الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حكايا: فوزية بائعة الملبن!

 

رام الله-راية:

مجدولين زكارنة-

وحدها خيبات القدر كفيلة بإظهار القوة الكامنة داخلنا ..حقيقة اكتشفتها فوزية مبكراً فسهلت عليها صولاتها وجولاتها مع الحياة في مواجهة قدرها الذي وثق قسوته بتجاعيد وجهها وإن لم ينجح بإخفاء ما وشت به ملامحها: فصاحبة هذا الوجه كانت من جميلات بنات جيلها قبل أعوام خلت.

وبتلك اللهجة التي تميز قرى جنوب شرق بيت لحم كانت فوزية تحاول استقطاب المارة بينما تتربع خلف بسطة صغيرة على مداخل حسبة رام الله، تعرض فيها "الدبس" و "الملبن" و "الزبيب"، وكلها تصنعها بيديها من كرمة العنب التي تملكها.

إقناعها بالحديث إلينا لم يكن عملية سهلة "مش فاضية للأسئلة وطق الحنك"  قالت بينما تشيح بيدها لإبعادنا متعذرة بانشغالها بعملية البيع، ومع إلحاحنا حاولت التخلص منا بسرعة  "إسألي شو بدك تسألي وخلصيني" قالت فوزية .

ولمزاج فوزية الصعب تفسير منطقي ومقنع، فيومها يبدأ مع الفجر وينتهي به في بعض الأحيان كل هذا لتتمكن من بيع منتجاتها اليدوية لرواد الحسبة.

وتتكبد فوزية، مصاريف كبيرة للتنقل والمواصلات مقارنة بدخلها اليومي وتقول "اضطر لدفع اكثر من 40 شيكل يوميا إيجار مواصلات فعندما أنهي عملي ليلا لا أجد سيرفيس يقلني الى منزلي اضطر الى دفع ايجار مضاعف لتكسي طلب، واحيانا لا اكسب مقدار ما ادفع  وبيكون يومي  بخسارة".

ولأن بعض الأوجاع لا تحكى، فقط توجع القلب والروح، اعتادت فوزية فكرة عملها في ظل بطالة زوجها، فهي "عامود البيت" كما تسمي نفسها وبقيت هي معتمدة على جني يديها لاتحب طلب اي شيء من احد وتقول "اللي بتعود عالشغل ما بقدر عقعدة البيت وانا ما بحب اطلب شي من فلان وعلان".

وإلى جانب منتجاتها اليدوية، تبيع فوزية أحياناً الخضار الورقية كالخبيزة والبقدونس لكثرة الطلب عليها، وتقول متفاخرة "الخبيزة مش موسمها بس انا بجيبها من المزارعين الي بيسقوا خضرتهم وهي  بتطلع جنب الخطرة المسقية والناس بتشتهيها بغير موسمها".

وبين المارة إمراة استوقفتها ضمام السبانح الخضراء التي تعرضها فوزية، ولكن سعرها لم يعجبها على ما يبدو." الخمسة بعشرة" لاحقتها فوزية بهذه الكلمات محاولة جذبها للسبانخ.
 
تحتمي فوزية من الشتاء بمظلة حالها حال جميع العاملين في الحسبة اما اذا اشتد المطر فتغادر الى بيتها باكرا ببعض الشواكل ان وجدت.

"هم مامورون"، هكذا علقت فوزية على ازالة بستطها من قبل البلدية أكثر من مرة، لكن جملتها هذه استفزت طفلاً يشاركها الرصيف على بسطة مشابهة لبيع الجبنة والجميد فقال مقاطعاً " مامورين  من ابو مازن" فآسكتته فوزية بلهجة التوجيه "اسكت بدناش  مشاكل مع حد همي بقيموهم عشان الناس تعرف تمشي عالرصيف".

وتتحسر فوزية على حال شباب هذه الايام وتقول "رهنوا انفسهم للبنوك متعجلين في الزواج وشراء السيارات والبيوت ما بيجي اول أسبوع من الشهر الا هو البنك شافط مصاريهم وهادا باثر على حركة البيع عندي الي ما بتنشط الا اول يومين من نزول الرواتب زمان  كان الوضع أحسن بكثير وحركة البيع أقوى".

لا تحب فوزية سماع الاخبار أبدا لأنها تزيد وجع قلبها وتقول:" رغم كل شي بنعيشه بفلسطين الا انو احنا احسن من غيرنا... بسوريا واليمن والعراق مش لاقيين ياكلوا بموتوا من البرد والجوع، الاخبار بتزيد لوعة قلبي عليهم ". 
 
لن تنتهي حرب الحياة لدى فوزية التي تقف الآن لتجيب على أسئلتنا وهي  تلهو بترتيب بضاعتها والتنبه لنظرات الزبائن لجلبهم الى التبضع من منتجاتها وخضارها ولكن شيئا فشيئا يهدأ هدير الحرب فينا وتستنزف كل طاقاتنا فللعمر حق وللصحة حق.

Loading...