الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:10 AM
الظهر 11:44 AM
العصر 3:15 PM
المغرب 6:02 PM
العشاء 7:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الشاعران مريد وتميم البرغوثي يحييان الذكرى الثانية لرحيل رضوى عاشور

 

رام الله - رايــة:

مزجا الحب بالحزن، والوجع بالأمل، عندما تبارى الشاعران الأب والابن مريد وتميم البرغوثي في حب امرأة لم يسعها أي ضوء، غدت بذاتها ضوءا في عتمة البلاد، وضوءا بين أغلفة الكتب وضوءا من أضواء اللغة العربية التي هي البطل الدائم والأول في رواياتها. ينادي الابن "باسمك يا أمي رضوى مصطفى عاشور/ الأرض رضية تدور"، وتدور الدنيا ويمر عامان على رحيلها رضوى عاشور.

وصف مريد البرغوثي في الأمسية التي نظمتها مؤسسة عبدالحميد شومان، وأقيمت أول من أمس في قصر الثقافة- مدينة الحسين للشباب، جمال عاشور، بـ "جمال رأيها ورأيها جمالها، فالمظلوم يخسر إن لم يكن في جوهره أجمل من الظالم. وهي لم تخسر جمالها حتى وهم يؤذونها بقبحهم لم تخسر جمالها حتى وهي على مخدتها الأخيرة".

الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان فالنتينا قسيسية رحبت بالشاعرين اللذين رأت انهما "ابتكرا طريقتهما الخاصة للاحتفاء بالمبدعة عاشور في الذكرى الثانية لرحيلها، احتفاء يليق بها فهي ما زلت معنا نحسها ونعيشها"، واصفة عاشور بأنها "معانٍ وليس معنى واحداً فقط فهي التي احتضنت شاعرين صاخبين في حضنها الدافئ فجعلت منهما زوجاً وابناً وعرفت لهما معنى الوطن".

وأضافت قسيسية أن مؤسسة عبدالحميد شومان معنية بالإبداع، وبالاحتفاء بقادة الفكر والمبدعين، ممن أثّروا بمن حولهم وأسهموا في تأسيس مجتمع الثقافة والإبداع وأقل ما يمكن أن نقدمَه كإهداءٍ لذكرى عاشور هي هذه الأمسية، وفاء لذكراها، واحتفاء بالحب، وتذكيرا بأصل الحكاية، وانتصارا للحياة.

استهل مريد البرغوثي الأمسية بقراءة نص جميل يخاطب فيها الحزن، قال: "من ينشغل بحزنه على فقد المحبوب ينشغل عن المحبوب، الآن أطلب من حزني أن يتجه إلى أقرب بوابة ويغادر هادئا كما أشاء أو هادرا كما يشاء لكن دون أن يلفت الأنظار.
واضاف البرغوثي "لا يعجبني جوعه ولا تلكؤه، أكاد أكرهه تحديدا لهذا السبب، كأنه حزن لا يثق بنفسه وكأنه إن اكتفى اختفى، وكأننا لم نشاركه مقعده ومخدته ومنديله وملمس حذائه على زجاج ساعاتنا".

وخاطب البرغوثي الحزن قائلا "لست أنت المهم اليوم ولا أنا أيها الحزن، أنا منشغل بها لا بك أنت. بسعيها العسير للنصر في مواجهات زمانها، واجهت السرطان خمسة وثلاثين عاما ومحدثوها لا يرون في حديقة لقائها إلا أشجار السرور وفاكهة السماح والرضا".

ورأى البرغوثي أن عاشور "واجهت السائد المتفق عليه والطاغية المسكوت عنه وواجهت، حتى الرمق الأغلى، ركاكة الناطقين باسمنا، وركاكة الضوء المشترى وركاكة الكلام وطقوس الهوانم".

واضاف "هي التي جعلت لقلبها يدا منصفة تصافح الأضعف وتصفع جمله الطاغية وشبه جملته، يدا تسهر الليالي لتصحح الواقع والامتحان.. وهي التي جعلت هشاشتها اسما آخر للصلابة. هي التي علمت الديكتاتور كيف ترفض انتباهه المشبوه لقيمتها، وترمي المناصب السمينة المعروضة والألقاب الرفيعة المقترحة ودعوات يهرول إلىها سواها، مكتفية بفرح القارئ ببرق السطور من يدها وفرح الطالب ببرق المعرفة من عينيه".

وتحدث البرغوثي عن عاشور الاكاديمية والروائية "هي الاستاذة صوتها ينادي أصوات طلابها لا أذانهم، لان صوتها يُسمع ويَسمع. ولأنها لم تسع إلى أي ضوء، غدت بذاتها ضوءا في عتمة البلاد، وضوءا بين أغلفة الكتب وضوءا من أضواء اللغة العربية التي هي البطل الدائم والأول في رواياتها".

ودعا البرغوثي الحزن للخروج "أخرج من أقرب بوابة يائسة أيها الحزن، ودعني استبدل بك ابتسامتها التي تذهب حزن الرائي، فابتسامتها رأي، وموضع خطوتها رأي، وعناد قلبها رأي، وعزلتها عن ثقافة السوق رأي، ودائما جعلت رأيها معروفا موقعا بإمضائها رغم زوار الفجر وفجور طاغية يروح وطاغية يجيء".

ووصف البرغوثي جمال عاشور بـ "جمال رأيها ورأيها جمالها، فالمظلوم يخسر إن لم يكن في جوهره أجمل من الظالم. وهي لم تخسر جمالها حتى وهم يؤذونها بقبحهم ولم تخسر جمالها حتى وهي على مخدتها الأخيرة.

سيدة قليلة الجسد يتعبك تتبع خطاها، تهدم السور الفاصل بين الجامعة وعموم الناس، تظنها على مرتفعها الأكاديمي فتراها على إسفلت الميدان ذائبة في تدافع التحرير العظيم والكدمات التي توجعها توجع الطاغية قبلها، تظنها في همس القصيدة وهدات الايقاع، فتراها في صرخة التاريخ الخارج توا من يد القابلة وارحام الشوارع".

واضاف "تظنها في شوارع وسط البلد فتلقاها في غيوم غرناطه وتظنها تجلس مع أبي جعفر تجلّد الكتب بخطوط الذهب، أو تدبر الحيل المذهلة مع مريمة، فتلقاها تأخذ بيدك إلى شاطئ الطنطورة وتقول لك ضع قلبك هنا، ودعه هنا، وارسم غدك من هنا، كي تعود إلى هنا، إلى الساحل الأول فلسطين.

لم يأخذها اليأس إلى وضوحه المغري، لأنها تعلم أن الثورة لا تنتصر إلا بعد أن تستكمل كل أشكال الخيبة. ولم تمنحنا أملا خادعا، بل دعت نفسها ودعتنا للتحمل. وتحملت. وعلى عصا المجاز وعصا خشب البلوط، واصلت السير في طريقها الطويل، تختصره بالرفقة".

وتحدث البرغوثي عن الرفقة عند عاشور "الرفقة جيل أحبها وأحبته، جيل قادم بصباياه وشبابه (الحلوين كما تصفهم دائما) جيل يصعد جبل السؤال والمساءلة، جبل البحث عن الحقيقة تحت كومة القش الرسمي، جبل الفضول العظيم الذي وحده يزيد العيون اتساعا والعمود الفقري استقامة. جيل يرى أن الثوابت ما خلقت إلا لكي نرجها رجا ونهتك منها ما يستحق الهتك، حتى نعرف الفرق العظيم والقاسي بين الوراء والأمام".

واشار البرغوثي عن تمرد عاشور على الواقع قائلا "تنشق في أول العمر عن ثوابت النص، والتعاليم، تنقد بدراساتها المدهشة كتب الإبداع وبإبداعها المدهش تنقد العالم، وتصعد. أتركوا الأبواب مفتوحة، ليخرج الحزن. ولتدخل السيدة. وقع خطاها خفيف وأكيد على هذا الدرج. إنني أسمعه يقترب. رضوى عاشور جزء مما سيصنعه هذا الجيل في أيامه الآتية وهي جزء مما صنعته في أيامه الماضية. أثقل من رضوى ما تركتنا له وما تركته لنا. رضوى عاشور تركتنا بعدها لا لنبكي بل لننتصر.
تركتكم بعدها لا لتبكوا بل لتنتصروا".

ثم قرأ الشاعران مجموعة قصائد ومقتطفات من كتابات رضوى عاشور فقرأ تميم قصيدة بالعامية المصرية بعنوان: "باسمك يا أمي" قال فيها: "باسمك يا أمي باسم رضوى مصطفى محمد عاشور/الأرض دي رضيت تدور"، وقصيدة بعنوان "هي ستي لأم عطا"، ثم قرأ مريد قصيدة بعنوان "غرف الروح" وقصيدة تصف لحظة ميلاد تميم وكيف وقف عاجزا أمام وجع الأم عاشور.

ويذكر أن عاشور ( 1946 - 2014) قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية مصرية، تميز مشروعها الأدبي، في شقه الإبداعي، بتيمات التحرر الوطني والإنساني، إضافة للرواية التاريخية، تراوحت أعمالها النقدية، المنشورة بالعربية والإنجليزية، بين الإنتاج النظري والأعمال المرتبطة بتجارب أدبية معينة. تمت ترجمة بعض أعمالها الإبداعية إلى الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والإندونيسية، توفت يوم 30 نوفمبر 2014.
صدر لها في مجال القصة والرواية، في الرواية صدر لها "حَجَر دافئ"، "خديجة وسوسن (رواية)، "سراج"، غرناطة (الجزء الأول من ثلاثية غرناطة)، "مريمة والرحيل" (الجزءان الثاني والثالث من الثلاثية)، "أطياف"، "قطعة من أوروبا"، "فرج"، "الطنطورية"، وفي مجال القصة صدر لها "رأيت النخل"، "تقارير السيدة راء".

الغد الاردنية 

Loading...