الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

جبرا إبراهيم جبرا وحضوره في الرواية العربية

الكاتب: عادل الأسطة


في كتابه «ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية: غسان كنفاني، أميل حبيبي، وجبرا إبراهيم جبرا» (1981) درس فاروق وادي نتاج هؤلاء الأدباء، وحلّله ولكنه لم يدرس تأثيرهم في الرواية العربية أو الفلسطينية. ويوم أصدر كتابه كان الروائيون الفلسطينيون الذين شكلوا جيلاً لاحقاً تالياً ما زالوا يتدرّبون على كتابة الرواية: يحيى يخلف، ورشاد أبو شاور، وسحر خليفة، ولم يكن إبراهيم نصر الله كتب، حتى 1981 تاريخ صدور كتاب وادي، أية رواية. كان شاعراً مبتدئاً. ولهذا لا يُلام وادي على عدم توقفه أمام ظاهرة تأثير هؤلاء الروائيين الثلاثة في الرواية العربية أو الفلسطينية، وأعتقد جازماً أن هذا من واجب النقاد الحاليين، فلقد ترسخت أعمال الروائيين الثلاثة وتعددت طبعاتها، وواصل الروائيون الصاعدون، منذ 1981، كتابة الرواية، وقد يكون د. فيصل دراج لامس الموضوع مؤخراً.
عرف جبرا في العالم العربي أكثر مما عرف في فلسطين، ذلك أنه أقام في بغداد وكتب عنها، وكان حضور الموضوع الفلسطيني في رواياته الأولى غير لافت، بل وظل كذلك، باستثناء رواية «البحث عن وليد مسعود» (1978) التي تعدّ روايته الوحيدة، تقريباً، في الموضوع الفلسطيني، حيث استأثرت به كلياً، لا جزئياً.
لم توزع روايات جبرا في فلسطين، ولم تُعَدْ طباعتُها، ولما أقيمت السلطة الوطنية وغدا لها وزارة ثقافة، أعيدت طباعة سيرة جبرا «البئر الأولى»، لا رواياته التي ظل الحصول عليها يتحقق من خلال ما يصل إلى فلسطين من نسخ قليلة العدد، أو من خلال سفر بعض الفلسطينيين إلى العالم العربي.
جبرا الذي ترك تأثيراً واضحاً في الحركة الشعرية العربية، من خلال ترجمته كتاب (جيمس فريزر) «الغصن الذهبي»، ومن خلال ترسيخ أسطورة تموز، ظل روائياً ذا حضور باهت، قياساً إلى حضور حبيبي وكنفاني، لدرجة أن الروائيين لم يكونوا قرؤوه جيداً، ومنهم أميل حبيبي الذي سُئل في العام 1987، في ندوة في القدس، عن رأيه في جبرا روائياً، فأجاب: لقد حاولت قراءته، ولكنني لم أستطع أن أُكمل رواية واحدة له.
كان أميل حبيبي يومها ماركسياً، وكان ينظر إلى جبرا على أنه روائي برجوازي. ولعلّ اختلاف الموقف قاد إلى اختلاف الموقف. وقد عاد حبيبي، في نهاية أيامه، ليعبر عن أسفه أنه لم يقرأ جبرا، وهذا ما ظهر في المقابلة التي أُجريت معه، ونُشرت في مجلة «مشارف» التي كان يترأس تحريرها: «وبالطبع، ومع كل الاحترام، لم أستطع أن أقرأ أكثر من 15 سطراً من بدايات روايات جبرا إبراهيم جبرا» ووجهة نظر أميل أنها روايات جافة «أنا لا اقرأ المواد الطويلة والجافة» (مشارف) 94، حزيران 1996، ص23).
والحقيقة أن شخصيات جبرا الروائية لم تحقق حضوراً لافتاً في الأدبيات الفلسطينية كما حققت بعض شخصيات روايات كنفاني وحبيبي. ولا أذكر رواية واحدة، مما قرأت، حضرت فيها شخصية جميل فران أو وديع عساف، بل وشخصية وليد مسعود. ربما تذكرت أسلوب جبرا، وأنا أقرأ رواية علي بدر الكاتب العراقي «مصابيح أورشليم» (2006) فالجزء الأول منها يشعرك أنك تقرأ إحدى روايات جبرا.
إلياس خوري: مثالاً:
يكاد إلياس خوري يكون من الكتّاب القلائل الذين حضرت بعض نصوص جبرا في رواياته، وأبدى ساردو هذه الروايات إعجابهم اللافت بلغة جبرا وبسيرته «البئر الأولى»، كما أنهم توقفوا أمام ما أوحى لجبرا بكتابة روايته «البحث عن وليد مسعود».
في «باب الشمس» (1998) يشير السارد المحاصر، وهو يتسلم من سناء الشريط الذي تركته أم حسن، بعد زيارتها الثانية إلى فلسطين، وتحديداً إلى الكويكات، يشير إلى الشريط الذي تركه وليد مسعود في رواية جبرا «البحث عن وليد مسعود» (1978)، ومن أجل هذا الشريط وفك لغزه «اضطر جبرا إلى إقامة رواية كبيرة وجميلة.» (ص99) ويعبر السارد عن رأيه في جبرا: «أنا أحبّ جبرا، لأنه يكتب بشكل أرستقراطي جملته نخبوية وجميلة» وعلى الرغم من فقره في طفولته «فقد صاغ جملاً أدبية بليغة، عليك أن تقرأها كما تقرأ الأدب، وليس كما أحكي معك الآن»، ويخيل إليّ أن إلياس تأثر بجبرا في جانبين: الشريط واللغة، فهو يعتمد على الأشرطة التي تصور له وهو يكتب عن مكان لم يزره، وهو يعتني بالجملة اعتناءً لافتاً، إنه يكتب أكثر مما يحكي، ولهذا تتشابه لغة رواياته الأخيرة التي هي ـ أي لغته ـ لغة كاتب أديب، لا لغة كاتب فقط.
في «أولاد الغيتو» يعبّر آدم عن إعجابه بـ»البئر الأولى» رغم عدم حبّه أدب السيرة الذاتية، ويرى أن سيرة جبرا هذه «أجمل ما كتب هذا المقدسي الأنيق والرائع» (ص99) ويبدي رأيه في الأدب: «أعتقد أن على الأدب ألاّ يشبه الحياة، بل أن يكون أدباً خالصاً لوجه اللغة وجمالياتها التي لا حدود لها.»
وسيختلف آدم هذا الذي أعجب بسيرة جبرا، مع جبرا حول مفهوم الذاكرة ويرى أن ما أدرك جبرا في «السفينة» (1970) من أن الذاكرة كالموسيقى ليس صحيحاً، فهي جرح في الروح لا يندمل.» ولذلك يتفق إلياس مع حبيبي في هذا الجانب، وربما لهذا كان تأثير أميل في إلياس أكبر بكثير من تأثير جبرا فيه.

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...