صور فريدة من ساحة المواجهة

2017-12-31 07:29:19

رايــة: شادي جرارعة-

انتقلت صور التقطتها عدسات الصحافيين خلال هبة الغضب الشعبي الفلسطيني احتجاجا على إعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب بشأن القدس، من فضائها الإعلامي المحلي إلى انتشار عالمي غير مسبوق على مواقع التواصل الاجتماعي. 

إنها إحدى الطرق التي يرى فيها الفلسطينيون سبيلاً لنشر جرائم الاحتلال الاسرائيلي أمام العالم. وجاءت وسائل التواصل لتدفع بها إلى نطاق الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال. 

فتى فلسطيني لم يتجاوز السادسة عشر ظهر خارجا من بين دخان قنابل الغاز حاملا بين يديه صينية من الصفيح واضعاً عليها بعض اكواب العصير المثلج لبيعها للشبان الذين يرشقون قوات الاحتلال بالحجارة. وما أن يقترب قليلا من مكان الشبان حتى يبدأ الجنود بإطلاق قنابل الغاز فلا يستطيع المواصلة. 

وثق هذ المشهد الصحفي في وكالة الأنباء الرسمية أيمن نوباني. 

"الصور التي التقطها يوم أمس كنت انتظرها في كل جمعة تقريبا ولكن ما ان يبدا اطلاق الغاز حتى يختفي أي بائع بالمكان، لكن هذا الطفل رغم إطلاق القنابل لم يبتعد من المكان وبقي يمارس عمله وكأن شيئاً لم يكن"، يضف نوباني قصة الصورة. 

ويضيف: هذه إحدى القصص الإنسانية من ساحة المواجهة... الجميع سيطرح نفس التساؤل ما الذي دفع هذا الطفل للقدوم الى مكان مثل هذا لبيع العصير؟".

والمواجهات الدائرة على حاجز حوارة شهدت الكثير من المشاهد ما بين إعتقال لشبان بكمين من جنود الاحتلال وإعتداء على طفل كان يقود دراجته وإصابات بالرصاص المطاطي وشبان يفترشون الأرض بعد ان أختنقوا من القنابل المسيلة للدموع.

ومن الصور التي التقت على هامش الاحداث الدائرة على حاجز حوارة جنوب نابلس وانتشرت بشكل لافت، صورة لرجلين قرويين يفلحان ارضهما ببذور القمح بأرض قريبة من الحاجز .

أحدهما يعتلي جراره الزراعي والأخر يتقدمه وينثر بذور القمح تحت اعين جنود الاحتلال الذين كانوا يطلقون الرصاص المطاطي على الشبان الذين أشعلوا بعض الإطارات المطاطية على مدخل نابلس الجنوبي.

واحد من هذين الرجلين يدعى أبو حاتم من قرية روجيب شرق نابلس اتى إلى أرضه ليبذرها بحبوب القمح قبيل هطول المطر. كان ينثر حبات القمح وعلى بعد أمتار تدور مواجهة بين الجنود والشبان.

وقرب الحاجز ذاته، أحد نقاط التماس المشتعلة جنوب مدينة نابلس، احتفل الناشط السياسي والشعبي خالد منصور بعيد ميلاده مع الشبان المتظاهرين على مرأى من جنود الاحتلال.

وقال خالد منصور عبر صفحته في فيس بوك "على الحاجز مباشرة .. احلا حفلة عيد ميلاد بحياتي .. عند المتاريس ووسط إطارات المطاطية المشتعلة وبين جموع المناضلين وتحت رصاص المحتلين وغازهم اللعين ..".

يوم أمس بدت المشاهد أكثر حيوية كان هناك بعض الباعة المتجولين الذين قدموا لتأمين قوت يومهم تحت زخات الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع .

رجل في أواخر الخمسينات يحمل أبريق شاي يدور بين الشبان المتواجدين على الحاجز، واخر يبيع القهوة ومن بعيد صوت ينادي من "يريد ماء من يريد ماء".

هذه المشاهد الحية والتي تضفي دائما نكهة خاصة على المواجهات لم تكن جديدة.

ففي هبة القدس مطلع اكتوبر 2015، انتشر فيديو لشاب كان يمارس الدبكة الفلسطينية التقليدية وهو يضرب الحجارة بالمقلاع، وآخر أتى بكرسي وجلس عليه وسط المواجهات بالقرب بيت لحم، ومنهم من التقط لنفسه صور 'سيلفي' والمواجهات خلفه.

مشاهد دائما ما تُلفت عدسات المصورين اليها لتخرجهم من صندوق الصورة الاعتيادية للمواجهات.

المصور في وكالة رويترز عبد الرحيم قوصيني يقول "دائما ما تكون الصور الخارجة عن المألوف هي الصور الاجمل، القصة والصورة المعبرة والجميلة قد تختبىء خلف الحدث الرئيسي والواضح".

ويضيف: "قد تكون القصة الانسانية مهمه بقدر الموضوع العام في المكان وقد تكون أحياناً كثيرة أهم !! عين المصور الصحفي تبحث دوما عن السهل الممتنع وعن اللون المختبىء في المجهول لتقول: هذه الصوره هنا تتحدث الكثير وتنطق بكل اللغات".

ويوضح: "صورة الشاب الصغير يبيع المثلجات بين الدخان والغبار والغاز السام وهو يخبىء عينيه من الغاز ويبحث عن لقمة عيش في ساحة المعركه نقرأ فيها قصة تلخص القضية".