حجاج غزة.. أمل يحدوهم وقلق يلاحقهم

غزة- رايـة:

سامح أبو دية-

يستلف الحاج عامر الكيلاني موعدا مع الفرح ويخبأ أمنياته داخل قلبه وهو يجهز حاجياته استعدادا لركوب الحافلة التي تقله الى معبر رفح البري لعبور أولى محطات السفر الى الديار الحجازية، فهو يوم انتظره بفارغ الصبر .

وكحال المئات من مواطني غزة، يعيش الحاج الكيلاني (60 عاماً) حالة من الشوق والأمل، فهو لن يصدق لقب الحاج إلا بوصوله الى الأراضي السعودية، وأمام هذا الوصول المنتظر عقبة معقدة تدعى معبر رفح: المنفذ الوحيد لقطاع غزة والحد الفاصل بين الحاج الكيلاني وحلمه بأداء مناسك الحج

الخوف والقلق "هاجس"
وكان العام 2008 قد شهد منعا لجميع حجاج قطاع غزة من المغادرة الى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، الأمر الذي خلق هاجسا من الخوف والقلق لدى الحجاج في كل موسم، في ظل استمرار اغلاق هذا المعبر…متنفس القطاع وصلته بالعالم الخارجي.

وعلي بعد خطوات قليلة من الحافلات وقفت الحاجة الخمسينية "أم محمد الهسي"، مودّعة أفراد اسرتها ودموع الفرح تنهمر على خديها، "ذاهبة لأداء فريضة الحج وكلي سعادة، الحج فرصة العمر وفرحة لا يمكن لأحد تخيلها، وتغمرني حالة من الشوق لأقابل وجه الله الكريم"، متمنيةً وصول بعثتها وعودتها سالمة دون أي معيقات كما حدث مع بعثات سابقة.

انتظار يطول
أما الحاج وائل مصبّح فقد انتظر هذا اليوم منذ عام 2006، ولم يُصدق أن اسمه كان من ضمن الأسماء التي أعلنتها وزارة الأوقاف ضمن بعثة حجاج قطاع غزة عام 2016.

منذ 10 سنوات والحاج مصبّح من حي الشجاعية، شرق غزة، يقف متمسمرا امام شاشة التلفاز يتابع رحلة الحجاج من مِشعر إلى آخر، داعياً أن يحقق له هذه الأمنية، ليعيش روحانية المكان بجسده، إلى أن جاءت اللحظة ليكون هذا العام 2016 في حضرة الركن الخامس من أركان الإسلام الحنيف.

أبرز ما كان يتمناه ذلك الحاج، زيارة قبر الرسول محمد، وأبو بكر وعمر، يقول: "الحج رحلة ايمانية بمعنى الكلمة، فيها جمال يريح العينين، ورائحة تُشرح الصدور"، داعياً جميع الأطراف الى تذليل جميع العقبات أمام هؤلاء الحجاج المتلهفين لإتمام تلك الرحلة.

عبد الرحمن عيسى أحد الحجاج المرضى، انتظر 7 سنوات منذ تقديم أوراقه، يقول: "أنتظر مع زوجتي بفارغ الصبر أن تحلق بنا الطائرة، وتحط بنا الرحال في البقاع المقدسة، لأكون بجانب الكعبة المشرفة وأزور الروضة الشريفة بجانب الرسول".

الحاج عيسى ينتظر أولاً أن يركب الحافلة المصرية في الجانب الآخر، لكي يرمي خلفه هاجس القلق من المنع.

ويعكف أبناء الحاج عيسى على تزيين المنزل بيافطات وكتابات على جدران المنزل ترحيبا بحجاج بيت الله (الوالدين)، عند عودتهم الى ديارهم.

2443 حاج غزي
من جانبه، أكد محمد أبو عسكر مدير عام الإدارة العامة للحج والعمرة في وزارة الأوقاف بغزة، أن اليوم الثلاثاء يشهد مغادرة 800 حاج وحاجة الى الديار الحجازية لأداء مناسك الحجة للعام 2016، فيما يشهد يومي الأربعاء والخميس مغادرة نفس الأعداد، ليبلغ عدد حجاج قطاع غزة 2443 حاج وحاجة، متمنياً وصول جميع الحجاج الى الأراضي السعودية بسلام ودون أي معيقات.

وكانت السلطات المصرية قد أعلنت عن فتح معبر رفح البري مع قطاع غزة لمدة ثلاثة أيام ابتداء من اليوم الثلاثاء، للسماح بمرور الحجاج فقط، وأعلنت الشركة القابضة لطيران مصر أنها ستسيّر تسع رحلات خاصة لنقل أكثر من 2300 حاج فلسطيني من قطاع غزة هذا العام إلى الأراضي المقدّسة، على أن يصل جميع الحجاج يوم الجمعة المقبل.

الحج يُوحّد الأوقاف
وأوضح أبو عسكر في حديثه لـ "راية"، أن الوفاق بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الضفة وغزة  الذي بدأ منذ عام 2009، كان كفيلاً بتذليل كافة العقبات التي واجهت موسم الحج، مؤكداً تجاوزهم حالة الانقسام الذي تعاني منه الأراضي الفلسطينية.

وقال أبو عسكر: "ما واجهنا من عقبات هي معوقات خارجية تمثلت بشكل أساسي في اغلاق معبر رفح، حيث لم نتمكن من الوصول الى المملكة العربية السعودية في الوقت المناسب من أجل استئجار السكن المناسب للحجاج، وتجهيز باقي الاستعدادات اللازمة قبل وصولهم".

قائمة انتظار طويلة وأعداد قليلة
ودعا السلطات المصرية الى اعطاء الجميع حرية السفر وعدم ارجاع أي شخص من بعثة قطاع غزة تحت أي مبرر، يضيف: "الحج فريضة وركن خامس، فلا تمنعوا حجاج غزة من تلبية نداء الله".

كما أكد مدير الادارة العام للحج والعمرة، أن قائمة الانتظار في وزارة الاوقاف طويلة جدا للراغبين في الحج، والأعداد الممنوحة لقطاع غزة لا تلبي الاحتياجات ولا تتناسب مع أعداد الراغبين، مطالباً المملكة السعودية منح القطاع حصة أكبر في الأعوام القادمة.