أسواق الخليل القديمة تلفظ أنفاسها الأخيرة

2018-02-13 07:00:42

الخليل- رايــة- طه أبو حسين:

ساعةُ منتصف النهار؛ على مدخل سوق البلدة القديمة (سوق الخواجات) الذي يأخذنا لمسجد ابراهيم الخليل، هناك السبعيني اسحاق قفيشة، برأسه المشتعل شيباً، وعينيه المتحسرتين على الواقع والمشتاقتين لزمن طويت صفحاته في العقدين الأخيرين، يجلس أمام محله التجاري ينتظر أن يفتتح يومه ولو بشيقل واحد.

كوفية وعقال، مسبحة وطاقية، فخاريات وأدوات تراثية مختلفة تعكس هوية الخليل خاصة وفلسطين عامة؛ محتويات المحل الخاصة بالحاج اسحاق قفيشة، منظمة في صورة وضعت لتستقبل السياح، غير أن صاحبهاّ "يَكُشُ الذباب" على مدار ساعات نهاره لأن البلدة القديمة شحيحة الزوار والحركة التجارية.

قبل عقد من اليوم كانت الحركة التجارية والسياحية جيدة كما يصفها قفيشة، بينما تراجعت بعد ذلك الى مستوى متدني، "هذه الفترة الوضع سيء جدا، نفتح ونغلق دون أن يأتي إلينا أحد في بعض الأيام، فقط زوار قليلين نعرفهم بالاسم، أما غيرهم جيش الاحتلال يعرقل مسيرتهم فلا يعودوا، فالوضع سيء من نواحي سياسية واقتصادية".

أما الحركة السياحية وتحريكها للعجلة التجارية، يقول قفيشة "السياح الذين يصلوا إلينا من بيت لحم يكونوا قد اشتروا كل شيء، بالتالي الحركة التجارية ضعيفة الا من الاتراك، يشترون كصدقة وليس شراء رسميا، وهذا يزعجنا ويجرحنا".

تنهّد الحاج اسحاق ثم أسند رأسه على جدار سوق الخواجات وقال "قبل عقود كان هذا الشارع؛ الناس لا يستطيعون المشي فيه بسبب الازمة لأنه الطريق الرئيس للمنطقة الجنوبية والسهلة، لكن منذ مجزرة الحرم وبعد الاغلاقات تغيّرت الصورة كثيرا"

"مشتاق لمحلي والبلدة القديمة في سيرتها السابقة" قال قفيشة.

في عمق الحاج اسحاق تتربع ذكرى ومكانة "هذا المحل والسوق يعنيلي كل شيء في حياتي، فهذا المركز الاساسي لي، وسأبقى فيه حتى نهاية عمري، فالرائحة المميزة فيه رائحة الاباء والاجداد، وأنا تربيت هنا، وقضيت طفولتي بها، وفي كل جزء منها لي تفاصيل وحكايات".