الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حكاية الفصائل

الكاتب: نبيل عمرو

تربطني بفصائل منظمة التحرير على مختلف اجتهاداتها، علاقة يمكن وصفها " بعشرة العمر"، وما زلت أقوّم بموضوعية شديدة، دورها الفعّال في مسيرة الكفاح الوطني الصعبة والمعقدة والمخضبة بالدم.

كانت الفصائل والمنظمات الشعبية ومن نسميهم تجاوزاً بالمستقلين هم المنظمة، وبفعل ذلك صارت وتكرست كإطار تمثيلي ومرجعي ومانح معتبر للشرعية.

ومهما اختلف القوم فيما بينهم، -وما أكثر الاختلافات في الساحة الفلسطينية- كانوا جميعا يتحدون على اعتناق المنظمة والقتال حتى الموت كي لا تصادر او تفقد وضعها، ليس كخيمة يستظل بها الجميع، وانما كوطن معنوي وسياسي للأحلام والأماني والطموحات والاهداف الوطنية.

لم تكن الفصائل في حقبة الثورة المسلحة مجرد حملة بنادق، بل كان لها اجتهادات سياسية وفكرية أغنت الحالة الفلسطينية، ورفعت من شأن منظمة التحرير الى الحد الذي كان مجلسنا الوطني هو البرلمان الأشهر من بين البرلمانات العربية وغير العربية.

اذا لا جدال على الأهمية والدور، لأن الجدال يجب ان ينصرف وبقوة وصراحة عن البنى الذاتية للفصائل في مرحلة العودة الى الوطن، وتأسيس السلطة الوطنية، والدخول الى صناديق الاقتراع كخيار حضاري نستولد من خلاله نظاما سياسيا جديدا يكون مقدمة للدولة المنشودة، وقادرا على الوفاء بالمهمات الجديدة التي تبلورت في وضع جديد يختلف كثيرا عن الوضع الذي عشناه زمن الثورة المسلحة ذات القيادة المهاجرة.

استذكار التاريخ والمزايا التي ارتبطت بمرحلة تغيرت، لا يمكن ان يكون بديلا عن التجدد والتكيف مع الأوضاع المستجدة ومتطلباتها.

الذي حدث منذ العودة الجزئية الى الوطن، اننا دخلنا في علاقة مختلفة كليا مع إسرائيل وامريكا ودخلنا كذلك في مفاوضات ماراثونية ودائرية، أي تنتهي غالبا من حيث بدأت.

لم تتعب الفصائل نفسها في تطوير ذاتها وتوسيع علاقتها بالجمهور الذي صار في زمن الاقتراع هو الحكم والفيصل في أمر الشرعية والنفوذ، ولعل السبب في عدم انتباه الفصائل لنفسها هو ضمان حصتها في التركيبة القيادية دون جهد يذكر لحماية هذه الحصة بعمق جماهيري ذي مصداقية، فكان ان تآكلت الفصائل من داخلها ولم يعد لها من الحاضر غير ذكريات الماضي، وحين تضعف الفصائل التي بنيت منظمة التحرير على تحالفها التاريخي مع من نسميهم بالمستقلين، فلابد وان ينسحب الضعف على الإطار الأعلى، خصوصا بعد ان لم نحسن جميعا ترتيب العلاقة بين السلطة والمنظمة، مرجحين كفة السلطة المكبلة بالقيود، على كفة المنظمة التي تأمنت لها امكانيات أن تظل حرة طليقة لا تتنافس مع السلطة ولا تقتتل على مغانمها بل تشكل من نفسها جدارا واقيا وعمقا يؤمن صلة صحية بين فلسطينيي الداخل والخارج، أي بين من يحب البعض وصفه بالكل الفلسطيني عابر الأماكن.

الضعف الذاتي للفصائل وضع البلاد والعباد تحت رحمة استقطاب ثنائي لا يشكله فصيلان هما فتح وحماس، بل يشكله تيار وطني ينتسب الى فتح وحلفائها من فعاليات المجتمع المدني، مقابل تيار إسلامي تنسبه حركة حماس اليها، ما أوقع الحالة الفلسطينية في مأزق غريب وربما لا مثيل له في أي تجرية من تجارب حركات التحرر الوطني في العالم.

انقسم التياران وتبادلا الأدوار، فتح سلطة في الضفة ومعارضة في غزة، وحماس سلطة في غزة، ومعارضة في الضفة، وفي حالة كهذه لا نرى غير الجمود والدوران في الحلقات المفرغة.

كلمتي الى الفصائل وانا من صلبها وخصوصا في الماضي، ان تسارع الى اصلاح حالها وتطوير علاقتها بالجماهير الفلسطينية، وان تطرح برامج واضحة ليس تحت افق مع من أوسلو ومن ضدها، فهذه اسهل البرامج واشدها كسلا، بل ان تقدم رؤية للمجتمع والاقتصاد والثقافة، فالرؤى السياسية اتحدت في برامج الاجماع الوطني، والبلاد ليست بحاجة الى استنساخات لا تتغير فيها حتى اللغة، بهذا لا ننقذ الفصائل من آفة اهمالها لنفسها ولا ننقذ منظمة التحرير من مثلبة ضعف اعمدتها وانما ننقذ الحالة الوطنية العامة التي هي أساس قوتنا، سواء ذهبنا الى مفاوضات او تسويات او اضطررنا الى الذهاب في اتجاه اخر.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...