الإعلام من موتٍ ودمار، ولكن بِنفس الوقت كان هُنالك حياة تشعر بالخوف والاقتراب من الموت، وكانت تنتظره بِالفعل، وأنا أحببت أن أجعل هذه القصص والذكريات راسخةً في عقول الناس".

ولم يكُن الوقت في إطلاق هذه المُناسبة "الإيفنت" بِالحُسبان، بل كان مُصادفةً، وخاصةً في ظل انتشار العديد من المناسبات على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، بِهدف "الموضة"، وعلى الرغم من ابتعاده عن ذكرى اجتياح جنين، ولكنه كان مُناسباً في زمنه، وبِفكرةٍ وهدفٍ مختلفين.

وتُوضح أن المقاومة الفلسطينية أثبتت نفسها على الأرض، بِصمودها وقوتها رغم الإمكانيات القليلة، وأهل مخيم جنين أثبتوا مقاومتهم بِصمودهم رغم الخوف والموت.

ويقول المواطن يحيى عنتير "لم تكُن المقاومة في أيام الاجتياح إلا يداً واحداً، ولم يكُن هُنالك أحدٌ يُقاوم بِإسم فصيلٍ مُعين، فالجميع كان يُقاوم تحت شعار "الجهاد في سبيل الله"، وفي تارة كُنا نسمع صوت رصاصةٍ، وتارة أخرى نسمع صوت قذيفةٍ وعبوة ناسفة، فلا أذكر أننا كُنا ننام الليل أو النهار، فَالبيوت مُنفتحةً على بعضها البعض، ونساء المُخيم يُجهزون الأكل للمقاومة قبل أن يأكل أهل البيت".

وحسبما يُشير عنتير فَإنَّه كان كلما قَتل مقاوماً جندياً صهيونياً ﻻ نسمع سوى كلمة "الله أكبر"، فَتعلو وتعلو في كل سماء المخيم، وكانت رائحة المسك تفوح من جثث الشهداء والمصابين، وكانت الشمعة هي نور الهدى لنا ولمقاومتنا، مُختتماً حديثه "رحم الله شهدائنا، وفرج الله كرب أسرانا، واجتياح مخيم جنين هو معركة خالدة في ذكرانا، وستُسجل في التاريخ، ليس لمخيم جنين فَحسب، بل إنَّها لفلسطين وللقدس الشريف، ولنا موعد مع التحرير بِإذن الله".

ولم يختلف حكاية الأمر كثيراً، فَالمواطنة غادة كمنجي كانت تجلس في منزل دار عمتها، ظناً منهم أنَّه أقل خطراً من منزلهم، وترتشف هي ومن معها رشفات من فنجان القهوة، والكُل شارد الذهن بِأفكاره الخاصة، وتجلس غادة بِجانب أبيها، وفي لحظةٍ مُفاجئةٍ، استهدفت دبابات الاحتلال حارتهم بِقذائف صوتية، ولكن صوتها كان كافٍ لِتقفز خلف الكَنَبَة، وينتقل موقعها من جانب أبيها إلى أحضانه، وردة فعل أبيها أن يسكب القهوة التي بِيده على رأسها، ولِتعتقد في حينها أنَّها تعرضت للإصابة، ولم تقتنع بِأنَّها لم تُصاب إلا بعد حوالي نصف ساعة.

وتستعرض المواطنة تمارة نزَّال بعضاً من أحداث الاجتياح "أيامٌ لا تُنسى، حيث ذهبت إلى منزل عمتي، لأنَّه أكثر أماناً من بيتنا، وفي ساعات الفجر، دخلت دبابات الاحتلال، وتعالت صيحات الكبار بِأن هُنالك اجتياح، وانقطعت الكهرباء، وأصوات الطائرات الزنانة، والصواريخ، هو ما كُنا نسمعه فقط".

وكانت والدتها تقف على نافذة المنزل، وتنظر لأرضٍ بِالمحيط، وتقول "ما أحلى الزرع!"، وما إن رددت هذه الجملة حتى سقط صاروخ على تلك الأرض، ولكنه لِحُسن الحظ لم ينفجر.

وتتختم "كُنا في كل مساء، نجتمع ونجلس سويَّاً، ونستمع إلى الأخبار التي تُبث عبر الراديو، ونحن الأطفال، كُنا نقضي وقتنا في الشدَّة، ونروي لِبعضنا القصص حتى نلهي أنفسنا، وعندما ينام الجميع، أبقى أنا وحيدةً، وأُفكر ماذا سيحدث غداً، وإلى متى سنبقى هكذا، وهل سنبقى أحياء أم الموت سيخطفنا، وماذا يحدث مع الناس في الخارج".

Loading...