رولا البندك...ممرضة تغذي الأطفال الخدّج في بيت لحم

 

رام الله- رايــة:

رولا البندك، ممرضة تبلغ من العمر 30 عاماً، تعمل في مستشفى العائلة المقدسة في بيت لحم، والذي يعد شريان الحياة بالنسبة للنساء الفلسطينيات اللواتي يعانون من حالات الحمل عالي الخطورة.

تقول رولا: "لدينا أطفال خدّج للغاية، حوالي 500 غرام، فقد أهلهم الأمل بأن يغادروا وحدة العناية المركزة وهم على قيد الحياة".

ويوجد في المستشفى 18 حاضنة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة ينبضون مع حياة جديدة. ولد بعض هؤلاء الأطفال قبل فترة، والبعض الآخر حالات حرجة الذين لا يستطيعون بعد التنفس أو البقاء على قيد الحياة من تلقاء نفسهم.

"العمل في هذا القسم يتيح لي الفرصة لمساعدة أطفال كانوا سيفارقون الحياة لولا التدخل الطبي"، تقول رولا.

ويستقبل المستشفى حالات من جميع أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك الأمهات اللواتي أخبرن من المستشفيات الأخرى بأن أطفالهن لن يبقوا على قيد الحياة بسبب الولادة المبكرة جداً. بعضهن أتين من أماكن بعيدة مثل رام الله أو أريحا، وتحملن ساعات السفر الطويلة للوصول إلى المستشفى.

بيئة ذات ضغط عمل عال

وتقول رولا: "لدينا الكثير من الإنذارات هنا لمراقبة الأطفال الرضع، لذلك أشعر وكأنني أسمع باستمرار جهاز الإنذار يرن في أذني".

لكن رولا يقودها هدف أسمى. "أردت أن أصبح ممرضة لأنني أحب مساعدة الناس"، وتضيف: "أشعر أنني يمكن أن أضع نفسي في مكانهم عندما يكونون في هذه المواقف الصعبة".

وتتابع: "رؤية طفل خداج لأول مرة يمكن أن تكون صدمة. بعض الأمهات، يخفن حتى من لمس أطفالهن. نسير مع الأم خطوة بخطوة، حتى تستطيع ان تنفهم وتكون قادرة على التعامل مع الموقف".

عملت رولا في مستشفى العائلة المقدسة منذ عام 2009. قدمت لها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية منحة دراسية لمدة سنتين في جامعة بيت لحم، لاكتساب شهادة رسمية كممرضة متخصصة بالأطفال حديثي الولادة.  وأشارت رولا الى أن "التدريب جعلها قادرة على تدريب الآخرين، بما في ذلك الممرضات الجدد".

الآن، تتولى رولا إدارة التمريض في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة. وتقول الدكتورة ميشلين قسيس، الطبيبة الرئيسية في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، "إذا كانت رولا مناوبة، الأمور تكون تحت السيطرة وكل شيء يكون على ما يرام". وتضيف: "لديها وسيلة رائعة لتعليم ونصح زملائها. من النادر أن أجد شخصاً مثلها".

الحياة والموت

وتسكن رولا بالقرب من المستشفى مع زوجها، الذي يمتلك مطعماً، وبناتهما الثلاث. أنجبت توأمين عمرهما 4 سنوات، لورد ولمار، في مستشفى العائلة المقدسة. ابنتها البكر برناديت تبلغ من العمر 9 سنوات.

“أنا فخور جداً بها"، يقول زوجها جوني البندك، 40 سنة. ويضيف "زوجتي ذكية جداً". ويأمل جوني لبناته ان يكن ناجحات مثل والدتهن عندما يكبرن.
بالنسبة لرولا، فان عملها يجعلها تدرك كم الحياة ثمينة. وتقول: "مراقبة الحياة والموت خلال عملي في قسم الأطفال حديثي الولادة يجعلني أحاول قضاء أكثر وقت ممكن مع بناتي وأسرتي".

جزء من عائلتنا

"نحن على اتصال كبير معهم ونعتبرهم جزءاً من عائلتنا"، تقول رولا، عن الأطفال الذين يبقون في المستشفى لمدة 100 يوم. "نحتفل حتى بأعياد ميلاد بعض الأطفال في الوحدة، ونجلب لهم الهدايا، وأنهم يأتون باستمرار لزيارتنا".

وتتذكر رولا حالة طفل ولد وزنه 500 غرام وقامت بتغذيته حتى وصل إلى وزن صحي.

وتؤكد "عندما يغادر الطفل وحدة العناية المركزة لدينا، بعد أن كان والديه فاقدين الأمل من بقائه على قيد الحياة، يجعلني أشعر بسعادة غامرة، لأنني أعتبر ذلك إنجازا شخصياً، كما انه انجاز لفريقي".

حول القصة
يقدم مستشفى العائلة المقدسة خدمات صحة الأم والطفل في بيت لحم، ويتخصص في مجال رعاية الأطفال حديثي الولادة والوضع عالي الخطورة. ويعتمد المستشفى إلى حد كبير على التبرعات، والمرضى يدفعون حسب قدرتهم.

في عام 1998، افتتحت وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة في المستشفى، والتي تعد الأولى من نوعها في جنوب الضفة الغربية. نوعية الرعاية مماثلة لتلك التي في الولايات المتحدة، مع معدل وفيات أقل من 2%.

وقد دعمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المستشفى منذ عام 2005 بمشروع بلغت كلفته 6 مليون دولار أمريكي، أسهم في زيادة فرص الحصول على الخدمات الصحية للأطفال حديثي الولادة وأمراض النساء، وتدريب الأطباء والممرضات والقابلات، وشراء المعدات الطبية الحساسة.

في عام 2007، بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية والحكومة البلجيكية، تم إضافة طابق جديد لجناح المخاض والولادة ووحدة عناية مركزة أوسع للأطفال حديثي الولادة. توسعت خدمات المستشفى لتشمل العيادات الخارجية لخدمة الأسر ذات الدخل المنخفض في المناطق النائية.

ويعد مستشفى العائلة المقدسة واحد من 274 على الأقل من مرافق الرعاية الصحية العامة والخاصة التي تدعمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مختلف أنحاء الضفة الغربية.