الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

من سوريا الى فلسطين.. مهنة التنجيد باقية

 

رام الله – رايـة:

مجدوليـن زكـارنة

قالوا..الأحلام الجميلة تحتاج دوماً إلى دعوة صادقة، لكنهم نسوا جميعاً أن استحضار هذه الأحلام الهانئة يحتاج أيضاً إلى أنامل "أبو اليزن" الذي بات اليوم أحد القلائل القادرين على خلق الدفء الجميل في ليالي الشتاء الباردة من خلال أغطيته الصوفية. 

تنجيد الأغطية الصوفية، أو اللحف كما تعرف باللهجة الدارجة مهارة امتهنها أهل فلسطين منذ ما يزيد عن 60 عاما عندما نقلوها أول مرة عن عائلات سورية سكنت فلسطين وقتها.. غير أن المهنة موجودة ومتوارثة في بلاد الشام منذ زمن الحكم العثماني للمنطقة.

وفي مدينة رام الله التي تعج بكل مظاهر العولمة والحداثة ذهبنا في زيارة الى أحد هؤلاء المنجدين الذين يصرون على توثيق بقايا مهنة تسير في طريق التلاشي والانقراض.

أبو يزن 50 عاما مُنجد وصاحب دكان للتنجيد في مدينة رام الله دكان يشي بالقدم والعراقة ويملأ أجواءه غبار الزمن ورائحة السنوات الكثيرة التي مرت بالمكان...واينما وجهت نظرك سترى مقصات وابر وماكنات خياطة و اوراق خُط عليها مقاسات كثيرة لاغطية صوفية ربما اوصاه بعض الزبائن على انجازها.

قبل 50 عاما تعلم الشقيق الاكبر لابي يزن مهنة التنجيد واتقنها على يد عائلة سورية سكنت فلسطين حينها ليقرر فيما بعد انشاء مشروعه الخاص وينقلها لاحقا الى شقيقه أبو يزن الاصغر سنا.

كلما مررت من امام محل ابو يزن ستجده برفقة شقيقه الأصغر متكئا على ارضية محله يقص ويقيس ويخيط.. لا يهمه الغبار  العالق على ملابسه.

يقول ابو  يزن لـ"رايـة": لم اعلم أولادي صنعتي فهي غير مجدية ماديا في الوقت الحاضر، والاقبال عليها قليل بسبب تكلفتها المادية".

ويبدو  ان ابويزن لايكترث بامر مهنته ويقول :"عندما أموت سينتهي مجال هذه المهنة عبر عائلتنا التي كانت من أوائل العائلات التي امتهنت التنجيد في مدينة اللد".

كان الرجل الخمسيني يثبت بقدمه اليمنى عجل ماكينة الخياطة حين مرت عبر كوب الشاي المتروك على الطاولة اشعة الشمس لتعكس لونه الكستنائي. يقطع جمال المشهد قائلا: "الآن لا اعتمد على صناعة الأغطية الصوفية فقط انما اصنع من الاسفنج والقطن مخدات وفرشات حسب طلب الزبائن الذين باتوا يلحقون بركب السرعة، فانجاز لحاف صوفي يستغرق الكثير من الوقت والجهد والتركيز  الذي قد يمتد لايام عدة".

ويتحدث ابو يزن عن ميزات الاغطية المصنوعة من الصوف:" جودته كبيرة ومدة بقاءه اطول ويلتف على الجسم بشكل افضل من الأغطية القطنية.. ودائما  تعد المواد الطبيعية أفضل لجسد الإنسان".

وسواء أمررت من البلدة القديمة في مدينة نابلس او الخليل فإنك حتما سترى رجالا ونساء ظلوا يمارسون هذه المهنة حتي وقتنا  الحاضر ويخافون عليها من التلاشي.

ارتبطت الاغطية الصوفية قديما باجواء الفرح فكانت تعد جزءاً  من مهر العروس وكانت الامهات تعمد الى اخراجها مع أولادها الى بيت الزوجية مرفقة باهازيج الفرح

يما يا يما شدي لي مخداتي                    طلعت من البيت وما ودعت خياتي


ويزن اللحاف المصنوع من الصوف وقماش الاطلس والقماش الابيض حوالي 4 الى 5 كيلوغرام بطول 180سم وعرض 220 سم بتكلفة 300-400 شيكل.

اما الادوات اللازمة لانجاز لحاف واحد فهي الابر والخيطان الملونة وسيخ الحديد اضافة لماكينة تنفيش الصوف الذي مر عليه وقت طويل.

اما المهارات المطلوبة لتكون منجدا كما يقول ابو  يزن فهي خفة حركة اليد وقوة التركيز في رسم الاشكال الهندسية ودرز الغرز .

صعوبات المهنة كثيرة أولها وأهمها ان العمل بها موسمي و يعتمد على فصل الشتاء اضافة الى عزوف الكثير من المواطنين عن طلبها يقول شقيق ابو يزن وهو يساعده في العمل:"غبرة القطن والصوف كبيرة وتؤثر على النفس اما الدرزات والغروز الصغيرة الناعمة فهي تحتاج الى نظر قوي لم يتبقى منه الكثير لدى أبو اليزن".. كما يقول ساخراً.

و تبقى حرفة تنجيد الصوف من الحرف اليدوية التي تصارع للبقاء في ظل اتجاه مانسبته 90% من الزبائن الى شراء الأغطية الجاهزة لقلة تكلفتها ولكن مهنة التنجيد ستظل مثالا حيا يحفظ أصالة الماضي وجماله ودليلا قويا على امتلاك اجدادنا أيادٍ من ذهب.

Loading...