يحدث في غزة:عائلة تفترش الأرض وتلتحف السماء..

2017-08-06 08:46:22

غزة – راية:

سامح أبو دية 

باستخدام بعض الاغطية والحجارة وبعض الادوات البسيطة، شيّد منير، 41 عاماً، في أحد شوارع مدينة غزة؛ ليأوي داخلها عائلته التي تقطعت بهم السبل وأُجبرت على ترك آخر بيت استأجرته لعدم قدرة رب الأسرة على دفع الأجرة.

منير محمد فوزي غنام، مواطن مصري عمل رساماً هندسياً ميكانيكياً لمدة 15 عاماً، تزوج من فتاة فلسطينية عام 2007، وبعد 4 سنوات، لجأ وأسرته الى قطاع غزة طمعا في مصير أفضل، وقد تحقق ذلك لفترة محدودة، الا أنه لم يكن يتوقع أن يتغير الحال ويصل به الى المبيت في الشارع في ظروف مأساوية قاسية.

تحت ظل شجرة اختارها لتتكرم على صغاره بظلها، وبلهجة مصرية بحتة؛ يشرح غنام  الظروف التي دفعته الى اللجوء للشارع والمبيت على أرضيته لليوم الخامس على التوالي؛ تحت اشعة الشمس الحارقة نهاراً، واستلذاذ الحشرات على أولاده ليلاً.

يقول: "منذ عامين ونحن نطرق أبواب المسؤولين بغزة ليجدوا لنا حل بعد أن قضيت تلك المدة في التنقل من منزل لآخر بسبب عدم القدرة على دفع الايجار، ثم خرجوا علينا بحل (سنجد لك عقد بطالة لمدة شهرين)، هذا العرض لعائلة كاملة تتكون من 7 أفراد، فيها الأطفال والمرضى"، متسائلا: أهذا هو الحل؟!.

ربة الأسرة، تحمل في بطنها جنين عمره 8 أشهر، ولم يتبقى الا أيام قليلة للولادة، ما يعني أن الطفل ستبدأ حياته في الشارع، ويضيف غنام مازحاً: "كما حدث في الفيلم المصري (كركون في الشارع)، ها هو يحدث معي، سأطلق على المولود الجديد (كركون)، الا انني لم أصنع الكرفان، فاستبدلته بخيمة تحت ظل شجرة"، محذرا من ولادة زوجته في الشارع خلال ايام قادمة.

تعرضت عائلة غنام للطرد عدة مرات خلال العامين الماضيين، وأصيبت الطفلة أمينة بحادث سير وما زالت تتلقى العلاج، اضافة لإصابة الطفل حمزة بشلل اثر جلطة دماغية تعرض لها، ومعاناته من نقص المناعة وثقب في القلب، ويتلقى العلاج في القدس وخلال أيام يجب أن ينتقل للعلاج مجددا ولا تمتلك العائلة أي شيء لتقدمه.

اما باقي أطفال أسرة غنام، فقد أصيبوا بلدغات حشرات تسببت بطفح جلدي على بعضهم، اضافة الى الخوف الشديد الذي يسيطر على الباقين طيلة ساعات الليل بسبب ظهور الحيوانات الليلة والضالة من الكلاب والقطط، والحشرات والجرذان.

وعن المعيشة والطعام وقضاء الحاجة يوضح: "أهل الخير والمارة يشاهدوننا فمنهم من يشفق علينا من أهل الخير والكرم ويحضر لنا بعض الطعام والشراب، أما قضاء الحاجة فنقضيها في مسجد مجاور، اما النوم فهو غائب عن ذهني منذ أيام".

ربة الأسرة السيدة أم أحمد (32 عاما)، ونتيجة الضغط المتواصل الذي تعرضت له، أصيبت بأمراض الضغط والسكر.

وتخشى الأم، تدني مستوى ابنها البكر أحمد ( 8 سنوات) الذي يتفوق في دراسته، حيث حصل على معدل 99.7% العام الماضي، تقول الأم والخجل يسيطر على ملامحها وصوتها: "ان بقي الحال كما هو لن يتمكن من الالتحاق في العام الدراسي المقبل، كما سينطبق الحال على باقي أبنائي".

لا تطمع الأسرة المشردة؛ سوى في مأوى بسيط يحمي أطفالها ويقيهم حرارة الشمس وأمراض الشارع، اضافة الى توفير عمل لرب تلك الأسرة يستطيع من خلاله حماية أبنائه، وتوفير لقمة عيش بسيطة.

رب الأسرة منير غنام، وجه مناشدة الى الرئيس محمود عباس، قال فيها: "سأناشد الرئيس بما أطمح اليه، منزل متواضع ودخل بسيط مهما كان، أنا أطلب من رئيس أسرتي وليس من جمعية خيرية، وأنا أطلب منه سترة زوجتي وأبنائي"، متمنيا على الرئيس عباس الاستجابة العاجلة وانقاذ عائلته من التشرد.

أكبر أطفال أسرة غنام "أحمد"، تكفل بالحديث عن أشقائه قائلا بلهجة عامية طفولية: "يا رب نلاقي بيت انام فيه بهدوء ونبعد عن الحشرات والحيوانات، ونلعب فيه مع بعض وندرس حتى نكبر"، ثم يرفع يده للسماء داعيا: "يا رب تتحقق امانينا ونرتاح من العيشة بالشارع والبهدلة وقرص النمل والحشرات، ونسكن بيت يحمينا وناكل ونلعب فيه ونكبر فيه متل باقي الناس".

شاهد أيضاً بالفيديو: