"أسعار سياحية" تغيب الدجاج عن مائدة الفلسطينيين

رام الله –رايه:

أنس إسماعيل-

لعلها واحدة من مفارقات الحالة الفلسطينية تلك التي تمنح الدجاج "الرتبة السياحية" من حيث الأسعار، ليغيب عن معظم الموائد، تماماً كما غابت اللحوم الحمراء من قبل، قسراً؛ لضيق ذات اليد حيناً واحتجاجاً على غياب القوانين المنظمة أحياناً أخرى..

"17 شيكل لكيلو الدجاج" خبر وقع كالصاعقة على غدير، المعلمة والأم لطفلين مازالا في مرحلة النمو، كما تقول غدير التي كانت قد قننت من قبل شراءها للحوم الحمراء بشكل يمكن وصفه بالعنيف "بجيب اللحمة كل 5 شهور بسبب قلة الرواتب وكثرة المصاريف، وكان اعتمادي على الدجاج لتوفير حاجة أطفالي من البروتينات..والآن والله ما أنا عارفة شو بدي أطعم أولادي" قالت غدير والغضب الذي حاولت إخفاءه باد على وجهها وكلماتها.

هذا الغضب وإن تمايزت طرق التعبير عنه، إلا أنه كان لسان حال الشارع الفلسطيني الذي استطلعت "راية" آراءه.

أزمة "الدجاج السياحي" كما بات يطلق عليها في وسائل التواصل الاجتماعي، معادلة معقدة ومتشعبة بعدة أطراف كما يراها المختصون، وغضب السيدة غدير ترافق مع استياء لم يخفه التجار وأصحاب محال بيع الدواجن الذي تضرروا هم الآخرين من انخفاض نسبة الطلب على الدجاج "لما يكون راتب الموظف 1500 شيقل شو بدو يعمل بهذا الغلاء؟" قال أبو عرب صاحب محل لبيع الدواجن في مدينة رام الله وأضاف " كنت بشتري للمحل 900 دجاجة في اليوم كلها تروح واليوم يا دوب 300 دجاجة بيضل أقل من نصها تقريباً لليوم اللي بعده".

أما محمد، تاجر آخر، فلم ينتظر طويلاً قبل أن يغمز لنا "التجار الكبار يتلاعبون بالأسعار وما من رقيب". قالها وكأنه يسر لنا بسر كبير قبل أن ينسحب من المقابلة.

كلمات التاجر محمد بقيت رنانة ونحن نلتقي مؤيد الفقيه، مدير التسويق في أحد مسالخ الدواجن في رام الله والذي عزا الارتفاع "لغلاء أسعار العلف بالأضافة الى موجة الصقيع التي ضربت قطاع الدواجن في نهاية سنة 2016 حيث أصبح المزارع يقوم بتربية 4 الأف دجاجة بعد أن كان يرُبي 10 الأف دجاجة".

ومن وجهة نظر الفقيه، تظل الدواجن سلعة رئيسية لا يمكن مقاطعتها أو العزوف عنها وان كثرت الحملات الداعية للمقاطعة، مشيراً إلى إن "أسعار الدواجن ثابتة في كل محافظات الضفة و لكن يوجد تلاعب من قبل بعض التجار الذين يقومون بزيادة أسعاره على المواطنين" .

وعلى طرف آخر من أطراف المعادلة، حمل المنسق العام لأتلاف جمعيات حماية المستهلك صلاح هنية وزيرا الزراعة والاقتصاد الوطني المسؤولية الكاملة عن انفلات اسعار الدواجن في السوق الفلسطيني متهماً إياهما بعدم بذل أي مجهود يذكر.

واضاف أن "توازنا يجب ان يتحقق في قطاع الدواجن من قبل الحكومة الفلسطينية وتثبيت سعر الدجاج للمستهلك طوال ايام العام دون تغيرات تضر بالمستهلك توازن السوق والاضرار بمربي الثروة الحيوانية" .

وفي المقابل، اكتفت وزارة الاقتصاد الوطني بتحديد السقف السعري الأعلى لأسعار الدواجن في السوق الفلسطينية للأسبوع الحالي , ب17 شيكل للكيلو ، بينما سعر كيلو الدجاج الريش 13 شيكلاً، مشيرة الى انه سيتم وضع وتحديد الأسعار بشكل اسبوعي وفق معطيات السوق.

قالوا أن الخذلان يفقد الشهية على الحياة، ويبدو أن صناع القرار في فلسطين-سياسيين واقتصاديين- يراهنون على فقدان المواطن لشهيته على الدجاج بدل البحث عن حلول لأزمة انفلات أسعار الدواجن وحرمانهم من سلعة كانت تعوض غياب اللحوم الحمراء الأغلى سعراً.