دبكة المكفوفين.. بصيرة بلا بصر

رام الله- رايـة:

حسين ابو عواد-

فاقد الشيء أحيانا يمنحك أضعافاً لا ضعفاً، ولكأنه يعوضك ونفسه عن كل ما فقد.. كان هذا أول ما رصدته عدسة راية خلال زيارتها لفرقة "القبس للدبكة الشعبية" التي يخلو قاموس أعضائها، رغم فقدانهم لنعمة البصر، من كلمة مستحيل.

يمسكون بايدي بعضهم البعض وكأن أرواحهم متعلقة بأصابعهم.. يستشعرون ملامح الطريق بنبض اجسامهم، وما ان تبدأ نغمات "زريف الطول" حتى تقفز قلوبهم فرحا لتلامس ارجاء المكان وتحط في قلوب كل من تواجدوا فيه، وبحركاتهم الانسيابية يتقنون ما يعجز عنه المبصرون:…وحدة الخطوة والقرار.

فرقة "القبس"  للدبكة الشعبية التابعة لجمعية اصدقاء الكفيف في مدينة البيرة، التي يبلغ عدد أعضائها (10) اكبرهم في عمر 12 عاما،  استطاعت ان تثبت بان المكفوفين لا يتعاملون مع ما فقدوا كإعاقة أو ضعف  تتوقف عندها الحياة..بل يتحدون أنفسهم وذويهم عبر تفجير طاقات كفيلة بإظهار تميزهم وإبداعهم .

ويتعلم اعضاء الفرقة الدبكة من خلال "الوصف" الذي يقدمه لهم المدرب عبر لمس اقدامهم وتحريكها حسب الحركة المطلوبة، ويكررها مرارا حتى يتقنها الطلاب جميعاً.

وحول تنسيق الحركات تقول الطفلة سماح خليل وهي احدى اعضاء الفرقة:" نستخدم طريقة العد في اذهاننا  للانتقال من حركة لحركة  تماشيا مع الموسيقى، كما اننا نستشعر باجسام  بعضنا البعض وننتقل بين الحركات بشكل انسيابي".

فكرة تشكيل فرقة دبكة للمكفوفين جاءت بحسب سها عفونة مديرة المدرسة لملئ أوقات الفراغ بعد انتهاء الدوام الرسمي  للطلاب ولتطوير المواهب والقدرات التي يتمتعون بها. " في البداية لم نتوقع ان يتقن طلابنا  الحركات، وعندما لاحظنا رغبتهم للتعلم احضرنا مدرس خصوصي لذلك واستطاع في فترة وجيزة تشكيل فرقة قادرة على التنافس في المسابقات التي تنظمها الوزارة  والحصول على المراتب الاولى".

جولة بسيطة في مدرسة القبس للإعاقة البصرية، كانت كفيلة لتشل لغتنا أمام إصرارهم هم الأطفال المكفوفون وضعفنا نحن البالغون المبصرون فتركنا لعدسة الكاميرا الفرصة علها تتمكن من البوح بما عجزنا عنه نحن.