حكايا: محمود طفل كبر على بسطة!

 

رام الله - رايـة:

مجدولين زكارنة -

ست مرات هوى منزل محمود ودكت جدرانه أرضا بجرافات الاحتلال، المنزل الذي أعادت العائلة بناءه بعد المرة السادسة على ذات الارض التي يمنع الاحتلال البناء فيها في بلدة عناتا شمال شرق القدس المحتلة.

الفتى محمود 14عاما ابن لعائلة مكونة من اثني عشر فردا يعمل جميع رجالها في بيع الخضار والاعمال المجهدة.

كان من المفروض ان يكون الفتى جالسا على مقعده في صف مدرسي ولكنه ليس كذلك..وتبدل المقعد بدلو بلاستيكي يستخدمه الصبي ككرسي وكتبه المدرسية تحولت اوراقها على سطح بسطة صغيرة يعرض عليها محمود المفتول الذي تعده والدته والجميد الذي يأتي به من الخليل على زبائن حسبة رام الله للبيع.

ترك محمود المدرسة قبل اتمام المرحلة الثانوية بسبب تعنيف بعض المعلمين له كما يقول:"بالمدرسة كانوا الاساتذه يضربوني كتير بـ"البربيج" اخترت اني اترك  المدرسة هالايام مافي تعليم صح".

ولم يستغرب الوالدان حينها هذا القرار، فمحمود باختصار سار على نهج اخوته الاكبر سنا .."اهلي قبلوا اني اترك المدرسة زي اخوتي الاكبر مني... احنا 5 اخوة و5 خوات .. البنات متعلمات اما الشباب كلهم تركوا المدرسة ".

علت رنة هاتف الفتى.. والده كان على الخط المقابل يشكو له مصادرة الاحتلال خضاره التي يترزق من وراءها، رد محمود:" بيعين الله يابا... وعندي الوضع رايق فش بيع".

يعود محمود أدراجه الى منزله بعد قرابة عشر ساعات من العمل، يستقل احدى المركبات العمومية الى بلدته عناتا بعد الرابعة مساء.. والغريب ان هذا الطفل ما يلبث ان يصل بيته حتى يغرق في نوم عميق عل أحلامه تنصفه أكثر من واقعه.

عندما سألناه اذا ماكان يلهو مع اقرانه بعد العمل ضحك بطريقة ساخرة جدا وقال:" أي لعب بوصل البيت بعد المغرب بكون تعبان بحط راسي وبنام.. انا من الشغل للبيت ومن البيت للشغل".

تمتص قامة محمود النحيلة البرد ويتلقى جسده المغطى بكنزة صوفية واحدة بلل المطر، ولكن يبدو ان الصبي تعود على ذلك هذا ما بدى لنا من رده على سؤالنا اذا كان المطر والبرد يمنعه من العمل قائلا:" اذا بدي اقعد بالبيت كل ما تشتي بتوفيش معي وبخسر لأنو الشغل اصلا مش ماشي منيح".

رفض محمود إكمال الحديث معنا قائلا:"هس بتروح علي صلاة الجماعة".

هرول محمود بعيدا الى نداء الإله وترك بسطته بلا مناد.