الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

خاص

صانع التوابيت

صانع التوابيت

راية - مجدولين زكارنة

يعمل جورج الناطور في صنع توابيت الموتى منذ كان شاباً في العشرينيات من عمره، واليوم يخشى أن تصل مهنته إلى خط النهاية ليس بسبب قلة المتوفين إنما لهجرة أبناء ديانته إلى الخارج، بعدما كانوا يشكلون غالبية عظمى في الحي الذي يقطنه.

ورث الناطور،77 عاماً من العمر، صنع "التوابيت" عن والده بولص الناطور وبقي محافظاً عليها منذ أن اقيم محل العائلة الأول في حارة النصارى بالقدس المحتلة.

حوش ضيق في شارع الروم في رام الله التحتا هو الطريق الى ورشة "التوابيت" التي انتقلت من القدس الى رام الله بعد نكسة عام 1967، وفيها تغيرت الأماكن والأيادي من القدس الى رام الله ومن يد الأب الى يد الإبن الذي لازال رغم كبر سنه متشبثاً بالمهنة.

تعلم العجوز الصنعة في عمر 27 عاماً بطلب من والده الذي كان من القلة الذين يتقنون صناعة يحتاجها الإنسان بعد موته.

يقول جورج الناطور جالسا امام دكانه وصوت العصافير يطغى على المكان: "تعلمت الصنعة قبل 50 عاما عن أبي، بعدها انتقلت دكان والدي الى رام الله بعد ان كان ياتي الينا مرة كل اسبوع لانشغاله بالعمل في دكانه بالقدس الاحتلال كان سبب اغلاق دكان القدس".

تعلم العجوز السبعيني مقاسات الخشب وكيفية التصميم من والده واتقنها. وتكاد رام الله تخلو من صانعي التوابيت بعد ان توفي اثنين من صانعيها المعروفين ليبقى جورج الناطور وحيداً في المدينة. لكن تقلبات الزمن سارت بعكس ما يرغب.

تاريخياً كان سكان رام الله الأصليين مسيحيين وفي الديانة المسيحية يوضع الميت داخل قبره بالتابوت، في حين يدفن الميت في ديانة الإسلام بالكفن فقط.

ومن هنا جاءت شكوى الناطور لقلة العمل بعد هجرة ابناء ديانته الى الخارج تاركين بيوتهم واملاكهم في البلدة القديمة من رام الله. يقول: "40 ألف مسيحي يقطنون خارج فلسطين بعيدا عن موطنهم الاصلي، عمومتي ايضا هاجروا عدا الوالد الذي أصر على بقاءنا هنا".

خشب وغراء ومسامير اضافة الى المفك والشاكوش والمنشار الكهربائي وطاولة قديمة من عمر العجور كل ما يوجد في الدكان لصنع التابوت. 

يقول العجوز: "علمني والدي المقاسات لصناعة التابوت نشتري الخشب ونمسحه ليوم كامل من العمل ثم ندهنه ونستخدم الماء الساخن لتليين بعضه ليسهل ثنيه عند بعض الزوايا ونصممه أخيرا".

صناعة تابوت واحد تستغرق أسبوع ولكن المحل مليئ بالتوابيت الاحتياطية. ويحفر الناطور الصليب أو الهلال على التابوت من الخارج حسب ديانة المتوفي.

ويحتفظ الناطور الذي يشارف على الثمانين، بصحة جيدة رغم غرقه بعالم الموت هذا، ولديه بنت وثلاثة أولاد لا يعرفوا عن صنعته كثيراً. "صحتي جيدة وقادر على العمل ربما اعلمهم اياها اذا ارادوا ذلك"، يقول. 

إلا أن ثلاثة اجيال تعاقبت على الصنعة فالأخ الأصغر 45 عاما أدرك الصنعة ويحاول مساعدة اخيه. لكن لا يعرف ما إذا كانت ستستمر لجيل رابع أم لا. 

"نبيع التابوت بمبالغ  متفاوتة من 500 الى 900 شيكل، هناك من يطلب ارخص نوع واخرين يطلبوا ذو الجودة العالية واحيانا اذا عرفنا عن وضع المتوفى المادي السيء نعفي ذويه من دفع الثمن"، يقول الأخ الأصغر. فيما يبدو أن التفاوت بين الناس يرافقهم حتى بعد الموت. 

Loading...