الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:33 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:20 PM
العشاء 8:41 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

أحدهم غاب عن صفه اليوم

 

القدس المحتلة- رايــة:

فداء رويضي-

الأسواق تضج  بالمشترين، أبٌ يشتري الحقائب، وأخر يشتري القرطاسية، أمٌ في زاوية أخرى من السوق تشاور أطفالها في لون الحقيبة، وطفل يريد دفاتر بألوان زاهية، طفلة أخرى تريد زيا مدرسيا، لكن أحد المشترين خرج فارغ اليدين من السوق لا حقيبة لإبنه، ولا ابن تشاوره الأم في لون الحقيبة التي يريدها، هذا المشهد كان بالأمس، أما اليوم فالمشهد ذاته بمكان مختلف، المدارس فتحت أبوابها، أحدهم لم يدخل المدرسة حاملا حقيبته الجديدة مرتديا زيه المدرسي الجديد، لم يقف في طابور الصباح، لم ينشد النشيد الوطني، بقي مقعده فارغا، غابت ضحكاته عن غرفة الصف، كما غاب اسمه عن دفتر الحضور.

124 طالب وطالبة من القدس في الأسر

450 طالبا وطالبة يقبعون في سجون الإحتلال، منهم 124 من القدس أي ما يقارب 26%، 110 منهم ذكور في سجن مجدو و4 إناث في سجن هشارون، و10 أطفال أخرين في مؤسسات داخلية لصغر سنهم، هذه الإحصائية أعدتها  لجنة أهالي أسرى القدس اليوم مع بدء العام الدراسي الجديد.

هم ليسوا أرقاما

هذه المئة والأربعة وعشرون ليست رقما فحسب، فلكل واحد من هؤلاء اسم وعمر وحياة كان يعيشها  قبل الأسر وظروف صعبة يعيشها خلف القضبان، وأحلام، علها انكسرت أو تأجلت سنوات، منهم محمد معتوق من بيت حنينا في القدس المحتلة، الذي اعتقل قبل عام ونصف حين كان يبلغ من العمر خمسة عشر عاما، اعتقل في اليوم الأول من بداية الفصل الدراسي الثاني، كان حينها في الصف العاشر في مدرسة المطران.

محمد كان من المفترض أن يحجز مقعده في الثانوية العامة هذا العام، لكنه اعتقل قبل أن يتابع تعليمه بتهمة طعن مستوطن "بمفك" في البلدة القديمة، كانت محطته الأولى كمعظم الأطفال الذين يتم اعتقالهم في هذا العمر بالمسكوبية، وكما تنقل والدته ما سمعته من أصدقاءه في الأسر أنه  أكثر طفل خاض عدد ساعات في التحقيق، فمن الأربعة وعشرين ساعة في اليوم يجلس محمد  عشرين ساعة في غرفة التحقيق، طعام وشراب ملوث ممزوج مع إذلال المحقق لطفل قد لا يعرف الإجابة على أسئلة ملغومة بنظرات قاسية وفن في التعذيب، أسبوعين قضاها محمد في سجن المسكوبية خسر فيها عشرة كيلو من وزنه.

يا لقساوة المشهد!

لم تنتهي معاناة محمد، نقل من المسكوبية الى سجن هشارون، وهناك أيضا تفنن المحققون في استخدام أساليب الإذلال، إلا أن ما خفف عن محمد وعن غيره من الأطفال قساوة السجن هو وجود أشبال أكبر عمرا، كانوا كالأخوة الكبار لهم، لكن سرعان ما نقل محمد مع أصدقاءه الى سجن مجدو، بعد أن أغلقوا قسم الأشبال في هشارون بعد الأحداث التي شهدتها القدس عقب استشهاد مهند الحلبي وازدياد أعداد المعتقلين الصغار.

في سجن مجدو تكمن المأساة الحقيقة، ألوان وأشكال من التعذيب للأهالي والأسرى الأطفال، لا ظروف صحية ولا طعام ولا ملمبس ولا معاملة تحسس الطفل أنه انسان، تقول خولة معتوق والدة محمد: "من قوانين الإحتلال أن لا يعاقب الطفل بوضعه في الزنزانة، لكن ابني وضع فيها لأيام، وكذلك يمنع إحضار الطفل ويده موضوعة في الكلبشات، لكن ابني في أكثر من زيارة كان كذلك، ويا لقصاوة المشهد!"

حكاية الزيارة

وللزيارة حكاية أخرى، حيث تخرج أم محمد الساعة الخامسة والنصف فجرا كغيرها من أهالي الأسرى، متوجهة الى سجن مجدو في حافلة الصليب الأحمر، تتخذ مقعدها وتتأمل الطريق التي حفظتها، تصل الى السجن الساعة الثامنة، منتظرة موعد الزيارة التي تبدأ الساعة الحادية عشر ظهرا، ويبدأ صراع الإحتمالات يدور في رأسها (من الممكن أن يسمحوا لي بالدخول أو لا، من الممكن أن  تكون السماعات معطلة ... ).

تروي أم محمد حكاية إحدى الزيارات: "ذات مرة احتج الأشبال على المعاملة الية من قبل إدارة السجون للأهالي أثناء الزيارة، فكانت أحد أساليب العقاب، أن يضعوا أكثر من أربعين طفلا أسيرا في غرفة صغيرة مغلقة يمنع فيها الحركة، دخلت من خارج هذه الغرفة ورأيت ابني في هذه الحالة بدأت بالطرق على الزجاج، وحين تكون السماعات معطلة لا أنتظر أنا وابني أن يقوموا بإصلاحها، بل نبدأ بالكتابة على الزجاج لنتواصل فيما بيننا، فأنا لا انتظر من الساعة السادسة صباحا كي أزور ابني، أنا انتظر منذ انتهاء الزيارة الحالية"

محمد الطفل المتفوق في دراسته، نسي شكل الكتب منذ عام وأكثر،  ففي سجن مجدو يمنع إدخال الكتب وتمنع الدراسة، وما زالت أم محمد تقاوم حتى تدخل كتب الثانوية العامة الى ابنها دون جدوى، لا عن طريق الصليب الأحمر، ولا وزارة الأسرى، وكلها أمل أن يخرج محمد بعد انتهاء محكوميته التي شارفت على الإنتهاء ويكمل  الدراسة.

مؤسسات داخلية

عدا عن سجن مجدو، فقد يضع الإحتلال الأطفال في سجن "أوفيك" وهو سجن مخصص للمحكومين جنائيا، فيوضع الطفل الذي حكم بتهمة باطلة "التكبير في الأقصى، إلقاء الحجارة …" مع المحكوم بتهمة تعاطي المخدرات مثلا ما يشوش عقله، أما الأطفال الأصغر سنا أي من عمر (12-14 عاما) يأسرهم الاحتلال في مؤسسات داخلية، يشرح  رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب أكثر عن هذه المؤسسات: "هي أشبه بسجون لها أسوار عالية وتديرها قوانين رصينة، ورقابة لصيقة  للأطفال، تكون تابعة للشؤون الإجتماعية  وتديرها المخابرات الإسرائيلية، مثل هذه المؤسسات تفرغ عقول الأطفال، وتزرع فيهم أفكارا بعيدة عن عاداتنا ومجتمعنا، ويتعرضون لمعاملة قاسية، فمنهم من تعرض للضرب والحرمان وأخرون وضعوا مع معتقلين على خلفيات جنائية".

ويضيف: "شادي فراح وأحمد مناصرة، أدم صب لبن، علي علقم،أحمد الزعتري وضعوا جميعهم في مؤسسات داخلية ومعهم أطفال أخرون، إلا أن مناصرة تجاوز سن الرابعة عشر لكن لخصوصية حالته بقي في هذه المؤسسة الأشبه بسجن، وذلك بعد فضيحة الإحتلال في تعاملهم مع أحمد وهو جريح ملقى على الأرض بدمائه".

أطفال الحبس المنزلي

بين الأطفال الأسرى في سجون الإحتلال  والأطفال في سجون المؤسسات الداخلية لا يمكننا أن ننسى أطفال الحبس المنزلي الذي  يحبس الروح قبل الجسد، ويضيع الطفولة التي كانت مفعمة  بالضحكة والحركة والحياة، وهؤلاء بلغ عددهم مع بداية العام الدراسي الجديد 60 طفلا، هم أيضا غابوا عن صفهم اليوم، وغيابهم كان بالقدر الذي لا يستطيعون فيه الدراسة رغم توفر الكتب بين أيديهم.

Loading...