"البعارة".. موسم زيتون الأطفال

2017-10-09 09:44:33

راية - مجدولين زكارنة

في بدايات أكتوبر من كل عام ينطلق موسم قطف الزيتون في فلسطين، وعدا عن مشهد توجه المزارعين والعائلات بأكملها لقطف زيتونها، هنالك مشهد آخر لمن هم الأكثر حظاً.

تتنقل العائلات في كل ما اتيح لها من وسائل نقل تراكتورات ودواب وعربات وسيارات لتصل الى ارض الزيتون الخاصة بها. ولموسم الزيتون توأم يسميه الفلسطينييون "البعارة"، يعرفه الكبار ولكن الأطفال أبطاله هذه المرة.

ويقصد بالبعارة جمع ثمار الزيتون التي تركها الفلاح على الشجر أو تحته، لأنه لم يراها او لأنها اقل جودة من الحبات الاخرى.. هنا تبدأ مهمة الأطفال في جمع هذه الحبات عن الاشجار طيلة اليوم للحصول على كمية جيدة آخر النهار. 

ينطلق هؤلاء الاطفال عند ساعات الصباح الباكر او عند غروب الشمس يتفقدون أراضي الزيتون دون ان تهمهم ملكيتها، يبحثون عن حبات الزيتون الساقطة تحت الشجر او المنسية ليجمعوها في أكياس الخيش المخصصة لذلك.

ليست بالمهمة السهلة، إذ تحتاج لعين قوية قادرة على التقاط حبة زيتون ضل عنها صاحبها او سقطت من خرم "شوالات الزيتون" التي جنتها عائلة طيلة نهار كامل من العمل والتعب.

ولهؤلاء الاطفال سوقهم الخاص، فهناك تجار متخصصون بذلك وينتشرون فور بدء الموسم، ليبيعهم الاطفال الزيتون الذي جنوه بطريقة غير قانونية مقابل 5 شواكل لكل كيلو.

"نجني الكثير من المال اذا عملنا جيدا ونشتري كل ما يحلو لنا"، قال الأطفال لمراسلة رايــة.

بالنسبة للعائلات فإن تبعر الأطفال من اراضيهم وان يسميه البعض سرقة فإنها  أفضل من يد مستوطن تقتلع كامل الشجر او انياب جرافة اسرائيلية تجرف زيتونهم قبل موسم الحصاد بأيام.

ومن المستحيل ان يعود الاطفال بيوتهم بسلال فارغة فتراهم يجولون على ارجلهم الفتية اراضي شاسعة لتحقيق مرادهم.

ويستغل الأطفال النقود التي جمعوها في شراء المسليات حيث لا سلطة للام على نقودهم وهنا تكمن فرحتهم في جني المال بعرق جبينهم.

وفي حالات اخرى يقوم الاطفال بهذه المهمة لضيق الحال فلا يستطيع ذويهم توفير الزيت او الزيتون فتصبح هنا مهمتهم تزويد العائلة بالزيت.

ويطلق الفلاحون اسم "بعارة" على موسم الزيتون الرديء او الشحيح الذي لا يتناسب فيه مقدار تعب العائلة مع كمية الزيتون المقطوفة.

وفي الامثال الشعبية الفلسطينية قالوا عن هؤلاء الاطفال (إذا أفلسوا البُعّار، قعدوا يتكايلوا) ويقصد بذلك ان الأطفال المتبعرين لم يجنوا ما يرضيهم من ثمار فجلسوا لتقاسم كامل الكمية المجموعة لتوزيع اموالها لاحقا بالتساوي.

أكثر من 100 ألف عائلة فلسطينية تعمل في قطاع الزيتون الذي يساهم بـ120- 150 مليون دولار من الدخل القومي الفلسطيني.

وتحتل اشجار الزيتون مساحة تقدر بـ 800 الف دونم  فلسطين مزروعة بالشجر المثمر. ويبلغ عدد اشجار الزيتون نحو 11 مليون شجرة في فلسطين. بحسب الاحصائيات العائدة الى عام 2016.

ويقول فياض فياض رئيس مجلس الزيت والزيتون، ان انتاج الزيت هذا العام اقل من العام الماضي بسبب درجات الحرارة المرتفعة التي مرت بها البلاد خلال فصل الصيف، ويضيف : على الرغم من الانتاج  القليل الا ان درجات الحرارة المرتفعة ساعدت في محاربة افة ثمار الزيتون فشهد المزارعون ثمار بلا افات هذا الموسم".

وتتوقع وزارة الزراعة ان تنتج فلسطيني هذا الموسم 19 الف طن من زيت الزيتون.

ويرى مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة المهندس رامز عبيد في حديث لـ"رايــة"، ان الكمية كافية للحاجتين الاستهلاكية و التصديرية.

وقال انه من المتوقع ان يباع كيلو الزيت الواحد مقابل 23 الى 25 شيكل، اما الزيت العضوي فيباع ب 27 شيكل للكيلو الواحد كون عملية انتاجه مكلفة اكثر.