الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ترامب والقدس والعالم

الكاتب: مصطفى زين

وضع دونالد ترامب العالم والعرب أمام مرآة كي ينظروا إلى صورتهم الحقيقية. هذه هي المفاجأة الوحيدة في اعترافه بالقدس «عاصمة أبدية» لإسرائيل. فالجميع كان يعرف ما سيقدم عليه الرجل القادم من عالم المال والصفقات ويتفوق بأميته السياسية على ريغان وجورج بوش. لم يكذب ترامب تعهد تقديم القدس هدية إلى نتانياهو خلال حملته الانتخابية. مهد لذلك بتكليف صهره جاريد كوشنر إنجاز «صفقة القرن». اعتمد قراراً للكونغرس جمّده الرؤساء السابقون كي لا يحرجوا الأصدقاء والحلفاء، طالما أن إسرائيل تنفذ تهويد المدينة وتبتلعها مع الضفة بيتاً بيتاً وحجراً حجراً، من دون أي اعتراض.

مستشارو ترامب نصحوه بالإقدام على خطوته المتهورة، أقنعوه أن أحداً لن يستطيع الاعتراض فالكونغرس قرر ذلك منذ سنوات، والظروف الموضوعية في الشرق الأوسط مناسبة: الحروب دمرت سورية والعراق وليبيا، والخلافات العربية- العربية تزداد حدة، ومصر مكبلة باتفاقات كامب ديفيد وبمشاكلها الداخلية، واتفاقات وادي عربة تحيّد الأردن الذي يبحث عن دور وسط يغيّر الموازين والتحالفات الإقليمية والدولية، والسلطة تفرّق الفلسطينيين، بعضهم مع المقاومة وبعضهم ينسق أمنياً مع إسرائيل ويستنكر أي عملية «إرهابية» ضد جنودها. قرأ ترامب أو قرئ له هذا الواقع فاتخذ قراره غير عابئ بما يلحقه بالآخرين من أذى طالما أن الصفقة مضمونة، والشركاء راضون مقتنعون أو راضخون للأمر، وقد ساهموا في ترسيخه عبر سنوات طويلة من التراجع والإهمال والتقاتل في ما بينهم وتدمير أنفسهم بدعم وتحريض من واشنطن وتل أبيب. وعاد الرجل إلى التاريخ لإثبات جهله التام. استند إلى هذا الجهل لإثبات حق اليهود بالمدينة المقدسة فهي، على ما قال، عاصمتهم منذ آلاف السنين، بها وعدهم الله. وفيها الكنيست ومؤسسات الدولة الأخرى، ولم ينسَ حائط المبكى الذي صلى قربه معتمراً القلنسوة.

خرق ترامب كل القرارات الدولية، لم يبال باعتبار الأمم المتحدة القدس مدينة محتلة. قضى على «مبادرة السلام العربية» التي تعتبر شرق المدينة عاصمة لفلسطين. وضع أربعمئة ألف فلسطيني تحت رحمة جلادهم، لا هم مواطنون ولا ينتمون إلى الأرض التي توارثوها خلال مئات السنين، ولا شيء يمنع هذا الجلاد من طردهم وتشريدهم. أتاح لنتانياهو، ولمن يأتي بعده، حرية إنشاء المستوطنات وتوسيع حدود القدس في كل الإتجاهات واعتبارها جزءاً من «العاصمة الأبدية». أما حق العودة الذي تنص عليه المبادرة فأصبح في علم الغيب. وقد تسمح إسرائيل للمؤمنين بالصلاة في المسجد الأقصى، إذا بقي قائماً ولم يتهاوَ بفعل الحفريات تحته، بحثاً عن الهيكل المزعوم.

أقنع كوشنير والمستشارون الرئيس بأن ردود الفعل «فارغة»، وإذا تطوّرت ستكون إشعال بعض الإطارات هنا وهناك، وإذا تصاعدت فـ «جيش الدفاع» جاهز لقمعها خلال ساعات قليلة. وإذا تفاعلت أكثر فواشنطن جاهزة للتدخل، والثمن الذي قد تدفعه إسرائيل سيكون بسيطاً مقابل ما كسبته من القرار الذي توّجها قوة لا تقهر في الشرق الأوسط.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...