كعك القدس.. مشهد الصباح المكتمل لـرام الله

رام الله – رايـة:

مجدولين زكارنة -

هي جزء من المشهد المكتمل لوسط مدينة رام الله و أحد أركان صباحها الذي يرتوي بصوته الرنان ورائحة الكعك المقدسي الذي يبيعه.

وسط مدينة رام الله وتحديدا مقابل دوار المنارة المعروف توجد أشهر بسطة كعك في المدينة يقف مناديا بجانبها العم أبو أحمد الذي يحفظ الجميع صوته ويعرف المعظم طعم كعكاته التي يبيعها بصحبة "الفلافل" و "الزعتر الأخضر" المملح .

تتعدد أشكال كعكاته ما بين دائرية ، بيضاوية ومزخرفة وتختلف أسماءها كالنواعم و كعك بسكر ولكن "كعك القدس" يتربع على عرش النكهة والرائحة والشكل الذي يجذب المارة ورواد الصباح .

50 عاما مرت على عمل العجوز ابو أحمد في بيع الكعك الذي يتسابق الجميع الى شراءه صباحا كوجبة فطور مشبعة ورخيصة الثمن ولذيذة المذاق في آن.

يتميز كعك أبو أحمد عن غيرة بأنه كعك "طازج" يباع من الفرن الى المستهلك يقول الرجل الستيني :"كعكي طازة مش بايت هادا الي بيخلي الزبون يجيلي مخصوص دوناً عن البسطات المنتشرة".

20 عاما كان عُمر أبو أحمد عندما بدأ في بيع "كعك القدس"  لأول مرة، حينها كان باعة الكعك معدودين على أصابع اليد الواحدة .. ولكن العجينة المزينة بالسمسم أصبحت رائجة ومطلوبة ما ادى الى انتشار العديد من باعتها على مدى سنين.

لايفوت أهل القرى المحيطة برام الله و المدن الاخرى من رواد رام الله فرصة شراء الكعك وتراهم مستعدون لنقله مسافات مقابل ان تحظى عائلاتهم بقطع منه.

الماء، والطحين، والسكر، والسمسم، اضافة لمادة تعرف باسم "الشيفارو"  وهي مادة كيماوية تستخدم كمحسن لعجين الكعك- هي مكونات كعك القدس.

أما عن سبب التسمية فيعود الى مئات السنين حيث بدأ الخبازون المقدسيون صنعه لاول مرة  في افرانهم العربية مستخدمين  حطب شجرة الزيتون الذي يرى الكثير  منهم أنه سبب في نكهة الكعك المقدسي المميز عن غيره من الكعك المخبوز بأنواع أخرى من الحطب.

تباع الكعكة الواحدة بسعر "2-3 شواقل" وهي وجبة مشبعة صباحا، يقول العم أبو أحمد الذي توقف قليلا عن النداء ليتحدث الينا :"ان رواد مدينة رام الله من القرويين هم زبائنه الدائمين وتابع:" سكان المدينة عادة بيطلعوا على شغلهم مفطرين انا زبايني من أهل القرى المجاورة والعمال الذين لا يملكون وقتا لتناول الفطور في بيوتهم صباحا".

ولعل الاقبال الكبير على كعك القدس دون غيرة من انواع الكعك المتعددة يعود لإمكانية تناوله حاف أو محشوا بالزعتر أو الجبنة أو الفلافل او البيض المسلوق أو بديلا عن رغيف الخبز العادي على وجبة الفطور أو السحور في رمضان وفي الرحلات العائلية والمدرسية.

100 كعكة تتنوع ما بين كعك القدس والنواعم وكعك بعجوة تتسع عربة العم أبو احمد احيانا يبيعها كلها أما فترة دوامه فتمتد من السابعة صباحا الى فترة انتهاء دوام الموظفين الذين يحرصون على شراء الكعك عصرا لعائلاتهم في طريق عودتهم الى بيوتهم.

لم تعد صحتي كما السابق، كنت أجول مدينة رام الله بأكملها لبيع كعكي الآن الزم مكاني ولا داعي للتجوال الكل يعرفني ويقصدني من بين كل العربات التي تبيع كعك القدس. يقول البائع الشهير

البائع العجوز عبر لنا عن حزنه فهو لن يترك خلفا له في المهنة: "أبنائي لن يحلوا مكاني رفضوا ذلك وقالوا ان المهنة ما بتجيب همها".

بعد عمر لا نعرف موعد أجله سيفتقد الزبائن صوت أبو أحمد المميز الذي يعلو جاذبا محبي الكعك وسيبقى مكانه خاليا وعربته وحيدة ولكن طعم كعكاته لن يغيب عنا سيبقى عالقات في كل صباح نديّ.