الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حمزة..يحرك الجيوش بأنامله ولا يراها

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين_

كان يتلمس أحجار الشطرنج بأنامله وكأن عيناه ملتصقتين برؤوس أصابعه، وبين الفينة والأخرى ينشق فمه عن ابتسامة خجولة يخفي في تفاصيلها انتصاراً جديداً..كانت مراقبة حمزة، ابن السادسة والعشرين، وهو يراوغ خصمه في لعبة الشطرنج بينما تحدق عيناه في المجهول بعدما فقدتا نورهما، محفزة لكل خلايا العقل، فهذ الشاب الكفيف يحاكي بأنامله جيوشاً وملوكاً بكل دهاء ليثبت نفسه نداً صلباً لا يستهان فيه. 

والشطرنج، هي إحدى أهم هوايات حمزة التي تعلمها في المدرسة الخاصة بالمكفوفين. "تعلمتها من خلال تصميم شطرنج مهيئ للمكفوفين، الشطرنج مكون من 32 قطعة، لكل لاعب 16، لونين أبيض وأسود، مصممة بطريقة أميز بين اللونين، فكل قطعة من اللون الابيض عليها نقطة ملموسة، أما الاسود لا شيء عليه".

حمزة يلعب الشطرنج منذ قرابة 10 سنوات، يجد بها متعة كبيرة. "تتمثل بمتعة التفكير، تحريك المخ، تنمي الاحساس الفكري، متعة الاقتراب بالسيطرة على ملك الخصم، شعور الانتصار، فمتعتها مثل كل الألعاب الأخرى وربما أكبر".

هذا الشاب الحلحولي درس الللغة الإنجليزية في الأردن ثم أتبعها بماجستير بالترجمة "عرضت عليّ عدة فرص للتدريس، سواء المدارس أو الجامعات، لكني لا أريد، فأنا درست الترجمة لأني أحبها، فمنذ صغري أعشق هذه المهنة، درست أدب انجليزي بكالوريوس، حتى يفتح لي الطريق لدراسة ماجستير ترجمة، والترجمة بنوعيها (تتابعية، تتحدث بجملة وتترجمها، والترجمة الفورية)، وكلاهما أتقنه، أما التدريس فأنا لا أحبه" قال البو.

لا بدّ من المجازفة والمخاطرة في سبيل تحقيق ما يختلج داخل نفس كلّ انسان، وحمزة منذ صغره انتهج هذا النهج كونه لا يحبّ تهميش رغباته. "أحب تجربة كل شيء، وأنا صغير لم أكن أستوعب أني لا أستطيع عمل شيء، ففي مرحلة الطفولة لم أترك شيئا خطر في بالي، كل شيء كنت أجربه، ألعب على الدراجات الهوائية، أعمل سباقات، بغض النظر عن العواقب التي تحدث بها".

الكفيف يقود دراجة..؟! هذه النقطة لوحدها تضع العقل في الكف كما يقال في الروايات الشعبية، غير أن حمزة يروي تلك التفاصيل بضحكة تسترجع ذكرياته "أجمل نهفات قيادة الدراجة الهوائية، عندما كنت أتسابق وأخي فترة غروب الشمس، فأنا أسرعت أكثر من أخي، فانحرف المسار معي دون أن أشعر، فاصطدمت بالسيارة، ووقعت على زجاجها، وتضررت السيارة، فأنا لم يهمني أني وقعت أو جرحت، كل ما كنت مهتما به، أن أهرب قبل أن يأتي صاحب السيارة حتى لا نتورط".

قد يتجاوز العقل فكرة قيادة الكفيف للدراجة الهوائية إلا انه سيصطدم بفكرة أكثر جنوناً حينما يروي حمزة قصة تجربته وقيادة السيارة "بخصوص قيادة السيارة أكثر من مرة أحاول سرقة سيارة أبي، وكلما أخذت السيارة أجد أبي يباغتني "يكبس علي" ولا أجربها كما يجب، كنت لحظتها أشعر أن أبي يكبتني ويقيدني، وأتساءل .. ما الذي أتى بك، وما الذي أيقظك ههه".

محاولات والد حمزة لم تمنع نجله من التجربة التي وضعها في رأسه، ولا يمكن أن يستغني عنها كونه عرف بعناده واصراره الكبيرين "لكن كسياقة أخذت راحتي بها، جربتها مرتين مع أصدقائي، كانت في خط مستقيم، وكانت تجربة جميلة، فكان أصدقائي يوجهوني كيف أسير، والهدف لم يكن السياقة، بقدر ما هي التجربة، وشعور التجربة، حتى لا أشعر أني أقل من أي أحد".

تجارب حمزة المتعددة والتي تحتوي كثير الخطورة كونه كفيفا، لم تكن لمجرد التجربة "هدفي كسر الحاجز فقط، لكن لا أفكر بموضوع السياقة، فأنا أدرك امكانياتي جيدا".

"أرى نفسي بما أريد وصوله، كمترجم فوري، وأثبت للناس ولنفسي أنني أقوى على كل شيء، فلا أحد أحسن مني، فكل انسان عنده ما يميزه عن غيره، ولكلٍ منا أسلحته، فما عندي قد لا يكون عند غيري" ختم حمزة.

Loading...