الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

بيت مريم ينظم ندوة بعنوان "الفن الفلسطيني بين التذوق والاقتناء" للباحثين جورج الأعمى ونصر الجوابرة

بالتوازي مع معرض "دائرة روح"، نظّم جاليري بيت مريم الأربعاء الماضي ندوة بعنوان "الفن الفلسطيني بين التذوق والاقتناء" شارك فيها الباحثان جورج الأعمى ونصر الجوابرة بمداخلات ثرية في مسائل تتعلق بالمشهد التشكيلي في فلسطين. رحبت د. مليحة مسلماني مديرة بيت مريم بالحضور قائلة أن الهدف من عقد تلك الندوة ليس فقط نقاش موضوعها المطروح حول تذوق واقتناء الفن في فلسطين، بل أن تكون أيضًا فاتحة لنقاش يحتضنه بيت مريم وهو نقاش ضروري لمواكبة هذا الزخم في الحراك التشكيلي الفلسطيني الغني والمستمر منذ ما قبل النكبة.

بدأت الندوة بمداخلة مفصّلة وغنية بالمعلومات قدمها مقتني الأعمال الفنية والباحث في الفن والتراث الفلسطيني جورج الأعمى، والذي تحدث عن تجربته الخاصة في اقتناء وتجميع الأعمال الفنية والتراث الفلسطيني خلال السنوات العشر الماضية، وقدم جورج الأعمى عرضًا لتاريخ ممارسة اقتناء الأعمال الفنية في فلسطين، مؤكدًا أن هناك وثائق تدل على أنه ظهر من بين الفلسطينيين من اهتم بتجميع الأعمال الفنية منذ القرن التاسع عشر، وذلك على يد عائلة جوهرية التي كانت تقطن داخل أسوار البلدة القديمة في القدس، وهي عائلة أيقونوغرافيين رسموا أيقونات مسيحية بمنظور فلسطيني، وكان جريس جوهرية يجمع الأعمال الفنية والتراث الفلسطيني ومارس فعل تجميع مكتمل كان يهدف منه إلى الحفاظ على الهوية العربية والفلسطينية.
ثم انتقل جورح الأعمى للحديث عن دور الدكتور توفيق كنعان في تجميع التراث والفن الفلسطيني قبل النكبة، والذي اشتهرت مجموعة مقنياته بعد أن تبرعت بها عائلته لمتحف جامعة بيرزيت، وقد جمع كنعان الحجب واللوحات والكتب والأيقونات، وكان يؤرشفها ويوثقها بشكل دقيق ومنظم. وتحدث عن دور السيدة وداد قعوار بعد النكبة والتي عُرفت كأمّ للباس الفلسطيني حيث كانت تقوم بجمع الألبسة الفلسطينية واقتنت أيضًا ومنذ بداية الستينيات أعمال لرواد الحركة التشكيلية الفلسطينية فشملت مجموعتها أوائل لوحات سليمان منصور ونصر عبد العزيز وأعمال لفنانين سوريين وعراقيين أيضًا. 
وكشف جورج الاعمى عن دور المثقف الفلسطيني المقدسي فرح زكريا الذي درس الأدب الإنجليزي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وقام بتعليم اللغة الإنجليزية لأبناء العائلة الحاكمة في الهند، ثم انتقل إلى القدس وأنشأ محلًا للسوفينير بالقرب من كنيسة القيامة وجامع عمر بن الخطاب حيث المشاغل الأساسية لنيقولا الصايغ وخليل حلبي وعائلة جوهرية، وأصبح زكريا يقتني الأعمال الفنية وييبع بعضها، بعد النكبة فقد زكريا بيته وانتقل إلى بيت لحم واستشهد في عام النكسة بعد سقوط قذيقة على كنيسة الروم الكاثوليك في البلدة القديمة في بيت لحم ارتدت على بيته.
وأضاف جورج الأعمى أن ممارسة الفلسطينيين لاقتناء الأعمال الفنية اختفت نسبيًا لفترة من الزمن بسبب واقع الشتات والوضع الاقتصادي في فلسطين، إلا أنها عادت للظهور خلال الانتفاضة الأولى على يد رجال أعمال ومثقفين فلسطينيين أمثال المحامي مازن قبطي وشكري فروجة وغيرهم، فقد قام هؤلاء بجمع أعمال فنية قيمة وشكلوا أساسًا لثقافة اقتناء الفن الفلسطيني اليوم، حيث انتشر فعل الاقتناء لنشهد في الفترة المعاصرة ظهور الكثير من مقتني الأعمال الفنية في فلسطين. واختتم جورج الأعمى مداخلته بالحديث عن سوق الفن في فلسطين والذي ما زال يُعتبر في بداياته، مؤكدًا أن سوق الفن في العالم العربي عمومًا هو حديث جدًا، وقائلًا أنه لا داعي للخوف أو التحفظ من العلاقة بين مصطلحيْ الفن والسوق، بل هي علاقة تاريخية وتلعب دورها في بناء مشهد ثقافي متكامل، فما زال المشهد التشكيلي الفلسطيني يفتقر إلى المقومات الضرورية التي يحتاجها، من وجود متاحف ودور عرض وغيرها، وتحدث عن الأهمية الكبيرة لدور العرض "الجاليري" ودورها في تقديم الفنانين الفلسطينيين وتوثيق تجاربهم ونشرها ونقلها إلى العالم. أما تسعير الأعمال الفنية فيرى جورج الأعمى أنها مسألة شائكة لا ترتبط بعمر الفنان أو بمكان دراسته أو بمادة وتقنية العمل الفني أو برؤيتنا الذوقية له، وهي معادلة صعبة يشوبها الغموض وتعتمد بشكل أساسي على القيمة المستقبلية للعمل الفني أي رؤية قيمته ومكانته في المشهد الفني في السياق الزمني المستقبلي.
أما الفنان والباحث في الفن الفلسطيني د. نصر الجوابرة فقد بدأ بمداخلته بتعريف التذوق الفني كقيمة لها علاقة بالاقتناء وهي تصاحب أي حراك ثقافي، وأن التذوق يعني الاستجابة الوجدانية للفعل الجمالي. وقال جوابرة أن الحركة التشكيلية سارت بشكل مختلف عن الحركات التشكيلية العربية نتيحة ما فرضته النكبة من شتات ومن واقع استثنائي شكل هاجسًا للفنان الفلسطيني. وتحدث عن ممارسات الاستعمار المتعاقب على أرض فلسطين ودوره في حصار الحراك الثقافي الفلسطيني وتأثير ذلك على الذائقة المجتمعية الفلسطينية، فالعثمانيون قاموا بتحريم الفنون، في حين اعتبر الاستعمار البريطاني أن الفن جزء من التحريض والمقاومة، ومارس الاحتلال الإسرائيلي القمع والقتل بحق الفنانين والمثقفين الفلسطينيين وفرض العزلة عليهم واعتبر الحركة التشكيلية أداة من أدوات التحريض والمقاومة.
كل هذه أسباب أدت كما يرى نصر الجوابرة إلى ضعف الذائقية في المجتمع الفلسطيني، مضيفًا أنه في الوقت الذي كانت الحركات التشكيلية العربية تبحث في مسائل ثقافية وتشكيلية، كانت الحركة التشكيلية الفلسطينية تسير في مسار مختلف نتيجة النكبة، فبحثت في السؤال الوطني وفي السياق السياسي للوحة كأداة من أدوات التحرر وأبدعت أعمال فنية عبرت عن الذات الوطنية الفلسطينية. وقال الجوابرة أنه ظهرت في السبعينيات والثمانينيات أداوت تعبير جديدة تتجه نحو التجريد والتجريب في الخامات والمواد وذلك على يد سليمان منصور ونبيل عناني وغيرهم من رواد الحركة التشكيلية، لكن بقيت القضية والهوية الفلسطينية حاضرة بقوة في الفن الفلسطيني وراسخة في وعي الفنان الفلسطيني. 
انتقل د. نصر الجوابرة في مداخلته للحديث عن الفترة التي تلت توقيع اتفاق أوسلو وما شهدته من تغيرات على المشهد الثقافي الفلسطيني عامة والتشكيلي خاصة. فقد خرج الفنان الفلسطيني من عزلته التي فرضها الاحتلال وانفتح على التجربة العالمية في الفن وتأثر بها وظهرت في الفن الفلسطيني اتجاهات ما بعد حداثية، ما يعتبره انزياحا كبيرًا وانقلابًا في الفن الفلسطيني حدث سريعًا وأربك الذائقة المجتمعية في فلسطين، مضيفًا أن غياب دور المؤسسة الفلسطينية الرسمية قابله ظهور دور مؤسسات الدعم الأوروبي والتي لعبت دورًا ملحوظًا في تأثر الفنان بالتحربة الغربية في الفن المعاصر. 
وأكد الجوابرة أن المجتمع الفلسطيني الذي أنتج هذه الإرث البصري الجمالي الضخم في المطرزات والمشغولات الحرفية لا بد وأنه يملك ذائقة قوية، غير أن هناك ضرورة لتفعيل وتطوير تلك الذائقة من خلال دور المؤسسة الرسمية وخاصة وزارتيْ الثقافة والتربية والتعليم، فدور الأولى يشمل تبني المعارض والمهرجانات وتفعيل كافية ميادين الثقافة في الشعر والفن التشكيلي والموسيقى وغيرها، أما وزارة التربية والتعليم فتختص بتعزيز التربية الفنية كوسيلة من أجل تطوير الذائقية المجتميعة. وتحدث أيضًا عن دور سلطة النقد في العالم في خلق الشراكة بين رأس المال الوطني والفن، وذلك من خلال تبني المؤسسات الاقتصادية لمشاريع ثقافية، ما يقلل الاعتماد على مؤسسات الدعم الخارجية، وختم الجوابرة حديثه قائلًا أن هناك ضرورة لوجود حوار مستمر حول الفن يشكل رؤية تقودنا إلى تطوير الذائقة بالإضافة إلى أهمية وجود حركة نقدية ومنشورات من مجلات وإصدارات في الفن التشكيلي.
وقد شارك الحضور من فنانين تشكيليين ومثقفين بمداخلات حول مواضيع هامة تتعلق بدور الجاليري في المشهد الثقافي الفلسطيني وحول سبل تعزيز ثقافة التذوق الفني وأهميتها وسوق الفن وغيرها من المواضيع التي أثرت النقاش.

Loading...